تعويم - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

لا تذهب الفكرة هنا، إلى الحديث عن تعويم العملة، وإنما تذهب إلى تعويم مجموعة من الأطر الضابطة لمجموعة العلاقات التي تقوم بين أي طرفـين، وتذهب الفكرة هنا أكثر إلى ترك مجموعة التشنجات التي تحدث بين الأطراف الذين تجمعهم علاقة ما، دون حل، على اعتبار أن الزمن كفـيل بتجلية الكثير من الشوائب التي تستجد لتشويه العلاقة، مع أن تركها «وبوعي الجميع» خطر على مجمل العلاقات القائمة بين الناس، فهي بمثابة السرطان الخفـي الذي يقرض الجزيئات الصغيرة فـيها، حتى يتم انهيار البناء بالكامل، فـ«معظم النار من مستصغر الشرر» ولعل الخاطر الأكبر فـي هذه الصورة تلك العلاقة القائمة بين قطبي الأسر (الأب/ الأم) ابتداء، وما بينهما وبين أطفالهم بعد ذلك.

والمسألة -وفق هذا الطرح- لا تتوقف على ارتخاء العلاقات بين الطرفـين، وعدم تحفـيزها بمقومات -ربما- تكون بسيطة وميسرة، ولكن لأن الإهمال يشوب ذلك، فتنمو لتصبح عقدا ليس يسيرا حلها بالمطلق، ولكنها تتأثر أكثر وأكثر بعدم الاهتمام بحل القضايا العالقة؛ ولو كانت صغيرة؛ والناس كما هو معاش منساقون نحو طراوة الحدث فقط، فمتى أضيئت هنا أو هناك شعلة من (نور/ نار) ينساقون إليها وأعينهم مغمضة، ويتركون بقايا الرماد من النار السابقة، وبقايا الرماد؛ المعبأة بالشرر؛ هذه خطيرة جدا، حيث يمكنها أن تسبب حرائق يصعب إخمادها بعد ذلك، كحال الديون الغارقة التي يعتمدها بعض أصحاب الممارسات التجارية كالمقاولين للأعمال المختلفة، ومعنى ذلك فإن مجموعة التجاوزات أو القفز عن واقع معين، إلى واقع آخر أكثر حداثة، فـيه مخاطرة كبيرة، وهناك من يقع فـي ذات الفخ على الرغم من تكرار تجارب مماثلة، ولكن لأن الإنسان معرض للنسيان، فلذلك يكرر أخطاءه، فـي كل مرة، وعندما يستفـيق يكون الأمر قد ولى، وعليه أن يتحمل مسؤولية أخطائه.

أتصور من وجهة نظر شخصية؛ أن لا فرق فـي المعنى بين مفهومي: التعويم، والقفز على المراحل، ففـي كليهما هناك تأجيل أمر على حساب أمر آخر، مع أن كل أمر له صلاحية زمنية مؤقتة، إذا تجاوز الواحد منا فترة ذلك الأمر، فسيكون عند موقفـين لا ثالث لهما؛ فإما عليه العودة من جديد لترميم من تم تهشيمه من خلال هذا التجاوز، وهناك تكون المعالجة متهلهلة، ونتائجها المتوقعة متواضعة، وإما أن يستمر على خط سيره، وبذلك يترك خلفه حمولة ثقيلة -يقينا- فـي يوم من الأيام سيدرك أنه أخطأ بتفكيره المتواضع ترك الأمور بدون إيجاد حلول فـي حينها، لأن عمليات الترقيع التي تتم لعلاج القضايا، وهي كلها شائكة فبقدر ضعف المعالجة، هي؛ فـي الوقت نفسه لا تنبئ عن رؤية واعية لخطورة مآلات الأحداث، ونتائجها الكارثية، بعد ذلك، ومن هنا تأتي عمليا أهمية المقولة: «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد» لأن ظروف الغد ليس بيد كل واحد، فهي مرهونة بظروف ذلك الغد، فما يتيسر اليوم من علاجات لقضايا حاضرة، فلن تتيسر ذات العلاجات لذات القضايا، فالشمس تشرق على يوم جديد مختلف يحمل بين طياته الكثير من الصور الجديدة، وإلا ما معنى أن يتبادل الناس فـيما بينهم التهاني بحلول الأعوام الجديدة؟ لعلنا نقرأ فـي إلحاح الأطفال على أمر ما، شيئا من الحقيقة التي نحن غافلون عنها، وهي حيوية اللحظة الحاضرة، وضرورة استغلالها، لأننا إذا تجاوزناها، ستخمد تلك اللحظة وتذروها الرياح، والأطفال يدركون بفطرتهم النقية أنه إذا لم يتحقق لهم ما يريدون فـي تلك اللحظة، فلن يتحقق لهم بعد ذلك، حيث تبدأ مرحلة جديدة للرؤية عن الجميع، فجميل أن نكون حاضرين فـي لحظتنا التي نعيشها، ولا نعومها على اعتبار أن هناك لحظة آخر قادمة، ستتيح لنا ما نريد تحقيقه الآن، وبأريحية أكثر فهذه نوعا من الخرافة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق