ومن يسعده الحظ بقراءة أحدث نتاج سيري للدكتور هاشم: (ملوك وأمراء وزعماء وشخصيات في ذاكرتي) سيُدرك فوراً أن لشخصية صاحب (إشراقة) مقوّمات قلّ ما تتوفّر فيمن أُغرِمَ بمهنة البحث عن المتاعب، فهو منذ البدء يفرض نفسه بمهارته ونتاجه، مقتحماً حقول ألغام السياسة ودهاليزها باحترافية؛ ليلتقط جوهر القضايا بما فيها (الشائكة)، ثم يُسهب في تناولها بحسٍّ وطنيٍّ، يولّد في القارئ الحيرة والغيرة، كيف لا وهو صاحب المقولة السحرية: «كل خبر قابل للنشر إن أجدت صياغته».
هذا عن الكاتب، أما عن الكتاب، فقناعتي أن شخصية كاتبه ألقت بظلّها على المكتوب، فالعبقرية التي عرفتها بالاقتراب من (رئيسي السابق)، باعتباري تشرّفت بالعمل معه مرؤوساً، هي العبقرية ذاتها وهو يؤلف، فالسيرة التي يكتبها عن الملوك والأمراء يُمرر بين سطورها -بالحس الصحفي ذاته- (معلومة، ملاحظة، نقداً شفيفاً ومبطّناً)، ربما لم يسبق قولها من قبل، وربما لا يتاح قولها لاحقاً، فهو قنّاص سريع الملاحظة والبداهة، وكل ملك يروي سيرته معه بدءاً من الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمهم الله، تشعر أنه يكتب تحوّلات وطن حاضر في ذهنه بطول كل سطر، ولستُ ممن يسلّم بالعنوان الذي يشي بأن السرد يعتمد على الذاكرة، بل أستاذنا كاتب له أرشيفه المُنظّم، ولا أبالغ إن رجّحتُ إرهاقه لنفسه في سبيل استدراك ما فات عليه سابقاً؛ لإثراء القارئ، واحترامه لتاريخه وتجربته.
فيما كان الحديث عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حديث الإعجاب والتحليل لشخصية جمعت بين العلم، والثقافة، والوعي السياسي، والإلمام بالتاريخ، ما نال به ثقة إخوته الملوك؛ لذا كُلّف بمهماتٍ جسام كان أهلاً لإنجازها وحلّها وحلحلتها، بحكم ضلاعته في التعامل مع مختلف القضايا، وحرصه على تبادل الرأي مع ذوي الاختصاص، وإيمانه بالواقعية السياسية.
وتناول الكتاب في جزئه الأول، إضافةً إلى الملوك، الأمراء سلطان بن عبدالعزيز، ونايف بن عبدالعزيز، وتركي بن عبدالعزيز، وماجد بن عبدالعزيز، وعبدالله الفيصل، وخالد الفيصل، وسعود الفيصل، من خلال اللقاءات التي جمعت المؤلف بهم، والرحلات التي رافقهم فيها، والمناسبات التي التقوا خلالها.
ولا تملك عقب طيّ الصفحة الأخيرة من كتاب يكتسب أهميته من الشخصيات التي ورد ذِكْرُها العَطِر فيه إلا أن تقول: هاشم عبده هاشم «رافق الملوك والأمراء وتخلّق بأخلاقهم الراقية».
0 تعليق