يعتبر إسقاط نظام الأسد، الذي امتد قرابة الخمسين عاماً، شأناً مهماً على المستوى الإقليمي والدولي على حدٍ سواء، ولا يمكن تجيير ذلك بالتدخل التركي الأخير، حيث إن انهيار النظام بهذه السرعة واستلام الفصائل السورية المسلحة السلطة لم يرد في أي حسابات تركية أو روسية.
اليوم تقف قيادة الفصائل السورية المسلحة وهيئة العمليات العسكرية على محك مأزوم ومسار مكلل بالصعوبات لاستعادة الدولة السورية، وسلطة المؤسسات الشرعية، وإحلال السلام على كامل الأراضي السورية، والعودة للمنظومة العربية والدولية تباعاً بما يوحي بالثقة في قدرة الدولة السورية للمشاركة في الفعاليات الدبلوماسية ضمن منظومة جامعة الدول العربية والمنظمة الدولية والقانون الدولي.
تاريخ النظام السوري السابق كان حافلاً بالعنف، وغير مكترث بالقانون الدولي، وتحمّل الكثير من الانتهاكات بحق شعبه، وبحق الشعوب المجاورة، ولا يخلو إرث بعض الفصائل السورية المسلحة من شبهات التطرف والارتباط بالمنظمات الإرهابية. العالم العربي والمجتمع الدولي يقف اليوم مراقباً لما تحمله الأيام القادمة من خطوات تأخذ سوريا الدولة إلى بر الأمان بعد كل هذه العقود من أزمة الهوية والانتماءات المأزومة شرقاً وغرباً، وهذا عبء كبير على قادة هذا الحراك لطرق باب الانخراط الجديد في العالم العربي والمؤسسات الدولية لتحقيق الرخاء للشعب السوري المتطلع للسلام والعيش المشترك والمساواة والعدالة.
الأحب لقلوب الشعوب العربية أن تتبلور رؤية قادة التغيير في سوريا بشكل عاجل ولغة صارمة لا تقبل التأويل، لتوليد سوريا الجديدة بهوية وطنية، ودور فاعل نحو مواطنيها ومحيطها العربي، ودورها وموقفها تجاه التطرف والإرهاب، والامتناع عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، والمشاركة في الفعاليات الدولية لمحاصرة الظواهر المشبوهة التي تزعزع الاستقرار في المنطقة.
المجتمع الدولي ككل ينظر لرؤية المبادرات بالانفتاح على أخطاء الماضي، والعمل الدستوري والتشريعي على عدم السماح لها بالتشكل، والمبادرة بشكل واضح بمشاريع وطنية للعمل الوطني البناء وحسن الجوار، وعودة المهجرين واللاجئين ضمن خارطة طريق بإجماع وطني تعيد إلى الدولة والشعب السوري الطمأنينة والمسار التنموي المأمول.
0 تعليق