١ ـ لأن الوطن هو المكان الأوحد الذي يستشعر فيه الإنسان عِزته وحريته.. استقرار نفسه وسُكون جوارحه.. يتعذر على من فقده العثور على آخر بديل يمنح الحب والأمن ورغد العيش دون شروط وإن لقِي فيه من الخير والنعمة ما يلقى.
٢ ـ لا نحب الوطن بكل أحواله كونه مكانًا للولادة أو مهدًا للصبا ومرتعًا للطفولة والشباب والكهولة أو باعتباره خزانة لذكرياتنا وحيث كان يعيش الأجداد فقط إنما لأنه جزء أصيل من الإيمان والمُعتَقد.. وهي نعمة حُرم منها كل ناكر جميل أو مُغرر به ينعق من خارجه، حيث لا راحة بال ولا طمأنينة خاطر.
٣ ـ لا مبرر منطقيا أو أخلاقيا أو دينيا لأي تصرف أو رأي يؤذي الوطن الذي ولد فيه الإنسان وأكل وشرِب من خيره واستظل بظِله.. لا حُجة لمن يتخذ من بلاد غريبة منبرًا لتوجيه سهام النقد اللامسؤول لمُنجزِ وطنه ورموزه وهيبته وذلك ليس من باب «بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرامُ»، إنما لأن الإساءة للوطن هي إساءة صريحة للنفس والتربية والخُلق.
٤ ـ يستعذب البعض مقارنة خطط ورؤى ومشروعات بلاده التنموية وما تحقق منها وما هو في طريقه للتحقق بما هو موجود في بلدان أخرى.. يوجه سهام النقد للبرامج المنفذة ومنهج الإدارة.. يأتي على الإخلاص في العمل وعدم كفاءة المسؤول.. يقدم دروسًا في فن الاستفادة من الإمكانات والأساليب الناجعة لملاحقة المُسيئين للأمانة ومستغلي المناصب، لكنه يتعامى عن الجهود الحقيقية التي تُبذل في تلك الجوانب بل يرفض إعمال العقل والمنطق فيما يجري حوله من تحولات جذرية وإجراءات جادة لا تستثني مسيئًا.
٥ ـ يلوك دون هدف إشكالات ليست خافية تتصل بالوظائف وحال الباحثين عن عمل ومستوى الدخول و... لكنه يتجاهل الاهتمام الجلي بهذه المُنغصات يتضح من خلال الإعلانات التي لا تتوقف حول المشروعات الاقتصادية التي تستهدف إصلاح وتقوية الاقتصاد المحلي التي تستهدف توفير فرص العمل.. يتبدى عبر التوقيع على الاتفاقيات الثنائية بين بلاده ودول العالم لتنويع مصادر الدخل والنهوض بالاقتصاد والدفع بعجلة الاستثمار وإقرار كل ما يحقق حماية المواطن اجتماعيًا.
٦ ـ عندما تدخل الطائرة أجواء بلادك بعد سفر أخذك إلى البعيد.. عندما تضع الخطوة الأولى في مطار مسقط الدولي.. حينما تلفحك النسمة العُمانية الأولى وأنت تعبر البوابة مغادرًا المطار.. تشعر بالأمان الذي كنت تفتقده والارتياح الذي لم تعرف له طريقًا وأنت خارج وطنك .. تشعر أنك تمتلك كل شبر فيه وتحبه لأجله هو لا لأي سبب آخر.
النقطة الأخيرة
سألت الرجل العائد قريبًا من بلد استقطبه بعد انتهاء مدة خدمته للاستفادة من خبرته بعقد عمل مجزِ استمر لخمس سنوات عن تقييمه لتلك التجربة؟ فرد ببيت أحمد شوقي الشهير:
وطني لو شُغلت بالخُلدِ عنه
نازعتني إليه في الخلدِ نفسي
عُمر العبري كاتب عُماني
0 تعليق