هذا القرار في كل مرة أرجئه كلما منحني صديق صفحة بيضاء في حسابه، أي وضعني في مجموعته الخاصة الضيقة سواء على «الواتس» أو الحالة الخاصة في «السناب».. بفعلته تلك يعطيني بهاء وكبرياء يقذفان في داخلي طاقة حياة بمجرد أن أجد نفسي ضمن الصفوة من الدائرة الضيقة لأحبائه، وكأنه يمنحني السكن في المدينة الفاضلة.
ومع أن تلك المجموعات «الواتسابية» و«السنابية» أصبحت بديلاً لمجالس الأصدقاء القديمة الناقلة لأحوال البشر، مثل زمن بدائل الخشب للجدران، وبدائل الرخام للأرضيات، إلا أنني أدعوك ألا تفرح إن وجدت نفسك فجأة داخل مجموعة ضيقة خاصة في«الواتس» أو «السناب».
أما لماذا لا تفرح؟ فأقولها لك وبكل صراحة: المعنى الأعمق لعضوية تلك المجموعات الضيقة أن صاحبها «قناص الأوفياء»، وضعك في حياته الخاصة، وجعلك من المقربين المخلصين حوله.. فعليك أن تضيء حياته بحب ووفاء.. بادله الحب بالحب، والوفاء بالوفاء، وهذا من عادات الفضلاء الذين يزكون أصدقاءهم على أنفسهم، في زمن أصبحت الحياة تعج بناكري الجميل، وإن لم تستطع أن تفعل ذلك فلا تكن عضواً في مجموعته تلك الخاصة.
هل عرفت لماذا لا تفرح؟ لأن هذا الرجل الوفي حمَّلك أمانة تحمل عدة قيم، أهمها: مخافة الله، كتمان الأسرار، عدم إصدار الأحكام، وعدم أخذ فكرة سيئة عما رأيت من محتوى سواء وافق فكرك أو معتقدك، فكن مثل التابعي شُريح القاضي، كان في الفتن (لا يستخبر ولا يُخبر).. هذا كله يدعونا لأن لا نجعل من هواتفنا المحمولة سبباً لأوزار نحملها معنا يوم العرض على الخالق سبحانه.
عد إلى طفولتك حين تتعامل مع أولئك الأصدقاء الأوفياء.. احتفِ بهم كما كنت تحتفي بالمطر.. اتكئ عليهم كما كنت تتكئ على أبيك وأمك.. املأ قلوبهم بثلج وفائك كما كنت تملأ الثلج في خزان الماء في بيتك.. سخن لهم حرارة حبك كما كنت تسخن الماء للاستحمام أيام الشتاء.. إن فعلت ذلك معهم ستكون لهم صديقاً قلبه مدينة.
0 تعليق