المؤتمرات الدولية ودورها في التنمية المستدامة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تسترجع الذاكرة بعض الأفكار المكتوبة في مقالات أو تدوينات في منصات التواصل الاجتماعي، فينجم عنها مراجعة فكرية أكثر نضجا وإقناعا لاسيما بعد تحقُّق الأمنيات وتجسيدها على أرض الواقع. من الأفكار التي كتبتُ عنها في السابق، فكرة إقامة الجامعات في المحافظات لإيجاد تنمية مستدامة في تلك الجهات (الوسطى خير مكان لجامعة عُمان، صحيفة الرؤية: يونيو 2012)، كاقتراح بإقامة جامعة عُمان في مدينة هيما لتوفير المزيد من الفرص وتنشيط الولاية ثقافيا واقتصاديا، كما كتبتُ مقالا آخر بعنوان (نصيب العُماني من التنمية الثقافية، صحيفة الرؤية: يناير 2012)، مُذكرا بالعديد من المؤسسات التي نتطلع إلى قيامها بالأنشطة الثقافية في العديد من محافظات السلطنة، وقد أشرت حينها إلى «عدم وجود خطة ثقافية وطنية للنهوض بالشأن الثقافي أسوة بالخطط التنموية والاقتصادية، إذ لا يمكن الفصل بين النشاط الاقتصادي والعمل الثقافي، فالأخير مقدمة لتطور الأول، ولا أعلم عن وجود تنسيق مشترك بين هذه الجهات حول العمل الثقافي الوطني. كل ما نلاحظه لدى بعض المؤسسات تركيزها على الأنشطة الخارجية وإقامة فعاليات ثقافية خارج الوطن، بينما تخلو المدن والقرى في السلطنة من هذه الأنشطة وهي في الحقيقة في أمسّ الحاجة إليها، وهنا أطرح عدة تساؤلات، لماذا التركيز على النشاط الثقافي الخارجي بينما الساحة الداخلية متعطشة لمثل هذه الفعاليات؟!، وماذا سيستفيد المواطن العُماني من الفعاليات الثقافية العمانية في الخارج؟!، ثم ما نصيب المواطن والمواطنة في مختلف محافظات السلطنة من الأنشطة الثقافية وكيف تتوزع هذه الأنشطة؟!، وعلى من يجد الجواب عليه أن يخبرني بآخر فعالية ثقافية أقيمت في هيماء أو في بخاء أو في دماء والطائيين أو في المزيونة، وأقصد بالفعالية الثقافية إقامة معرض تشكيلي أو حفلة موسيقية أو محاضرة أدبية أو إقامة مسرحية»

بعد ما يقارب عقد ونيف على تلك الأفكار، أود القول: إن الواقع قد اختلف اختلافا جذريا، إذ تعمل المؤسسات في كافة القطاعات وفق خطط واستراتيجيات وطنية انبثقت عن رؤية «عُمان 2040»، التي بلورت الاستراتيجية الثقافية (2021-2040)، والاستراتيجية العمرانية وغيرها. كما أقيمت فعاليات ومؤتمرات ومهرجانات ثقافية في مناطق السلطنة آخرها ملتقى النادي الثقافي في ولاية شليم وجزر الحلانيات الجاري تنفيذه خلال كتابة هذه الكلمات. وقد شاركت مؤخرا في مؤتمر دولي يُقام لأول مرة في محافظة شمال الشرقية، احتضنته جامعة الشرقية التي ساهم وجودها في تنمية الولاية ناهيك عن الأنشطة الثقافية التي تقيمها لجنة الكتاب والأدباء بشمال الشرقية، كان آخرها تنظيم المؤتمر الدولي الأول توظيف التراث في الأدب العُماني، الذي شارك فيه عدة باحثين وأكاديميين من المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، وفلسطين، ولبنان، والإمارات، والهند، وأذربيجان. وقد ساهمت محافظة شمال الشرقية في دعم تنظيم المؤتمر، إضافة إلى رعاية من الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال. وبصرف النظر عن قيمة المؤتمر كحدث ثقافي وعلمي، إلا أن الأثر الإيجابي الملموس هو النشاط الثقافي والسياحي والترويج لمحافظات السلطنة كوجهة سياحية وإطلاع المشاركين على المقومات السياحية والاقتصادية في محافظة شمال الباطنة.

إن تنظيم المؤتمرات العلمية ودعمها وإقامة المهرجانات الثقافية كمهرجانات السينما والمسرح والفنون بمختلف أنواعها، تُفعّل أنشطة اقتصادية وسياحية واجتماعية موازية، وتتكامل فيما بينها لتحقيق الأهداف التنموية في المحافظات والمناطق النائية، بالإضافة إلى تطبيق اللامركزية في الإدارة والتنفيذ التي تسعى إليها الجهات المعنية في ترسيخها على أرض الواقع. ومع الإصرار على العمل برؤية «عمان 2040» وتحقيق أهدافها يتعين تهيئة البُنى السياحية في مراكز المحافظات، مثل إقامة الفنادق والمنتجعات المؤهلة لاستضافة المؤتمرات الدولية والفعاليات الرياضية والثقافية، الأمر الذي يُسرّع من نشاط سياحة المؤتمرات وإيجاد تنمية مستدامة في العديد من مناطق سلطنة عمان.

أخبار ذات صلة

0 تعليق