الخرائط الاستفزازية، التي نشرتها حسابات رسمية في تل أبيب وتزعم أنها ل«إسرائيل التاريخية»، ليست تصرفاً فردياً أو خطأ عشوائياً، بل تعبير عن تطرف مستحكم لدى طائفة في الحكومة الإسرائيلية، تُمعن في الاستخفاف بالمواثيق والقوانين الدولية، وتُنكر بلا استحياء حقائق التاريخ والجغرافيا وتتجاهل حقوق الشعوب الأخرى، وأولها الشعب الفلسطيني.
الخرائط المنشورة تضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن الأردن ولبنان وسوريا، وجاءت بعد مرحلة طويلة من التحريض والتعهدات التي قطعها وزراء متطرفون من بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي تحدث مسبقاً عن أن 2025 سيكون عام ضم الضفة الغربية، والقضاء على حلم قيام الدولة الفلسطينية، ولا تتوقف خطورتها على التصريحات، بل على الفعل أيضاً، وهو ما يفعله جيش الاحتلال من تدمير غير مبرر في غزة، ومن السيطرة على بلدات في جنوب لبنان، والتغلغل في أراض سورية تمت السيطرة عليها في غفلة، مستغلة إسقاط النظام السوري السابق. وقد سبق هذه التطورات تهديدات علنية بتغيير الشرق الأوسط بعد تدميره، قبل إعادة رسم خرائطه وتجييرها للمشروع الإسرائيلي وأوهامه التي لا تلتزم بما تلتزم به الكيانات والدول المسؤولة.
هناك نوايا خبيثة تخطط لأن تكون الخطوة المقبلة لاستمرار الفوضى في الشرق الأوسط، تتعلق باللعب بالخرائط والعمل على إعادة رسمها بذرائع شتى، وهذا يعني مزيداً من التصعيد الخطر والتوتر الذي سيقضي على أي فرص لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وإذا كان هناك مجتمع دولي قادر ومسؤول فإنه يجب ألا يتغافل عن مثل هذه التهديدات الصريحة، والاستفزازات غير المسؤولة، لأنها ستحول المنطقة إلى جحيم تتأجج فيه مشاعر التطرف والتطرف المضاد من كل الأطراف.
ما تم نشره من «خرائط إسرائيل» التاريخية المزعومة، ربما يكون تمهيداً ل«الجحيم»، الذي يتهدد المنطقة ويجري الحديث عنه علناً ودون أي تحفظات، خصوصاً في ظل حالة عدم يقين شاملة تخيم على الإقليم، وتنقلب فيها المفاهيم والشعارات وتتنكر للمبادئ السامية الداعية إلى العدالة والتعايش ونبذ الصراع والعدوان.
0 تعليق