ليس هناك أسهل وأسرع من التنقل بين القارات بلمح البصر، ولا أسهل وأسرع من انتحال شخصية وادّعاء صفات وخداع الناس وجني الأموال الطائلة أيضاً بلمح البصر؛ كلنا ندرك أن خلف التواصل الاجتماعي وجوهاً وأقنعة ولصوصاً ينتظرون أي نقطة ضعف ليتسللوا إلينا، ورغم ذلك مازال كثير من الناس يقعون في شباك الوهم ويصبحون «بلمح البصر» ضحايا لعمليات نصب كبيرة!.
انتحال الشخصيات لم يعد مقتصراً على اختيار النصابين أسماء مشاهير والتلاعب بالأصوات عبر الذكاء الاصطناعي للإيقاع بضحاياهم، ولا بادّعاء صفة ومنصب مرموق، بل وصل الأمر إلى استغلال أسماء المدن أيضاً، لاسيما تلك التي تشكل «حلماً» بالنسبة لكثير من الناس، مثل دبي التي يكفي ذكرها حتى تلمع العيون وتتمنى النفس زيارتها.. هكذا استغل أحد هؤلاء المحتالين اسم دبي ليدغدغ أحلام سيدة أوروبية، تواصل معها باعتباره مقيماً فيها، تعارفا «من بعيد لبعيد» وتمكن من إيقاعها في حبه؛ الكارثة أنه استطاع سلب عقلها وقلبها وأموالها.. وحين باعت كل أملاكها في أوروبا لتلحق به وأتت لزيارته في دبي، اكتشفت أنها ضحية نصّاب وبفضل شرطة دبي علمت أنه من أصول إفريقية، غير مقيم في الإمارات إنما انتحل شخصية شاب وسيم يعيش في دبي.
خسرت المرأة الأوروبية ١٢ مليون درهم، وخسرت حلمها بالزواج من شاب اعتقدت أنه فتى الأحلام.. محزن أن تمر سيدة أو أي إنسان بتجربة كهذه، مرّة تترك في نفسه ١٢ مليون حسرة، وتقلب حياته رأساً على عقب، وتترك بلاشك أثراً عميقاً ليس من السهل تجاوزه أو التعامل معه وكأنه غلطة بسيطة وانتهت.
كم من الأشخاص وقعوا ضحايا النصب الإلكتروني! وكلما تطورت التقنيات صارت عمليات اختراق خصوصيات البشر أسهل، والاطّلاع على معلومات عنهم وفهم طبيعة شخصيتهم وأذواقهم.. وهو ما يجعل كل الناس عرضة للسرقة أو للوقوع في فخ سارق إلكتروني، فهناك من يسرق المعلومات ومن يسرق الصفحات الخاصة على فيسبوك أو إنستغرام وغيرها، ومن يخترق الهواتف فيسرق كل المعلومات والصور ويمارس لعبة ابتزاز ضحاياه، ويصل إلى الحسابات المصرفية أيضاً..
سهل خداع الناس عبر التواصل الاجتماعي، وسهل تغيير ملامح الوجه والتلاعب بالصوت، فهذا النصّاب يعيش في إفريقيا، ادّعى أنه في دبي ليسرق أموال سيدة في أوروبا.. قام بجولة حول القارات وهو جالس على مقعده ولم يغادر مكانه لحظة أو يعاني تكاليف السفر من أجل الحصول على كل تلك الملايين! مخيفة التكنولوجيا بل مخيف الإنسان إلى أي درجة يمكنه الوصول بشرّه ودهائه، وتسخير كل الوسائل من أجل تحقيق أهدافه!.
12 مليون حسرة - ستاد العرب

12 مليون حسرة - ستاد العرب
0 تعليق