ما الذي يحدث للأسرة حين تنتظر مولودها الأول لتسعة أشهر وحين يولد تكتشف بأنه ربما لن يعيش، وإن عاش، فلن يكون قادراً على المشي أو الكلام أو حتى تمييز والديه؟
هذه المشاعر وأكثر كانت بداية فيلم «عالم لوكا» الذي أنتجته شركة «نتفلكس» بالإسبانية بناءً على كتاب يحمل ذات الاسم لمؤلفته المكسيكية باربرا اندرسون التي تروي قصة رحلتها مع علاج مولودها المصاب بالشلل الدماغي.
ربما لا يكون الفيلم من الأفلام الأكثر تميزاً في تصويره وإخراجه، لكنه تميز بمعالجة درامية لقصة حقيقية تشد المشاهد وتجعله يريد معرفة الخطوات التالية لهذه الأسرة ومصير هذا الطفل ولو أن الأحداث كانت بطيئة قي بعض المشاهد، وصادمة أو ملهمة أو مبكية في مشاهد أخرى.
يجعل الفيلم مشاهديه ينبهرون بإصرار الأم وتضحيات الأب كي يوفرا أي علاج ولو وهمي لطفلهما، كما أنه يلتفت لمشاعر الأخ الأصغر وهو الأمر الذي قلما نجد تركيزاً عليه في الأفلام الشبيهة التي تحمل قصص أسر لديها طفل مصاب بمرض أو بإعاقة ذهنية أو جسدية، وكيف كان مساعداً مهمّاً لأخيه.
أن يعيش طفل لعمر الخمس سنوات من دون أن ينطق كلمة واحدة أو يبتسم أو يمشي أو يأكل طعاماً كغيره من الأطفال، فهذا أمر بالغ الصعوبة على أسرته، خصوصاً مع العلاج الدائم بما يحمله من تعب وإرهاق جسدي ونفسي ومالي، لكن أن ينتظر الوالدان أو أحدهما على الأقل معجزة ويبحثا عنها وعن إمكانية توفر أي علاج جديد، برغم تأكيد جميع الأطباء على عدم وجوده، لهو الأمر الذي يدعو للدهشة. وهو ماحدث في فيلم «عالم لوكا» حين عرفت الأم بوجود علاج كالمعجزة في الهند وأصرت على أخذ طفلها إلى هناك، برغم كل المحاولات الأولية الفاشلة لتحقيق ذلك ثم رهن الأب الشقة لتوفير المصاريف اللازمة لهذه الرحلة إلى أن يتحقق الهدف ويسافر أفراد الأسرة جميعهم للهند في رحلة لا يعرفون منها شيء سوى أنها قد تكون وسيلة لعلاج حقيقي للوكا.
الأسرة التي تصنع المعجزات وتحارب كل الظروف وهي الموجودة في واقعنا لا في الفيلم فقط حين يحتاج أحد أفرادها للمساعدة، كانت في الفيلم وسيلة أولى لعلاج لوكا الذي استطاع المشي ونطق بعض الكلمات. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تواصل الأسرة مساعيها لتوفير هذا العلاج لغيره من الأطفال في المكسيك من خلال الدخول في عالم الإجراءات الرسمية الصعبة.
الفيلم ملهم ورسالته جميلة وإنسانية تحمل الكثير من المشاعر التي تدمع لها العين فرحاً وتأثراً.
[email protected]