في استحقاقات العظمة ثانية - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

ما الذي اختلج في ذهنك وأنت تتابع مهرجان تنصيب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة؟
كأنك قلت في سريرتك: ما الذي طرأ على أداء الدماغ العربي، في جلّ الديار، حتى أسقط من جدول أعماله المستقبلية بند النهوض من رقدة العدم، مثلما فعلت الأمم التي استيقظت، والشعوب التي هبّت من منيّتها؟
مهرجان امتزجت فيه استعراضية تجاوز الواقع بالخيال الجيوسياسي الجيوستراتيجي، بوعود الآفاق الوردية، بصورة الإمبراطورية التي تفتح عينها على ما يقع خارج حدودها، فلا ترى غير مصالحها. شحنة الشعور بالأولوية المطلقة تلغي العراقيل التي تلوح في طريقها. هذا درس مهمّ في أن قوة المعنويات تستطيع أن تنافس في الرجحان كفّة الاقتصاد والمال والأعمال وضخامة الموارد. المديونية الأعلى والأضخم في التاريخ لم يرد ذكرها في خطاب التنصيب، في المقابل تركت مقولة ترامب دويّاً: «العصر الذهبي بدأ في هذه اللحظة». منطق القوة هو الوحيد الذي يستطيع أن يعلن العصر الذهبي قبل ثبوت رؤيته حقيقةً وواقعاً. منطقياً، يجب الحديث عنه والفخر به بعد تحققه، أو في أثنائه، في الأقل تحسّباً لمحاذير قول الشاعر: «اللياليُّ حبالى.. لستَ تدري ما تلدْ».
درس وأيّ درس، كل العقبات المادّية والنفسيّة، في المستطاع تجاوزها: من رسّخ في الأذهان والنفوس أن العرب اتفقوا على ألاّ يتفقوا؟ من قال إن التشتت قدر محتوم على الدوام؟ من قال إن التنميات المتعثرة لا يمكن أن تقوم لها قائمة؟ الإمكانات حاضرة، لكن الإدارة الفائقة غائبة. فليتعلم العرب المخفقون من أشقائهم الناجحين المتألقين عالمياً أنه لا وجود للمستحيل. الدرس الترامبي الآخر «فلنجعل أمريكا عظيمةً مرة أخرى».
يقيناً، ليس المقصود «النسخ واللصق»، فالمهرجان ذهب إلى السوريالية الإستراتيجية في مواضع شتى من جغرافيا العالم، ما يمكن أن يغير معجم البلدان، إلاّ أن تلك الأقطار كانت لها ردودها في قضاياها السيادية. أوروبا لم ترقها أمور عدّة، من ذلك أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند دعا بلده إلى «الاستعداد لمواجهة السياسات الأمريكية إزاء أوروبا». يبقى أن الخطاب لا يخلو من الإيجابيات، فالومضة الأخلاقية تستحق الوقوف عندها حين تصدر عن رئيس الولايات المتحدة، وهي أن «الأسرة رجل وامرأة فقط». ليته شهر السيف على قوس قزح.
لزوم ما يلزم: النتيجة الإيقاظية: ألا يستحق العالم العربي شعاراً ولو في الأحلام: «فلنجعل الأمّة عظيمةً مرة أخرى»؟
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق