كان عام 2020 صعباً بما يكفي. وآخر شيء كان يحتاجه العالم هذا العام هو الأسلحة النووية. ففي 26 سبتمبر 1983 تلقى الضابط العسكري السوفييتي ستانيسلاف بيتروف إنذاراً بهجوم صاروخي أمريكي وشيك.
أمام خيار إطلاق صاروخ نووي من الغواصة، اتخذ بتروف قراراً في جزء من الثانية بأن التحذير يجب أن يكون خطأ. وقد أنقذ اختياره عدم إطلاق سلاح نووي، العالم من الاحتمال المروع لحرب نووية.
وتكريماً لبيتروف، يحتفل العالم في 26 سبتمبر باعتباره اليوم الدولي للقضاء التام على الأسلحة النووية.
وفي هذا العام 2020، تعاملنا مع كل شيء، بدءاً من الكشف عن الأسباب التي أشعلت حرائق غابات مميتة وأطلقت أسراب الجراد ودبابير القتل، وأخيراً الوباء العالمي (كورونا)؛ لذلك قد يبدو أن الحديث عن الأسلحة النووية مجرد صقيع إشعاعي على كعكة نهاية العالم.
لكن الأسلحة النووية تشكل أحد أخطر التهديدات لبقاء الإنسان، وهناك إجراءات ملموسة يمكن لقادة العالم اتخاذها الآن، للتأكد من عدم استخدامها مرة أخرى والتخلص منها نهائياً.
وأحد هذه الإجراءات هو أن تسن الولايات المتحدة رسمياً، سياسة «عدم الاستخدام الأول»، مما يعني أن الولايات المتحدة لن تُطلق أبداً أول سلاح نووي في أي نزاع نووي.
وهذا أمر بعيد كل البعد عن كونه مجرد لفتة رمزية.
أثناء شروعي في كتابة الفقرات القليلة الأولى من هذا المقال، كان يمكن للرئيس الأمريكي الحالي أن يقرر من جانب واحد، إطلاق سلاح نووي لمجرد نزوة، دون إذن أو موافقة أي شخص آخر.
لقد أعرب رئيسنا الحالي بسعادة عن رغبته في استخدام الأسلحة النووية ضد الخصوم الأجانب والأعاصير. كما أعرب عن رغبته في نقل سباق التسلح النووي إلى طبقة الستراتوسفير الجديدة الأكثر فتكاً.
والواقع أن معظم الأمريكيين لا يقضون كثيراً من الوقت في القلق بشأن الأسلحة النووية، على الرغم من أن الملايين منا يعيشون بالقرب من المنشآت النووية أو حتى الصواريخ نفسها.
وفي الوقت الحالي، يعد خطر نشوب حرب نووية هو الأكبر منذ ذروة الحرب الباردة. وقد تم ضبط نشرة يوم القيامة لعلماء الذرة على 100 ثانية فقط قبل منتصف الليل، وهي أقرب نقطة شهدناها على الإطلاق لنهاية العالم النووية في تاريخ الساعة.
وهذا لا يساعد أن الرئيس ترامب سحب الولايات المتحدة من معظم اتفاقيات الحد من الأسلحة الدولية التي خففت التوترات ومنع نشوب صراع نووي، بما في ذلك خطة العمل الشاملة المشتركة (المعروفة أيضاً باسم صفقة إيران) والقوى النووية متوسطة المدى، ومعاهدة (INF)، ومعاهدة الأجواء المفتوحة.
كما أنه يخطط للسماح بانتهاء صلاحية معاهدة ستارت الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة في فبراير 2021. وفوق ذلك، أفادت التقارير بأن إدارة ترامب ناقشت إجراء تجارب نووية حية لأول مرة منذ عام 1992.
إن الأسلحة النووية تعرضنا جميعاً للخطر. ولدينا جميعاً مصلحة في ضمان عدم تدمير الكوكب الوحيد الذي لدينا في محرقة نووية. وحتى الدخان والسخام الناجم عن حرب نووية من شأنه أن يغرق العالم في الظلام، مما سيتسبب في انخفاض درجات الحرارة العالمية ونهاية الحياة على هذا الكوكب.
ومثل ستانيسلاف بيتروف، يمكننا إنقاذ العالم من احتمال نشوب حرب نووية. وفي الوضع الحالي لسياسة الأسلحة النووية العالمية، ليس كل شيء يدعو لظلامية ما سمى بيوم القيامة، فقد أحرزنا بعض التقدم المذهل في العامين الماضيين.
تكريماً لستانيسلاف بيتروف، نحن قدامى المحاربين الذريين، والناجين والضحايا من هيروشيما وناجازاكي والتجارب النووية في جميع أنحاء العالم، لنجعل عام 2020 هو العام الذي نزيل فيه الأسلحة النووية إلى الأبد.
* مديــرة الإعـلام فــي معهد دراسـات السياسات والأفكار الجريئة وتحدي السياسات غير العادلة (فورين بوليسي إن فوكس).
0 تعليق