فهد العودة لـ عكاظ: من المستحيل جمع كتب العالم تحت سقف واحد - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يعد الناشر فهد العودة كاتباً مميزاً في علاقته، بالقراءة والكتابة، فهو القارئ الانتخابي، وهو الناشر النوعي، وهو الكاتب الذي لا يتبع ظله، ولا يستعير ظلّ غيره، عرفناه من (مدينة لا تنام)، و(حُبّ في زمن الجاهلية)، و(ما معنى أن تكون وحيداً)، و(قل وداعاً)، و(أخاف عليك)، فكان من أحصنة الوعي التي تأتي متأخرةً بعض الشيء، وسرعان ما تكون لها الصدارة؛ وهنا نص حوارنا معه الذي توزع بين عام وخاص، وآنيٍّ ومستقبلي.

• ما مضمون اتفاقية «كلمات» مع جامعة بكين لنشر الكتب الصينية بالعربية؟؟

•• الاتفاقية هي لترجمة الكتب الصينية إلى العربية والخليجية إلى الصينية كذلك، وتوزيعها في المكتبات الخليجية والعربية، وهي كتب ثنائية اللغة «صينية عربية» لكل كتاب، وتتوزع على عدة مجالات أدبية وفلسفية وغيرها. ‏

• ما هي هذه الكتب؟ ‏

•• هي 10 كتب في مختلف المجالات «الفلسفة، التاريخ، الأدب، وكذلك الدراسات الاجتماعية»، وأبرز هذه الكتب (15 محاضرة في طريق الحرير) والصين من وجهة نظر الكُتّاب العرب في العصر الحديث وكتاب (الأغاني) و(الحوار الفلسفي الصيني العربي)، وما يميز هذه الكتب هو سلاسة المحتوى وأهميته من الناحيتين الفكرية الثقافية، واللغوية كذلك. ‏

• هل هناك مدة زمنية لتنفيذ هذه الاتفاقية، وماذا تشمل؟

•• هذه الاتفاقية هي بداية تدشين المكتبة الصينية في الخليج العربي، وهي اتفاقية لنشر 10 عناوين مبدئياً خلال ثلاثة أشهر بعد الانتهاء من ترجمتها منذ فترة والعمل على تنقيحها ومراجعتها في وقت سابق، ومدة هذه الاتفاقية خمس سنوات، والمشروع الصيني يستهدف ترجمة ونشر وتوزيع 50 كتاباً ثنائيّ اللغة خلال ثلاثة أعوام.

‏• هل هناك خطة معاكسة لديكم لنشر الكتب العربية بالصينية؟

•• قبل هذه الاتفاقية.. وقعنا عقداً مهماً مع الجانب الصيني لترجمة ونشر الأدب السعودي في الصين، وخلال عام اتفقت دار (كلمات) على ترجمة ونشر سبعة كتب سعودية باللغة الصينية، على أن يمتد المشروع إلى ثلاثة أعوام تنشر فيه كلمات 30 كتاباً من الأدب السعودي مترجماً باللغة الصينية في الصين. ‏

• هل هناك لغات أخرى يستهدفها مشروعكم لدعم الكتاب العربي؟

•• نستهدف كل لغة متاحة، ولدينا مترجمون بارزون من اللغة العربية إلى لغة أوطانهم، فمثلاً عبر وكالة (كلمات) قمنا بتوقيع 24 عقداً لترجمة الأدب السعودي إلى مختلف اللغات على رأسها الإنجليزية بالطبع، لكننا استهدفنا لغات أخرى لم يُترجم بها من قبل مثل الألبانية والصربية، وكذلك لدينا عدة ترجمات للغة الكردية، ونستهدف الروسية بعد نجاحنا في استهداف اللغة الإيطالية التي نعمل على ترجمة بعض الأعمال إليها في هذه الأثناء.

• من أين أتت فكرة تأسيس دار كلمات للنشر؟

•• بدأت فكرة الدار عقب مواجهة بعض الصعوبات والعقبات في النشر، كان هاجسي هو الاطمئنان على الانتشار الواسع لمؤلفاتي، وكذلك الحرص على قراءة الكتب الجيدة سواء العربية أو المترجمة، ولم أجد جميع ما أسمو إليه في دار واحدة.. بل كانت امتيازات الدور موزعة بشكل يتمنى معه كل شخص أن يجمع كل ما يحتاج إليه تحت سقف واحد، ومن هنا بدأت فكرة إنشاء دار نشر أنفذ من خلالها كل ما كنت أطمح إليه.. من استقطاب الكتب المميزة، وشراء حقوق الكتب النوعية الفريدة من لغات العالم وترجمتها إلى العربية، والتوزيع والانتشار الرائد والواسع في الوطن العربي، وأتذكر في تلك الأيام حين اتخذت القرار الكمّ الهائل من الأسماء التي جاءت في مخيلتي لتكون اسماً للدار، وطبعاً استعنت بأذواق وأفكار من كانوا حولي ويعلمون بقراري، وجاءت الأسماء متفاوتة، ثمّ لم يتردد (كلمات) في رأسي كثيراً، ووضعت لهذا المسمى أفكاراً عدة ورؤى، وكما ينتبه المبحر في شروده.. انتبهت وقراري كان محسوماً داخلي، إذاً.. فلتكن (كلمات).

• ما هو التوجه الخاص بالدار والمختلف عن توجه بقية دور النشر؟

•• ليس هناك توجه خاص.. بل هي رؤية تتضمن نشر كل ما يثري المكتبة العربية بكتب تبقى على الرف سنين طويلة، مؤلفات خالدة لا يمكن الاستغناء عنها، مثل الروايات العالمية، وترجمة السلاسل الكلاسيكية للكتّاب العالميين بشكل كامل دون اقتطاع بعض الكتب منها، وهو ما لا تجده في دور نشر أخرى.

• هل من إستراتيجية للدار، وماذا تحقق منها إلى الآن؟

•• لكل مرحلة إستراتيجية معينة.. في البداية كان استقطاب الأعمال اللامعة التي تلقى رواجاً هو البداية الفعلية كي تجعل اسم الدار معروفاً، ومن خلال نشر الأعمال العربية التي تلقى رواجاً بين شرائح القراء المختلفة، ثم جاءت المرحلة الثانية وكان التوجه فيها وما زال هو ترجمة الأعمال العالمية، وبفضل الله تحققت هذه الإستراتيجيات بشكل كامل. توجهنا الآن هو بيع حقوق الكتب العربية لتُتَرجم لمختلف لغات العالم.

• أما زال الرهان على الكتاب الورقي قائماً؟

•• الكتاب الورقيّ كالمبدأ الثابت لا يمكن الاستغناء عنه، صحيح أنّ الكثيرين بدأوا بقراءة الكتب الإلكترونية، لكنه لن يلغي ذلك الكتاب الورقيّ على الإطلاق، وهذا ليس رهاناً، فالكتاب الورقيّ كالوردة.. مهما صنعتَ عطراً لن تستغني عنها.

• كيف رأيت النسخة الأحدث من معرض كتاب الرياض الدولي للكتاب؟

•• رائعة، عدد الزوار كان معقولاً، رغم الانخفاض الملاحظ في الإقبال على شراء الكتب، وبالنسبة للفعاليات المصاحبة كانت منظمة أكثر من السابق وبعدد يناسب التظاهرة الثقافية الكبيرة التي تحمل اسم العاصمة الرياض.

• ممَ تخشى على صناعة الكتاب؟

•• أخشى عليها من الاستغلال، والاستغلال يكون على عدة أشكال؛ استغلال الناشر، أو تزوير الكتب، وكذلك استغلال الأسماء ذات الجماهيرية الكبيرة والزج بها في الحركة الثقافية، ليس كلها بالطبع، هنالك مؤثرون خدموا وما زالوا يخدمون الحركة الثقافية ويثرونها بمؤلفاتهم الرائعة، وهنالك أيضاً مؤثرون استُغلَّت أسماؤهم أو استغلّوا بأنفسهم أسماءهم وألّفوا كتباً لا يمكن اعتبارها إضافة للمكتبة العربية.

• هل سوق النشر مُربحة في هذه الأيام؟

•• إذا كنت تقصد الأرباح الطائلة.. فبالطبع لا، لكنها أرباح تساعدك على الانتشار تدريجياً والتوسع في خطتك شيئاً فشيئاً، وهذا لا يعود لقلّة العائد.. بل لارتفاع التكاليف بشكل مبالغ فيه.

• بماذا تجابهون المدّ الرقمي؟

•• لا نجابهه.. بل هو تقنية تساعد على القراءة، ونحن نشجع عليه، نشرنا العديد من الكتب الإلكترونية على التطبيقات المعروفة، وتخطط لإنشاء تطبيق خاص بالدار للكتب الإلكترونية، وكما قلت فإنّ كل شيء يساعد على القراءة نحن معه ولسنا ضده.

• متى يمكننا إعادة شغف القراءة عند الأجيال؟

•• عند تقديم الكتاب الصحيح لكلّ جيل، وإقامة ورش قرائية وإبداعية لمناقشة الكتب بشكل مكثف، وعندما يصبح تلخيص الكتب متطلباً في المراحل التعليمية على سبيل المثال.

• ما مدى تعاونكم مع الآداب العالمية؟

•• تعامل دون حدود، كلّ ما يعتبر إضافة للكتاب العربي فهو فرصة لا يمكن تفويتها، ما زالت «كلمات» رائدة في ترجمة الأدب العالمي من مختلف اللغات، وتسعى إلى المزيد.

• كيف يتم اختيار الكتب التي تترجمها در النشر؟

•• هنالك لجنة خاصة لمتابعة الكتب العالمية، وكذلك ترشيحات الأصدقاء أمرٌ لا غنى عنه، عدا عن دور النشر العالمية التي بنينا معها اسماً وثقةً.. يرسلون قائمتهم المتجددة بين فترة وأخرى، هذا لا يعني أنّك عندما تنظر إلى ما نُشر سابقاً بلغات العالم ستجد الكثير من الروائع التي لم تُترجم، في كلّ يومٍ تُضاف إلى فهرس قراءاتك كتب جديدة، الكثير منها تطمح أن يكون كتاباً عربياً على رفوف المكتبات لأنه مهم، لكنك شيئاً فشيئاً تجد أنّه من المستحيل جمع كتب العالم تحت سقفٍ واحد، فتختار الأهمّ على الإطلاق، ثمّ تعود إلى البقية.

• ما أصعب محطة مررت بها خلال تأسيس الدار والمكتبة والوكالة؟

•• التكاليف الباهظة في البداية، ثمّ الانتشار الذي يتطلب الكثير من الجهد، أما العقبة الأكبر التي ما زالت موجودة.. هي الوقت، في صناعة النشر أنت تسابق الوقت، وترغب في كلّ مرةٍ أن تصبح أفضل، كلّ سقفٍ وصلتَ إليه ترجو اعتلاءَ ما يليه من طموحات، وهو ما يتطلب جهداً مضاعفاً ومصادر تمويلية أكبر، أما قلق البداية.. هاجس البدايات الذي يصاحب كلّ فكرة، فهو موجود إلى الآن، ولا أتحدث عن هاجس الفشل، بل هاجس الوصول إلى أن تكون (دار نشرنا) هي الدار الأولى في الوطن العربي، كوننا في وطنٍ أتاح لنا كلّ شيء كي نحقق ما نريد.

• ماذا عن الوكالة الأدبية، ما هي؟ وما آلية عملها؟

•• الوكالة في مفهومها الشائع هي وكالة لتمثيل دور النشر العالمية وبيع حقوق ترجمة كتبها إلى لغة جديدة، مثلاً وكالة (كلمات) اتفقت مع دور نشر عالمية عدة، لتمثلهم في الوطن العربي، ويتم بيع حقوق كتب تلك الدور عبر وكالتنا، فبالتالي يكون الوسيط (الوكالة) عربياً، مما يسهّل عملية التفاهم والوصول إلى اتفاقية سريعة، وهذا هو المفهوم الشائع. لكن الوكالة الأدبية في أهمّ صورها هي ممثل قانوني للمؤلف؛ بهدف انتشاره وتسويقه عالمياً عبر ترجمة كتبه إلى مختلف اللغات، وفي المملكة العربية السعودية.. تمكّنا في عصر الرؤية وبدعم كبير من هيئة الأدب والنشر والترجمة من تحقيق هذه الأهداف، وتكوين جسور ثقافية قوية بين الأدب السعودي ومختلف الدول، وهذا هو أهمّ أهداف الوكالة، أما آلية العمل فهي تتلخص باتفاق بين المؤلف والوكالة.. تبحث بعده الوكالة عن كلّ فرصة لترجمة ونشر كتابه خارج الوطن العربي وبلغة جديدة، مما يجذب له وللأدب السعودي الأنظار، كما هو الحال في الأدب الغربي الذي وجد نفسه يغرّد خارج السرب.. بعد أن سبقونا بفكرة (الوكيل) بمراحل، لكنّ القمّة تتسع للجميع، ولا أظنّ أننا بعيدون عنها في ظلّ رؤية المملكة 2030.

• هل ترى أن الكاتب بحاجة إلى الوكالة لتحظى كتبه بالانتشار الذي يرجوه والترجمة التي يسعى إليها؟

•• بالتأكيد، الوكالة، شبكة واسعة من العلاقات الدولية، بين دور النشر، والوكالات الأخرى والمترجمين والمؤلفين، لا يمكن الاستغناء عنها إلا في حالات بسيطة لا أعتقد أنها موجودة الآن، فهي جسر يربط بين المؤلف وكل ما له علاقة بالنشر بلغات أخرى، المفاوضات وضمان جودة الترجمة والمتابعة القانونية والمالية والتسويقية والترشح للجوائز وتسهيل عمل لقاءات ومقابلات إعلامية للمؤلف بمختلف أجهزتها المسموعة والمرئية والمقروءة، كلّ ذلك يتطلب جهداً ووقتاً لو صرفه المؤلف عليها لما تفرّغ أبداً لإبداعه الثقافي.

• هل هي خطوة إستراتيجية لدار النشر، رغم أن كتبها توزع في كل المكتبات الأخرى؟

•• من ضمن الخطة الإستراتيجية، افتتاح فروع عدة لمكتبة (كلمات) حول الخليج، وكتبنا تُوزع في المكتبات الأخرى ولكن ليس جميعها، فالمكتبات تعتمد على الكتب الأكثر مبيعاً من كلّ دور النشر.

• ماذا عن الكتب التي لا تلقى رواجاً كبيراً لكنها مهمة؟

•• لا بدّ من طريقة لعرض هذه الكتب للقراء، وكذلك فإنّ المكتبة أحد مفاتيح الانتشار التي تُضفي قوةً للاسم الثقافي، وتمنحك العديد من الامتيازات في حال رغبت بشراء حقوق كتاب وترجمته.

• ما المختلف في مكتبة (كلمات) عن باقي المكتبات التي تبيع الكتب؟

•• عدا عن توفر جميع إصدارات الدار دون استثناء.. فإنّ مكتبتنا خصصت ركناً فاخراً للقراءة، ومقهى يجذب غير القارئ ليصبح قارئاً في يومٍ ما، ليست كلّ المكتبات متشابهة، صحيح أنّ آلية العمل تقريباً متشابهة، لكن لكل مكتبة بصمتها من حيث تنوع الإصدارات لديها وعدم وجودها في مكان آخر، وطريقتها المميزة في جذب القارئ عبر ما تقدمه له من خدمات وتخفيضات وغيرها.

• كل هذه المشاريع تأخذ من فهد وقته، متى يجد لنفسه الوقت ليكون كاتباً؟

•• كما يقول محمود درويش «هذا سؤال الآخرين ولا جواب على السؤال رغم أنّ درويش كان يجيب عن سؤال آخر من أنا»، إلا أنّ سؤال «أين أنا» هو تساؤلٌ يضفي الحيرة، النشر يأخذ الكثير من الوقت.. بين قراءة ومراجعة الكتب المترجمة وغيرها، والاطلاع على الجديد حول العالم لتواكب صناعة النشر، فإنّ الكتابة تصبح هاجساً متعباً عوضاً عن كونها ملجأ للراحة، ربما أجد استراحة المحارب عقب سنة أو أكثر، لكن ما زالت جبهات النشر مفتوحة على مصاريعها، نعم أجد بعض الوقت لأقرأ ما يهمني وأرغب به، وأجد أحياناً بعض الوقت للكتابة، لكنه لا يكفي لأكون كاتباً كما كنت.. لأنّ التفرّغ الكافي ليس خياراً متاحاً للناشر.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق