في عصر الشبكات الاجتماعية، أصبحت كلمة «صديق» كلمة عابرة تستخدم للإشارة إلى العلاقات التي قد لا تحمل عمقاً حقيقياً. منصات مثل «إكس» و«إنستغرام» و«سناب شات» جعلت من السهل إضافة «أصدقاء» بضغطة زر، مما يثير تساؤلات حول معنى الصداقة في هذا العصر الرقمي، هل نحن أمام تغير طبيعي في مفهوم الصداقة، أم أن العلاقات أصبحت سطحية وغير ذات مغزى؟
كانت الصداقة في الماضي تُبنى على أسس قوية مثل الثقة، التواصل المستمر، والتجارب المشتركة، كان الأصدقاء يعرفون أدق تفاصيل حياة بعضهم، ويتشاركون الفرح والحزن، كان الوقت والجهد المبذولان في بناء العلاقة هما ما يضفيان عليها معناها وقيمتها. مع ظهور الشبكات الاجتماعية، أصبح الناس قادرين على إضافة مئات أو حتى آلاف «الأصدقاء» بسهولة، لكن هل هذه العلاقات حقيقية؟ غالباً ما تكون هذه «الصداقات» مقتصرة على الإجابات والتعليقات، دون وجود تفاعل حقيقي أو دعم عند الحاجة، أصبحت الكمية تغني عن النوعية، وتحولت العلاقات إلى مجرد أرقام على الشاشة.
في عالم الشبكات الاجتماعية، غالباً ما يتم التركيز على الصورة المثالية للحياة، يظهر الأصدقاء الافتراضيون أنفسهم في أفضل حالاتهم، مما يجعل التفاعل يبدو سطحياً وغير حقيقي، قد يشعر الفرد بالوحدة حتى مع وجود مئات الأصدقاء الرقميين، لأن هذه العلاقات تفتقر إلى العمق والمصداقية.
تشير الدراسات إلى أن العلاقات السطحية قد تزيد من الشعور بالوحدة والاكتئاب، حيث يفتقر الناس إلى الدعم العاطفي الحقيقي، في المقابل، تظهر العلاقات العميقة القائمة على الثقة والتواصل الإيجابي، والتي تؤثر تأثيراً إيجابياً في الصحة النفسية والرفاهية العامة.
في ظل هذا التحول، من المهم أن نتوقف ونسأل أنفسنا: ما الذي نبحث عنه في أصدقائنا؟ هل نريد أشخاصاً نشاركهم لحظاتنا السعيدة فقط، أم نريد علاقات مبنية على دعم حقيقي واهتمام مشترك؟ الصداقة ليست مجرد كلمة، بل هي علاقة إنسانية تحتاج إلى جهد وتواصل مستمرين. في عصر الشبكات الاجتماعية، من السهل أن ننخدع بالواجهة اللامعة للعلاقات الرقمية، لكنّ الصداقة الحقيقية تبقى واحدة من أهم القيم الإنسانية التي تستحق العناية والاهتمام، علينا أن نعيد النظر في مفهومنا للصداقة، ونعمل على بناء علاقات أكثر عمقاً ومعنى.
0 تعليق