الاحتفاء بالأسلاف يصنع للحضارة ديمومتها - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

احتفلت سلطنة عُمان اليوم باليوم السنوي للشخصيات العُمانية المؤثرة عالميا، والمدرجة في قائمة اليونسكو، وهو احتفال يتجاوز في فكرته ورمزيته تكريم الأسلاف والاحتفاء بهم وبمنجزهم العلمي ومساهماتهم في المسيرة الإنسانية إلى التأكيد على أن مسيرة البناء الحضاري في عُمان مستمرة ومتجددة يرفد بعضها بعضا، وإن ما نشاهده اليوم في عُمان إنما هو امتداد لتاريخ طويل وجذور ضاربة في عمق التاريخ وأصالة تستحق الاحتفاء والتقدير.

كانت عُمان عبر التاريخ الطويل جزءا لا يتجزأ من المشهد الحضاري الإنساني وقدم علماؤها ومفكروها إسهامات نوعية في مجالات متعددة، من الفقه والعلوم والفلك إلى التجارة والملاحة، واحتفاء عُمان بهم وبمسيرتهم يتجاوز فكرة الاستذكار واستحضار هذه الشخصية من دائرة النسيان إلى دائرة التوهج، فهم حاضرون بمنجزهم وبالقيم التي أرسوها في الحضارة الإنسانية ولكن في هذا الاحتفاء مهما كانت رمزيته رسالة للأجيال الجديدة للسير على نفس النهج من الإبداع والتميز والتأكيد بأن الحضارة لا تُبنى إلا على أسس قوية، وأن النهضة الحقيقية لا تتحقق إلا باستلهام العبر من الماضي لصناعة المستقبل.

وعُمان المهتمة على الدوام بأسلافها من الساسة والعلماء والمفكرين تدرك تمام الإدراك أن الأمم العظيمة لا تنفصل عن جذورها مهما تقدمت نحو أسس الحداثة، فالحداثة في أي شيء لا يمكن أن تكون منفصلة عن جذورها وإلا كانت هجينة ومعرضة للضياع والتلاشي.. وعُمان تستمد قوتها واستمرارها من تاريخها الذي يصنع شخصيتها ويحقق توازنها ويمهد لها طريق المستقبل بشكل أكثر أمانا.. وحين تخصص عُمان مناسبة وطنية لتكرم الشخصيات العمانية المؤثرة في المشهد العالمي فهي تؤكد للجميع على احتفائها بقيمها وبهويتها الحضارية وتبرز للأجيال الجديدة نماذج للعطاء والإبداع. فالحضارات لا تقوم فقط على الإنجازات المادية، بل على الإرث الثقافي والعلمي الذي يظل خالدا في ضمير الإنسانية.

ويبعث هذا الأمر برسائل مهمة وعميقة حول دور عُمان في صناعة الحضارة، ويُبرز مساهماتها في مسيرة التطور البشري، بما يعزز صورتها كدولة تحترم العلم وتقدر المبدعين، وتعمل على تعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب. فالتكريم الذي يحظى به العلماء والمفكرون العُمانيون في المحافل الدولية دليل على أن هذه الأرض أنجبت عقولًا أثّرت في مسار المعرفة، وكانت لها بصمة لا تُمحى من سجلات التاريخ.

ولذلك لا بد أن يخرج هذا الاحتفال للعلن عبر بث الحياة في الشخصيات العمانية التاريخية سواء السياسية أو الفقهية أو الأدبية أو العسكرية وجعلها حاضرة في الوعي العماني وتحويلها إلى نماذج وقدوات وما أجمل أن يرى الأبناء في أسلافهم نماذج يُقتدى بها، وما أعظم أن تكون تلك النماذج مصدر إلهام يحفزهم على الإبداع والابتكار.. وتعظم فخرهم بأسلافهم وبالقيم التي أسسوها في هذا الوطن العظيم.

ولا بد أن تعي الأجيال العمانية الحالية والقادمة أنها قادرة على أن تنجز مثل ما أنجز أسلافها فهي تحمل نفس الجينات التي صنعت أولئك العظماء الكبار عبر التاريخ العماني.. وأن عُمان ستظل دائما منارة للفكر والمعرفة، تماما كما كانت عبر العصور.

أخبار ذات صلة

0 تعليق