خلال زيارتي الأخيرة إلى جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية (TUFS)، لفتني الشغف الكبير الذي يبديه الطلاب اليابانيون لتعلم اللغة العربية. لكن ما أثار اهتمامي أكثر هو اختيارهم للكويت تحديداً كوجهة مفضلة، رغم تعدد الخيارات الأخرى في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن العدد المحدود للمنح الدراسية، الذي لا يتجاوز 6 إلى 8 مقاعد سنوياً في جامعة الكويت، لا يواكب هذا الإقبال المتزايد، مما يعكس فجوة بين الطلب والإمكانات المتاحة.
إن العلاقات الدولية لا تُبنى فقط على الدبلوماسية الرسمية، بل على الروابط الثقافية والتعليمية التي تصنع الفارق في المدى الطويل. وهنا يأتي دور المنح الدراسية، ليس كعمل خيري مجرد، بل كأداة لتعزيز شراكات استراتيجية حقيقية. نحن لا ندعو إلى زيادة الميزانية أو إرهاق المال العام، بل إلى إعادة ترتيب الأولويات وفق رؤية أكثر فاعلية.
![](https://staad-arab.com/content/uploads/2025/02/08/1afab8835c.jpg)
منذ 35 دقيقة
![منال العصفور](https://staad-arab.com/content/uploads/2025/02/08/ddd9939c87.jpg)
منذ 39 دقيقة
فمن غير المنطقي أن نمنح عدداً متساوياً من المقاعد لدول لا يشكل تعلم طلابها للغة العربية أي فائدة مستقبلية للكويت، بينما دول مثل اليابان - رابع أكبر اقتصاد في العالم وشريك استراتيجي مهم - تحصل على عدد محدود من المنح، رغم الإقبال الكبير من طلابها على الدراسة في الكويت. آن الأوان لإعادة النظر في توزيع هذه الفرص، بحيث تُوجه إلى دول تعزز مكانة الكويت اقتصادياً وعلمياً واستثمارياً، بدلاً من الاستمرار في منحها لدول لا تحقق لنا أي مردود حقيقي. فالمنح الدراسية يجب أن تكون استثماراً استراتيجياً يخدم المصالح الوطنية، لا مجرد مبادرة خيرية لا مردود لها.
فالاهتمام المتزايد من الجيل الياباني الناشئ بالكويت وثقافتها، يمثل فرصة استثنائية لا ينبغي إغفالها. هؤلاء الطلاب ليسوا مجرد دارسين للغة، بل يمكن أن يكونوا جسراً لتعزيز العلاقات المستقبلية بين البلدين.
وقد لمستُ ذلك من خلال لقائي بخريجين يابانيين درسوا في الكويت، وأصبحوا سفراء غير رسميين لثقافتنا في بلادهم، ينقلون تجاربهم الإيجابية ويشجعون غيرهم على اختيار الكويت كوجهة تعليمية. وهذا يؤكد أن الاستثمار في هؤلاء الطلاب يتجاوز البعد الأكاديمي، ليصبح رافداً للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين.
وفي هذا السياق، نتطلع بأمل إلى القيادة الجديدة لجامعة الكويت، برئاسة الأستاذة الدكتورة دينا مساعد الميلم، التي باشرت مهامها أخيراً، حاملة معها سجلاً أكاديمياً وإدارياً مميزاً. ونأمل أن تسهم رؤيتها في تحويل الجامعة إلى مؤسسة ديناميكية تتكيف مع المتغيرات المحلية والدولية، انسجاماً مع توجهات العهد الجديد، حيث تكون مصلحة الكويت فوق الجميع. ونظراً لخبرتها في مجال الأبحاث والتخطيط، فإننا نثق بأنها ستدرك أهمية إعادة توجيه المنح الدراسية الأجنبية، بما يعزز دور الجامعة كمركز للتعليم والتبادل الثقافي، ويضع مصلحة الكويت أولاً وأخيراً.
إن الاستثمار في الطلاب اليابانيين ليس مجرد خطوة أكاديمية، بل رهان إستراتيجي يعزز مكانة الكويت على خريطة التبادل الثقافي الدولي. ومع القيادة الجديدة لجامعة الكويت، لدينا فرصة حقيقية لمواكبة هذا الطلب المتزايد والاستفادة منه. ونحن على ثقة بأن الجامعة، برؤيتها المتجددة، قادرة على اتخاذ خطوات جادة لاقتناص هذه الفرصة، وتعزيز دورها كمركز تعليمي وثقافي إقليمي.
* المؤسس والرئيس التنفيذي – مركز ريكونسنس للبحوث والاستشارات
0 تعليق