يفتح مجلس النواب اللبناني أبوابه اليوم، لانتخاب الرئيس الرابع عشر منذ استقلاله عام 1943، وسد الشغور الرئاسي الذي امتد لأكثر من سنتين، وبعد 12 محاولة فاشلة لانتخاب خلف للرئيس ميشال عون.
هذه المرة قد تكون مختلفة عن سابقاتها، نظراً لظروف لبنان الصعبة، وتداعيات الحرب الإسرائيلية المدمرة، والتطورات الجديدة في المنطقة، وخصوصاً تغيير النظام في سوريا، ما سيؤثر سلباً في الوضع الداخلي اللبناني الذي يعاني أساساً أزمات اقتصادية وأمنية صعبة، ما يقتضي وجود رئيس، يستطيع التعامل مع هذه الاستحقاقات بإيجابية، ويُخرج لبنان من عنق الزجاجة.
رئيس مجلس النواب نبيه بري مصرّ على إنتاج رئيس مهما كلف الأمر، لذلك قرر أن يُبقي جلسة الانتخاب مفتوحة، ولأكثر من دورة، حتى ولو اقتضى الأمر أن يظل النواب داخل المجلس، وقد أعدّ لهم «سندويتشات» في حال اضطروا للبقاء.
وقد تكثفت اللقاءات والاجتماعات بين مختلف الكتل النيابية، خلال الساعات الماضية، في محاولة للاتفاق على رئيس توافقي، في حين تواصلت زيارات الموفدين العرب والأجانب إلى العاصمة اللبنانية، وعقدوا مروحة واسعة من اللقاءات مع مختلف الكتل النيابية، في محاولة لإقناعها بالمرشح الذي يرون أنه قادر على وضع حد للفراغ الرئاسي، وإنقاذ لبنان، واستكمال مؤسسات الدولة، وتشكيل حكومة جديدة، والمباشرة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، للتعامل مع التحديات التي يواجهها لبنان.
ومن بين الذين حضروا إلى بيروت خلال الساعات القليلة الماضية، المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، والموفد السعودي، يزيد بن فرحان، والقطري «أبو فهد»، والموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية الأسبق جان إيف لودريان. وقد اتضح أن اللجنة الخماسية التي تضم مصر، إضافة إلى هذه الدول، متفقة على ضرورة انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون، في حين أن هناك قوى سياسية مثل «التيار الوطني الحر» تعارض انتخاب عون، أما الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) فكانا يؤيدان زعيم تيار المردة سليمان فرنجية الذي أعلن انسحابه ودعمه لقائد الجيش، لكن نواب «التغيير» والنواب السنة، وبعض المعتدلين فكان لديهم أكثر من خيار، حيث كانت هناك أسماء مطروحة للتداول مثل اللواء إلياس البيسري مدير الأمن العام بالوكالة، ووزير المالية الأسبق جهاد أزعور، والمصرفي سمير عساف، ووزير الداخلية الأسبق زياد بارود الذي أعلن بدوره عزوفه عن الترشيح.أما حزب القوات اللبنانية فقد اجتمع مع المعارضة ليلاً وخرجوا بموقف مؤيد لجوزيف عون.
لكن هناك عقبة تعترض ترشيح قائد الجيش، إذ يحتاج انتخابه إلى تعديل دستوري، باعتبار أنه من موظفي الدرجة الأولى ولا يزال في منصبه، إلا أنه في حال الإصرار عليه، فهناك سوابق بتعديل الدستور كما حصل عام 1989 عند انتخاب قائد الجيش آنذاك إميل لحود رئيساً، وهناك سابقة أيضا حصلت عام 2008 عند انتخاب قائد الجيش يومها ميشال سليمان.
لقد أصبح اتجاه الريح واضحاً تقريباً، والكفة تميل إلى انتخاب جوزيف عون رئيساً، وستشهد الساعات التي ستسبق جلسة الانتخاب حراكاً نيابياً واسعاً، واتصالات دولية وعربية، بهدف التوصل إلى رئيس توافقي تُجمع عليه مختلف الكتل النيابية، ومن الواضح حتى الآن أن قائد الجيش يتقدّم على سواه من المرشحين، واللافت أن الثنائي الشيعي أعلن أنه لا يضع «فيتو» على قائد الجيش، إنما على قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حال ترشح لهذا المنصب، ما يعني أن اسم قائد الجيش قابل للأخذ والرد.
هل يخرج البرلمان اللبناني برئيس جديد للجمهورية اليوم؟ إنه امتحان لقدرة لبنان على الخروج من عنق الزجاجة.
0 تعليق