2024.. عام لم ينته بعد! - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

في حياة البشرية سنوات نتمنى أن تسقط من ذاكرة الزمن ولا يكون لها وجود، بسبب ما شهدته من أحداث مؤسفة وما صدّرته من مشاهد قاسية، ومن هذه السنوات 2024 التي دخلت التاريخ قبل أيام تاركةً امتداداتها الدموية إلى 2025. لو بحثنا للعام المنتهي عن عنوان سنجد الكثير من العناوين التي تحمل معاني الوجع والألم ونشر اليأس من تحقيق السلام، وتثير الإحباط مؤكدة عجز أبناء آدم عن التعايش والتسامح، فهو عربياً عام الحزن والألم، ولغزة عام الإبادة، وللعالم عام العجز وانتهاك القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، واقتصادياً عام الغلاء والتضخم والجوع وتباطؤ النمو، واجتماعياً عام الانفلات القيمي والأخلاقي وازدياد التطرف والعنف.
هناك الحروب والصراعات التي تغطي عدة بقاع حول العالم وراء الآلام المتزايدة، في مقدمتها الحرب في أوكرانيا، وبدلاً من إيقافها والاكتفاء بالأرواح التي زهقت والدمار الذي تحقق كان الإصرار على استمرارها بل وتوسعها بتزويد أمريكا والغرب أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي وهو ما ردت عليه موسكو بتحديث العقيدة النووية وبموجبها ستعتبر روسيا أن العدوان من أي دولة غير نووية بمشاركة دولة نووية هجوماً مشتركاً على موسكو وسيكون الرد على كلتيهما، وكشرت روسيا عن أنيابها بإطلاق الصاروخ البالستي فرط الصوتي «أوريشنيك» على أوكرانيا.
إسرائيل هي التي رسمت ملامح العام وعناوين أحداثه من وحي حربها على غزة، التي تجاوزت قوانين الحروب وأغضبت منظمات دولية، وجعلت من إسرائيل دولة مدانة من محكمة العدل الدولية، ومن رئيس وزرائها نتنياهو ووزير دفاعه المقال غالانت متهمين بارتكاب جرائم حرب ومطلوبين من «الجنائية»، كما استفزت شعوباً ثارت تظاهراً للمطالبة بوقف هذه الحرب، وحكومات انحازت للفلسطينيين وأعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ورغم كل ذلك أدارت إسرائيل ظهرها للجميع وواصلت إبادة أهل غزة، لتجعل كل ما هو موجود على أرض القطاع هدفاً لآلتها العسكرية. ولم تكتف بالقتل وسيلة للإبادة ولكن استخدمت أيضاً سلاح التجويع ومنع مرور المساعدات والإظلام، وهو ما جعل من هذا العام عربياً عام الحزن، وفلسطينياً عام الألم، وعالمياً عام العجز، بعد أن تعاملت مع كل قرار دولي بتجاهل أو استهزاء ووعيد، مستندة إلى الموقف الأمريكي الداعم لها والمبرر لكل ما ترتكبه من جرائم. وبلغ التوحش الإسرائيلي منتهاه بحربها على المستشفيات، التي وصلت إلى حد إحراق مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا في آخر أسابيع العام بمن فيه من مرضى وكوادر طبية. التوحش الإسرائيلي تجاوز غزة إلى الضفة ولبنان وسوريا المنهكة مستغلة الظروف التي تمر بها، بجانب الاغتيالات التي نفذتها في لبنان وغزة وصولاً إلى إيران.
إسرائيل بشرت بتغيير ملامح المنطقة، وهو ما تسعى لتحقيقه باحتلال المنطقة العازلة بين الجولان المحتل وريف دمشق، ولم تتجاوز فقط القانون الدولي بل نقضت اتفاقيات وقعت عليها قديماً مثل اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا عام 1974، وحديثاً مثل اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان قبل شهرين، ليلتزم لبنان بكل بنوده ولا تلتزم إسرائيل بأي منها وتواصل غاراتها على الأراضي اللبنانية بشكل شبه يومي وترفع علمها على أراض لبنانية متحدية العالم ورعاة الاتفاق. الحزن العربي لم ينجم عما يحدث في غزة فقط ولكن ما يحدث في السودان وسوريا التي كان سقوط نظامها بين عشية وضحاها ومن دون أي مقاومة أم المفاجآت هذا العام، ليرحل النظام ويترك الأرض السورية لنظام جديد بداعمين وطامعين جدد. ومن مفاجآت العام الكثيرة الفوز الساحق لترامب في الانتخابات الأمريكية وعودته إلى البيت الأبيض بعد أسبوعين بعد أن أجبر بايدن في مناظرة تلفزيونية على عدم الترشح وفاز على نائبته كامالا هاريس بفارق كبير. كوريا الجنوبية كانت ميداناً لمفاجأة غير متوقعة بعد فرض رئيسها الأحكام العرفية لساعات وهو ما دفع البرلمان إلى سحب الثقة منه ثم سحب الثقة من الرئيس بالإنابة.
مفاجآت كثيرة وأحداث عدة جعلتها سنة الكوابيس، لتسلم وريثتها 2025 نفس الملفات، وتتركها في عهدة من يعدون بإطفاء حرائقها وإيقاف حروبها ولكن أفعالهم لا توحي بذلك، فإسرائيل ترفض جميع مبادرات وقف إطلاق النار في غزة بل تدرس التوسيع بحرب مع إيران واليمن وغيرهما، وسوريا على مفترق طرق، وترامب يعد بإجراءات جمركية مع دول عدة ويتوعد من يخرجون عن إرادته، ويطمع في ضم كندا وغرينلاند للولايات المتحدة، وليبيا والسودان لا تزالان على حالهما، ولبنان ينتظر التاسع من يناير عله ينهي الفراغ الرئاسي الممتد لأكثر من عامين.. لننتظر ونرَ ما سيحدث خلال العام الوليد.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق