حوار: أحمد فاضل
أكتب وأرسم ما يلامس الوجدان ويعبر عن قضايا المجتمع بقلمي وريشتي.
الرواية رسالة إنسانية ومساحة للتعبير عن الذات ورؤية للمجتمع.
“ليلى والحب المستحيل” هي الرواية الأقرب لقلبي والجسر الرابط بيني وبين قرائي، وكتبتها في جزئين، وبلغتين، ورسمتها في أربعين لوحة.
في مزيج من الكلمات المنسوجة بعناية والروح التي تأبى إلا أن تُترجم أحلامها وآلامها، تلتقي أمل عوض الروبي القراء كأديبة متفردة، تجمع بين رهافة الشاعر ورؤى الروائي وعمق الفنان.
سطورها ليست مجرد حروف تُكتب، بل حياة تُرسم بلوحات أدبية وشعرية تتجاوز حدود اللغة لتلامس القلب والوجدان.
الأديبة أمل الروبي
ترى أن الإبداع يرتقي ويتعاظم كلما اتسعت مساحة الحرية
في حوارنا معها، نغوص في عوالمها الإبداعية لنكتشف قصتها، وكيف ولدت الكلمة عندها، كيف اشتعل الحرف لتتحول الصفحات إلى مرايا تعكس تجارب إنسانية صادقة، ومشاهد ناطقة من الحياة.
نجد الروبي أديبة من طراز رفيع لا تكتب إلا ما يلامس الوجدان، ولا تنقش إلا ما يحرر العقل.
من خلال إبداعاتها الأدبية، تأخذنا إلى عوالم عاطفية وإنسانية عميقة، وفي أعمالها الشعرية والروائية تتسلسل المشاعر والأفكار كما لو كانت موسيقى تتناغم مع نبضات القلب.
في رائعتها “ليلى والحب المستحيل”، تغزل الروبي قصة فتاةٍ من أسرةٍ مهاجرة بين دولٍ مختلفةٍ من الشرق والغرب، لتصطدم في رحلتها بثقافاتٍ متعددةٍ وأحياناً متضاربةٍ، وصولاً إلى قصة ليلى مع الوطن والحب والحرية.
وفي “أحياناً نولد مرتين”، تروي لنا الروبي قصة إنسانية تتجدد فيها الأرواح، حيث يعيد الزمن خلق نفسه عبر تجربة شخصية عميقة تستحضر فيها فكرة الولادة مجددًا عبر آلام التحولات.
أما “ديوان حب ممنوع”، فهو ديوانها الشعري الأول الذي يجمع بين اللوحة والكلمة، ويبوح بين سطوره بصراع دائم بين القلب والعقل، في معركةٍ ضروسٍ لا تنتهي وتكمل ما بدأت في ديوان “لو كنت أعرف” الذي يحملك على قارب من أمواجٍ وجدانيةٍ عاتيةٍ عبرت عنها الشاعرة بدقة.
وفي “فوتوسيشن”، تندمج الأفكار والمشاعر في لوحة أدبية غنية معبرة عن الفروق المادية والاجتماعية والثقافية بين الطبقات، لتسلط الكاتبة الضوء على وجهيِّ الواقع الحقيقي والمزيف. بينما تذهب في “ورقة لوتري” إلى دراسة مفهوم الأمل النابع من الألم وكيف يمكن أن ينكسر حيناً أو يكبو وينتصر في حينٍ آخر.
أما في “أرجوحة العشق”، فتعكس الروبي حركة المشاعر بين الماضي والحاضر، والحب والخوف، والصبا والنضج لتصور قصة تذبذب الخطى بين العقل والقلب، حيث يصبح الحب عبارة عن لعبة قدرية لا نهاية لها.
وفي “هي وقاهر النساء” تجد نفسك أمام عالم النسويات وما يحمله من مظلوميةٍ وظلمٍ أحياناً، في مقابل الطرف الآخر الأكثر تحفظاً وربما تشدداً من الذكوريين وكيف تشتعل المواجهة بينهما على يد بطلي القصة وأمام منصة القاضي.
كل هذه الأعمال وغيرها تعكس قدرة أمل عوض الروبي على التنقل بين الأنواع الأدبية، من الشعر إلى الرواية، لتؤكد من جديد مكانتها كإحدى أبرز الكتّاب الذين يجسدون الروح البشرية بكل ما فيها من تضاربات وأحلام وآلام.
إنها ليست مجرد كاتبة، بل عاشقة للكلمة والفن في أبهى صوره. نبدأ معها رحلتنا بالسؤال الأول الذي يعيدنا إلى نقطة البداية: “من هي أمل عوض الروبي؟ وكيف بدأت رحلتها في دروب الإبداع؟”
التقيناها في نيويورك وكان لنا معها الحوار التالي:
حدثينا عن نفسك؟
أنا أمل عوض الروبي، روائية، شاعرة، رسامة، وكاتبة مقال في جريدة عرب أستوريا الصادرة من نيويورك.
كيف بدأت رحلتك مع الكتابة، سواء في الشعر أو الرواية؟ وهل كان هناك شخص ما أو موقف ألهمك للكتابة؟
بدأت الكتابة في سن الثالثة عشرة، وكانت بدايتي مع الشعر، ولا زلت أحتفظ بدفاتر أشعاري القديمة حتى الآن. تأثرت بأشعار نزار قباني، ولاسيما تلك التي غناها القيصر كاظم الساهر، وكانت أحد أهم مصادر إلهامي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى تفوقي في الأدب والنصوص وحبي لدراسة اللغة العربية وحفظ نصوصها منذ نعومة أظافري.
الأديبة أمل الروبي
ما هو أول عمل أدبي كتبته، سواء شعري أو روائي؟ وما الذكرى التي تحملينها عنه؟
أول عمل أدبي لي كان قصيدة شعرية، ربما لا أذكر عنوانها ولكنني أذكر جيداً إحساسي الفريد بعد كتابتها. أما عن فن الرواية، فقد كتبت أولى رواياتي خلال فترة الجامعة إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لكنها ظلت أسيرة أدراجي ولم تُنشر حتى اليوم. قد يأتي يوم أنشرها. أول عمل أدبي نشرته كان ديوان حب ممنوع عام 2019، الذي حققت فيه حلمي بدمج الكلمة مع اللوحة ليشكلا معاً إحساساً شديد العمق، حيث تضمن الديوان أكثر من خمس عشرة لوحة من أجمل ما رسمت على مدار سنوات.
مؤلفات الأديبة أمل الروبيمؤلفات الأديبة أمل الروبي
الكتابة بالنسبة لكِ: هل هي رسالة إنسانية أم مساحة للتعبير عن الذات؟
الرواية بالنسبة لي تحمل كلا الهدفين معاً، وإن كانت الرسالة الإنسانية تبدو أكثر وضوحاً فيها. أما الشعر، فهو مرآة الوجدان في أغلب أغراضه، ورسائله تبقى ضمنية وغير مباشرة بين السطور.
من هم الأدباء والشعراء الذين أثروا في أسلوبك وتركت أعمالهم بصمة على تجربتك الأدبية؟
تأثرت بعدد كبير من الشعراء منذ طفولتي، أبرزهم نزار قباني، فاروق جويدة، أحمد مطر، ومن الشعراء الشباب وسام عمارة.
الأديبة أمل الروبي
كيف تختارين موضوعات أعمالك الأدبية؟ وهل تعتمدين على الإلهام اللحظي أم على تخطيط مسبق؟
الشعر بالنسبة لي إلهام لحظي بحت، وكذلك الرسم. أما الرواية، فتبدأ بإلهام أو خاطرة لكنها تحتاج إلى تخطيط وتطوير لتتحول إلى عمل أدبي متكامل.
الأديبة أمل الروبي
حدثينا عن مجموع أعمالك الأدبية؟
صدر لي حتى الآن تسعة كتب: ديوانان شعريان مزودان باللوحات، وست روايات، منها رواية تتكون من جزأين.
أسماء الكتب بالترتيب:
حب ممنوع، ليلى والحب المستحيل (الجزآن الأول والثاني)، أحياناً نولد مرتين، هي وقاهر النساء، لو كنت أعرف، ورقة لوتري، أرجوحة العشق، وأخيراً فوتوسيشن.
كيف تجدين التوازن بين كونك شاعرة وكاتبة رواية؟ وهل هناك فرق في طريقة التعبير بينهما؟
بالتأكيد هناك فرق. الشعر يعتمد بشكل أكبر على العاطفة والوجدان، وهو انعكاس صادق للمشاعر. أما الرواية، فهي تتطلب تغليف الواقع، بجماله وقبحه، بخيال متزن، مع الحفاظ على الموضوعية عند عرض الشخصيات والأحداث.
الأديبة أمل الروبي
ما هي أبرز التحديات التي واجهتها كامرأة في الساحة الأدبية؟
الحقيقة أن التحديات التي واجهتها في الساحة الأدبية قليلة مقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي، نادرًا ما أواجه مضايقات، وقد حظيت بتقدير وإجلال كبير بفضل وضعي لحدود واضحة في التعامل، التحدي الأكبر هو الموازنة بين الالتزامات الأسرية وشغفي بالأدب والفن.
الأديبة أمل الروبي
في رواياتك وقصائدك نجد عمقًا وجدانيًا واضحًا… كيف توازنين بين العاطفة والفكر في كتاباتك؟
الأمر ليس متعمدًا، بل أترك إحساسي ينساب بشكل طبيعي في صورة كلماتٍ تتضمن أحداثًا وشخصياتٍ ومشاهدَ تنطوي على حكمةٍ أخيرةٍ تصل للقارئ دون تصنعٍ أو توجيه مباشر.
هل تميلين إلى الكتابة بالفصحى أم العامية؟ ولماذا؟
في الشعر أميل للفصحى، لكن لدي قصائد بالعامية. أما الرواية، فعادة ما يكون السرد بالفصحى والحوار بالعامية بحسب شخصيات الرواية، إلا إذا كان الحوار يدور بين شخصيات أجنبية، فأستخدم الفصحى. أعتقد أن استخدام العامية في الحوار يمنح العمل واقعية وحيوية، كأنك تشاهد فيلماً أو مسلسلًا.
الأديبة أمل الروبي
ما هو النص أو العمل الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا يحمل هذه المكانة؟
رواية ليلى والحب المستحيل هي الأقرب إلى قلبي، لأنها أولى رواياتي وأهمها، حيث بذلت فيها جهدًا كبيرًا، وكتبتها ورسمت مشاهدها في ما يقارب الأربعين لوحة على مدار سنوات، وأشرف على الانتهاء من ترجمتها للإنجليزية. وتتناول قصة فتاةٍ من أسرة مهاجرة بين الشرق والغرب، وتحمل بعضًا من جوانب حياتي، وقد أهديتها لروح والدي إذ كتبتها بعد وفاته لتكون رسالة حب ووداع لروحه الطاهرة.
الأديبة أمل الروبي
كيف تؤثر البيئة من حولك على إبداعك، سواء في كتابة الشعر أو الرواية؟
بالطبع تؤثر، فالإبداع يرتقي ويتعاظم كلما اتسعت مساحة الحرية، والغرب يتسم بارتفاع سقف الحريات، وعلى الرغم من أنني أعيش في الغربة، إلا أن قلبي ووجداني لا يزالان في الوطن.
هل للأحداث السياسية والاجتماعية مكان في أعمالك؟ وكيف تنعكس في أدبك؟
بالتأكيد. تنعكس الأحداث في أعمالي من خلال رؤيتي وفهمي لها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ما هو دور الكاتب والشاعر في مجتمعه؟
الأديب هو مرآة مجتمعه، وعليه مسؤولية نقل الحكمة والإلهام للقراء، وتقديم تجربة فنية نقية تترك أثرًا عميقًا في روح القارئ، فالكلمة أمانة، والقلم سلاح ذو حدين، يمكن أن يبني أو يهدم، ولذا يجب استخدامه بحذر لأن تأثيره يمتد إلى أعماق الزمان والمكان والإنسان والمجتمع.
الأديبة أمل الروبي
0 تعليق