انتبهوا لأفعال ترامب لا إلى أقواله - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

كان خطاب دونالد ترامب في حفل تنصيبه خاليًا من أي أفكار جديدة. ومع ذلك، وبينما تَطَرّق إلى موضوعات مألوفة، هناك نقطة أساسية حول الرئيس الخامس والأربعين والآن السابع والأربعين للولايات المتحدة، وهي أن التركيز ينبغي أن يكون على أفعاله، وألا ننخدع أو نشعر بالاطمئنان لما يقوله.

بدأ الخطاب، الذي كان أطول تقريبًا بمرتين من خطاب تنصيبه الأول، برسم صورة قاتمة لبلد في أزمة، رغم أنه خلا من اللغة المتشائمة مثل تصوير حال البلد بأنها «المذبحة الأمريكية» قبل ثماني سنوات عند تنصيبه أول مرة. واختتم ترامب خطابه بوعد متفائل، أكثر انسجامًا مع ما سمعناه من رؤساء آخرين، قائلًا: إن الولايات المتحدة هي «أمة لا مثيل لها، مليئة بالتعاطف والشجاعة والتفرد».

ولكن الجزء الذي كان مهما كان هو الجزء الذي في منتصف الخطاب، الذي استعرض فيه ما يقرب من 200 من الإجراءات التنفيذية والمذكرات والإعلانات التي كان على استعداد لتوقيعها في يومه الأول في منصبه.

ويبدو أن هذا القدر من الإجراءات التنفيذية التي اتخذها ترامب منذ البداية غير مسبوق في العصر الحديث. ولكن في حين أصبحت الخطوط العريضة لما يخطط للقيام به أكثر وضوحًا، فإن التفاصيل لا تزال غير متوفرة، وقد تكون العقبات القانونية أمام تنفيذها هائلة.

في خطاب تنصيبه، قال ترامب: إنه سيضع تدابير صارمة ضد الهجرة غير الشرعية بقوةٍ «لم يرها أحد من قبل». وقال مسؤول في الإدارة لصحيفة واشنطن بوست: إن أحد أوامره التنفيذية العشرة المتعلقة بالهجرة من شأنه أن يعيد تفسير التعديل الرابع عشر للدستور. وسوف يـُنهي «حق المواطنة بالولادة»، الذي يمنح الجنسية الأمريكية للأطفال الذين يولدون في الولايات المتحدة لأشخاص يفتقرون إلى الوضع القانوني، ولا شك أنه سيؤدي إلى تحدٍ هائل في المحاكم.

ومن الأمور المثيرة للشكوك دستوريًا وأخلاقيًا أيضًا تعهد ترامب باستدعاء قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، وهو قانون يسمح للرئيس باحتجاز أو ترحيل المواطنين الأصليين لدولة معادية. ويشتهر هذا القانون بدوره في الاحتجاز المخزي للسكان الأمريكيين من أصل ياباني أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفيما يتصل بالبيئة، سيضع ترامب حدًا لما أشار إليه البيت الأبيض في بيان باسم «التطرف المناخي». وسيخفف القيود المفروضة على إنتاج النفط والغاز، ويلغي ما وصفه في الخطاب بأنه «تفويض المركبات الكهربائية» الذي أصدره بايدن، والذي يتطلب أن تكون ثلثًا جميع المركبات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة بحلول عام 2032 خالية من الانبعاثات. وكما فعل في ولايته الأولى، سيسحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، وهي جهد دولي للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

إن بعض أفعاله المخطط لها، مثل إعادة تسمية خليج المكسيك باسم «خليج أمريكا»، على سبيل المثال، مجرد جعجعة بلا طحين تصب في حملة «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى». ومن بين هذه الأفعال ما ورد في بيان صادر عن البيت الأبيض أن «الرئيس سوف يعمل على ترسيخ فكرة الذكور والإناث كواقع بيولوجي، وحماية النساء من أيديولوجية النوع الاجتماعي المتطرفة».

ولكن هناك بعض التناقضات الأخرى، ففي خطاب تنصيبه، عزز ترامب تهديده باستعادة قناة بنما. ولكن تعليقاته قبل تنصيبه بأن هذا قد يشمل استخدام القوة العسكرية تبدو وكأنها تتعارض مع وعده في الخطاب «بوقف كل الحروب وجلب روح جديدة من الوحدة إلى عالم كان غاضبًا وعنيفًا، وغير قابل للتنبؤ على الإطلاق». وسوف يضطر عاجلًا أم آجلًا إلى الاختيار بين النهجيْن.

إن الوعد الرئيسي الذي انتخب على أساسه ترامب أكثر تعقيدًا من كل هذه الأمور، فقد وعد بوضع الاقتصاد على أسس سليمة وخفض الأسعار. وقال ترامب يوم الاثنين: «سأوجه جميع أعضاء حكومتي لحشد الصلاحيات الهائلة المتاحة لهم لخفض مستوى التضخم القياسي، وخفض التكاليف والأسعار بسرعة».

يتعين على الأمريكيين أن يلزموه بالوفاء بوعده، وأن يطالبوه بمؤشرات قوية في وقت قصير. ومن حسن حظه أن جو بايدن ترك له مشهدًا اقتصاديًا كانت فيه معظم المؤشرات الرئيسية تتجه في الاتجاه الصحيح. لكن خبراء الاقتصاد يقولون: إن الرسوم الجمركية الباهظة التي يقول ترامب: إنه ينوي فرضها على الدول الأجنبية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى.

الواقع أن ترامب متمرّسٌ في تشتيت الانتباه، وهو بارع في سبك الكلام وبيع الأوهام. ومن أكبر الأخطاء التي ارتكبها خصومه السياسيون، وكذلك وسائل الإعلام، خلال فترته الأولى، كانت ملاحقته في كل جدل كلامي تافه، والانفجار غضبًا مع كل منشور مثير ينشره على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن هذه المرة، دعونا نتبع نهجًا مختلفًا. لنركز على ما يفعله في الواقع ونقيمه بناءً على نتائج سياساته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق