خرائط النوايا السيئة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

بينما ينشغل العرب منذ سقوط نظام بشار الأسد للحفاظ على سوريا الموحدة، طبعاً باستثناء الجزء المحتل، ويعتبرون ذلك أساس كل تحرك في الإقليم والعالم، تواصل إسرائيل تسريب نواياها القديمة الجديدة بشأن جغرافية المنطقة التي تتمناها وتسعى في كل اتجاه لتحقيقها على مهل.
تتخفى أحدث النوايا في ما يسمى اجتهادات إعلامية إسرائيلية تقول إن أروقة السياسة في تل أبيب منخرطة في نقاش حول ضرورة تقسيم سوريا إلى دويلات بزعم الحرص على حماية الأقليات فيها، وهو أمر يبعث على ما هو أكثر من الضحك والسخرية.
والتجارب السابقة تعلمنا أنه لا شيء في السياسة الإسرائيلية متروك للمصادفات والاجتهادات الإعلامية، وأن وراء كل تحرك رغبةً في اختبار ردود فعل الأطراف المعنية على النوايا، خاصة إذا كانت تنطوي على ما هو صادم أو مخالف للروح السائدة في المنطقة.
لم يكذّب أحدٌ في تل أبيب رسمياً ما يشاع عن سعي إسرائيلي لتقسيم سوريا، وقد لا يأتي التكذيب أو يصدر بشكل مراوغ يؤجل النوايا ولا يلغيها إذا اصطدمت برفض قوي من المعنيين عربياً ودولياً.
إن التسريب عبر صحيفة «إسرائيل هيوم» يشير إلى مناقشات داخل تل أبيب تقترح تقسيم سوريا إلى «كانتونات» بهدف حماية الأقليات، وهي حجة لا أصل لها ولا منطق، لكنها قد تكون نواة تصوّر للانسحاب من المناطق التي تمددت فيها إسرائيل بعد سقوط بشار الأسد؛ لأنها تدّعي أنها لا تريد بقاءً طويلاً فيها، غير أنها لن تغادرها من غير إقرار واقع أمني يقطع الطريق على أي تهديد لإسرائيل من الأراضي السورية.
وتقول الصحيفة، إن التفكير في تقسيم سوريا هو جزء من خطط مواجهة النفوذ التركي في سوريا، وإن ذلك من شواغل وزير الدفاع الإسرائيلي التي ينوي مناقشتها مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء.
ولا يمكن الفصل بين هذه التسريبات وتلك الخرائط التي أثارت غضباً عربياً بعد ظهورها في تل أبيب قبل أيام، وهي تروّج لما سمي «إسرائيل التاريخية»، ومن ضمنها أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن الأردن ولبنان وسوريا.
رد الفعل العربي على هذا التصرف المنافي لأية رغبة في إشاعة السلام والاستقرار بالمنطقة قد يكون أجّل المضي في الترويج لهذه الجغرافيا المزعومة، لكنه يقسّم مراحل الإعلان عنها أو اختبارها بدءاً من سوريا انطلاقاً من أنها قد تكون، بحكم ظروف التغيير والمخاضات التي تعيشها، الموقع الأنسب لذلك، والميدان الذي يمكن التعلل فيه بالخشية من تدخل أطراف أخرى أو عدم وضوح طبيعة المرحلة المقبلة.
على أية حال، فإن العبث بالخرائط وتضمينها أحلام التوسع وقضم الأراضي نهج إسرائيلي يُفصح عن نفسه في أفعال وأقوال رسمية وغير رسمية كل فترة، بل إن مخططات إعادة هندسة جغرافية المنطقة وتجزئة دولها بدعم غربي قديمة ومنشورة بتفاصيلها، لكننا لا نزال نقابلها كلما تجددت بالدهشة والغضب الآني.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق