اليوم، أصبحت المملكة حجر الزاوية في المعادلات الإقليمية، قوة سياسية واقتصادية مؤثرة، ترسم السياسات وتحسم القضايا، مستندة إلى إرثها التاريخي وثقلها الجغرافي والاقتصادي والديني.
منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود وصولاً إلى قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حققت المملكة قفزات نوعية في التنمية والتحديث، متكئة على رؤية طموحة توازن بين التقدم والابتكار، بين الأصالة والقيم الراسخة. وبفضل هذه الرؤية، باتت السعودية لاعباً رئيسياً في المنطقة، ليس فقط من خلال سياستها الدبلوماسية وإستراتيجياتها الاقتصادية، بل أيضاً عبر مبادراتها التنموية ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار.
وامتداداً لهذا الدور، لم تقتصر إنجازات المملكة على الداخل، بل امتدت إلى الشرق الأوسط والعالم، إذ باتت الرياض مركز القرار العربي، وركيزة أساسية في النظام الإقليمي. لقد أسهمت في حل النزاعات عبر مبادراتها الدبلوماسية، وتصدت للتحديات الأمنية والسياسية من خلال تحالفاتها الإقليمية والدولية، كما لعبت دوراً محورياً في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والشريك الرئيسي في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، فضلاً عن كونها إحدى القوى الاقتصادية الكبرى في المنطقة.
وكان للمملكة دور محوري في دعم لبنان؛ إذ لم تتوانَ عن مساندته في مختلف المراحل. فمنذ عقود، قدمت السعودية مساعدات اقتصادية وإنسانية كبيرة، وأسهمت في إعادة إعمار لبنان بعد الحروب والأزمات التي مر بها. إلا أن أبرز محطات هذا الدعم تجسدت في اتفاق الطائف، الذي رعته المملكة عام 1989، وشكّل نقطة تحول تاريخية في إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً وأودت بحياة الآلاف.
أخبار ذات صلة
لم يقتصر الدور السعودي على الوساطة السياسية، بل استمر في مرحلة ما بعد الطائف، إذ دعمت جهود الإعمار والتنمية، وساهمت في مشاريع اقتصادية واستثمارية لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وقدمت مساعدات مالية كبرى للبنان في أوقات الأزمات، إضافة إلى استضافة جالية لبنانية كبيرة تسهم في دعم الاقتصاد اللبناني من خلال تحويلات المغتربين.
ورغم التحديات السياسية التي واجهت البلدين في بعض الفترات، ظل الموقف السعودي ثابتاً في دعم سيادة لبنان واستقلاله بعيداً عن التدخلات الخارجية التي كانت تهدد استقراره. ما يعني أن الدور السعودي لم يكن يوماً مجرد دعم اقتصادي أو سياسي، بل كان التزاماً راسخاً باستقرار لبنان وضمان أمنه وازدهاره، وهو نهج ثابت تواصله المملكة حتى اليوم.
ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، تمثل دون شك، مناسبة للبنان ودول العالم العربي للتأمل في مسيرة هذه الدولة التي لم تكتفِ بتحقيق الإنجازات داخلياً، بل أصبحت قوة إقليمية رائدة في الشرق الأوسط.
إنها قصة لم تنتهِ فصولها بعد، بل تتجدد مع كل مرحلة من مراحل التطور التي ستقود فيها المنطقة والعالم نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
0 تعليق