غارات اسرائيلية عنيفة على الساحل السوري.. والكرملين لم يحسم مصير "القاعدتين"
دمشق "وكالات": قال مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا اليوم إن المبعوث جير بيدرسن حث على انتقال سياسي شامل يستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 2015، وذلك خلال اجتماع مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
وذكرت القيادة العامة للإدارة السياسية الجديدة في سوريا في بيان حول الاجتماع الذي عقد أمس الأحد أن الشرع بحث مع بيدرسن ضرورة إعادة النظر في قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهو بمثابة خارطة الطريق التي حددها مجلس الأمن للبلاد في عام 2015، إذ أنه بحاجة إلى تحديث ليتناسب مع الواقع الجديد.
ويشكل الاجتماع واحدا من أهم اللقاءات الدولية حتى الآن بالنسبة للشرع، قائد هيئة تحرير الشام التي تتولى زمام الأمور في دمشق منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي.
وأظهرت صور الاجتماع الشرع، الذي كانت جماعته تابعة لتنظيم القاعدة حتى قطعت علاقاتها به في عام 2016، وهو يرتدي سترة وقميصا أثناء حديثه مع بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا منذ عام 2018.
وتصنف قوى غربية وإقليمية هيئة تحرير الشام "جماعة إرهابية"، بما في ذلك تركيا التي ظلت لفترة طويلة واحدة من الداعمين الدوليين الرئيسيين لفصائل من المعارضة السورية.
ولم تحدد الإدارة الجديدة في دمشق سوى القليل من التفاصيل عن تفكيرها بشأن الخطوات التالية لسوريا بعد نهاية أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد وحرب أهلية مدمرة استمرت قرابة 14 عاما.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير، الذي قاد سابقا إدارة شكلتها هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، إنه سيبقى في منصبه حتى مارس.
وذكر مكتب بيدرسن في بيان أن المبعوث أطلع الشرع على نتائج اجتماع دولي عقد في الأردن يوم السبت.
وقال بيان صادر عن مكتب بيدرسن "قام المبعوث الخاص بالإحاطة حول مُخرجات الاجتماع الدولي حول سوريا الذي عُقد في العقبة في 14 ديسمبر 2024، مشددا على الحاجة إلى انتقال سياسي شامل وحقيقي بقيادة سورية ومبني على المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254 (لعام 2015)".
وأضاف البيان "شدد المبعوث الخاص على نية الأمم المتحدة في تقديم كافة أشكال المساعدة للشعب السوري".
قرار الأمم المتحدة في بؤرة الاهتمام
أصبح قرار الأمم المتحدة رقم 2254 نقطة محورية للدبلوماسية بشأن سوريا منذ الإطاحة بالأسد وفراره إلى روسيا.
وأقرت الأمم المتحدة القرار عام 2015 في ذروة الصراع، الذي اندلع بعد انتفاضة ضد الأسد في عام 2011، وبعد تدخل روسيا عسكريا لدعم الرئيس السوري السابق وحكمه.
ويدعو القرار إلى عملية يقودها السوريون بمساعدة الأمم المتحدة، والتي تهدف في غضون ستة أشهر إلى إرساء "حكم يحظي بالمصداقية وشامل للجميع وغير طائفي، وتحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد". ويدعم القرار إجراء انتخابات حرة ونزيهة بموجب الدستور الجديد في غضون 18 شهرا.
وجاء في البيان السوري أن الشرع أكد "على أهمية التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين وضرورة التركيز على وحدة أراضي سوريا وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية".
وتحدث الشرع أيضا عن "ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، بالإضافة إلى ذلك تم التأكيد على أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك".
وأشار الشرع إلى "ضرورة تنفيذ هذه الخطوات بحرص شديد ودقة عالية دون عجلة وبإشراف فرق متخصصة حتى تتحقق بأفضل شكل ممكن".
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم إنها طلبت من أكبر دبلوماسي معني بسوريا في التكتل التوجه إلى دمشق والتواصل مع الإدارة الجديدة.
وذكر الكرملين اليوم أنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية بعد بشأن مصير القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا وإنه على اتصال بالمسؤولين في البلاد.
وذكر أربعة مسؤولين سوريين لرويترز في مطلع الأسبوع أن روسيا تسحب قواتها من خطوط المواجهة في شمال سوريا ومن مواقع في جبال العلويين، لكنها لم تنسحب من قاعدتيها الرئيسيتين بعد سقوط الأسد.
"في اليوم التالي"
وللمرة الأولى منذ إسقاطه من الحكم في 8 ديسمبر، خرج بشار الأسد عن صمته في بيان من موسكو مؤكدا أنه لم يغادر دمشق إلّا "في اليوم التالي" لسقوطها، منددا كذلك "بسقوط الدولة بيد الإرهاب".
وقال الأسد في بيان نشرته صفحات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم "لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر، أي في اليوم التالي لسقوط دمشق".
وأضاف أنه "مع تمدد الإرهاب داخل دمشق، انتقلت بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها، وعند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحا تبين انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش".
وتابع الأسد أنه "مع ازدياد التدهور الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسير، وفي ظلّ استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر".
وأفاد موظفون ومسؤولون سوريون وكالة فرانس برس في وقت سابق بأنه قبل ساعات قليلة من سقوط دمشق، في 8 ديسمبر، فر الأسد من دون إبلاغ أفراد عائلته ولا حتى أقرب مساعديه.
حتى أنه اتصل بمستشارته الإعلامية مساء السبت وطلب منها إعداد كلمة يلقيها، قبل أن يستقل طائرة من مطار دمشق إلى قاعدة حميميم الروسية. وقال مستشار للرئيس طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية "لقد غادر مع ابنه حافظ من دون إبلاغ عائلته أو معاونيه المقربين، ومن القاعدة الروسية نقلته طائرة إلى موسكو".
غارات عنيفة
ميدانيا، استهدفت غارات إسرائيلية مكثفة مواقع عسكرية في منطقة طرطوس الساحلية السورية ليل الأحد الاثنين، مسببة حالة هلع واسعة بين السكان، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وصحافي في وكالة فرانس برس.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "18 غارة" على "مواقع استراتيجية في الساحل السوري"، واصفا إياها بأنها "الأعنف منذ العام 2012".
وقال المرصد إن الغارات طالت "اللواء 23 للدفاع الجوي"، بالإضافة إلى "مستودعات صواريخ أرض-أرض ودفاعات جوية" و"قواعد صاروخية" ومواقع أخرى في المنطقة.
في قرية يملكة المسيحية الواقعة في التلال المحيطة بمدينة طرطوس، امتلأت الطرقات بشظايا الزجاج المحطم وبقايا أبواب معدنية بعد تلك الغارات، كما شاهد مراسل فرانس برس.
وتجردت أشجار الزيتون في البساتين المحيطة بالقرية من أوراقها، وكان الدخان يتصاعد من التلال المجاورة.
0 تعليق