أصبح ترقب إعلان الفائزين في «البوكر» العربية مثل ترقّب «نوبل» التي لا نصيب للعرب فيها سوى اسم واحد (نجيب محفوظ) منذ 1988 وإلى اليوم، في حين كثر الروائيون العرب الفائزون بالجائزة المتخصصة في الرواية، وأصبحت ظاهرة متكررة تتجاوز حيثيات الفوز والتكريم إلى الأثر الأدبي والثقافي الذي أوجدته في الوسط الروائي العربي أو حتى في الوسط الثقافي بشكل عام منذ أوّل جائزة منحت، وكانت في عام 2007، العام نفسه الذي ظهرت فيه الجائزة في أبوظبي بتمويل من دائرة الثقافة والسياحة.
أمس الأول ظهرت الروايات الفائزة بالجائزة لدورة هذا العام 2025، وقبل ذلك كان الترقب هو عنوان هذه الحالة الثقافية والنفسية التي يمرّ بها المرشحون للجائزة، لا بل تحيط حالة الترقب هذه بالصحفيين والروائيين العرب وحتى الشعراء والقرّاء.
«البوكر» العربية لم تنتج هذه الحالة الإعلامية العربية قبل وبعد الإعلان عن الروايات الفائزة فقط، بل أوجدت أيضاً ما يمكن أن يُسَمّى زمناً روائياً تَسَيّد الكتابة العربية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، ولو راقبنا مسار الكتابة الروائية العربية في العقدين الماضيين لرأينا أن الرواية هي بالفعل سيدة الإبداع الأدبي من زاويتين. الأولى: ظهور العشرات وربما المئات من كتّاب الرواية الجدد في الوطن العربي بخاصة من جيل الشباب، وهؤلاء ذهب البعض منهم إلى قراءة التاريخ بشكل خاص، ثم البناء السردي على ظواهره وشخصياته ورموزه التي تذهب إليها البطولة عادة في هذه الأعمال الروائية.
الشعراء أو بعضهم ذهبوا إلى الرواية أيضاً وأعينهم على «البوكر» حتى ليحق للمرء أن يتساءل في ما إذا كان يكتب هؤلاء الروائيون من هذا النوع من أجل الرواية أم من أجل الجائزة.
بكل ثقة يمكن القول إن «البوكر» العربية أنتجت قارئ رواية عربياً، نقدياً، انتقائياً، بل هو قارئ متخصص في نتاج «البوكر»، إن جازت العبارة، ليعرف بالضبط تلك الطريق الطويلة الغامضة التي تقطعها الرواية الفائزة بمجد «البوكر».
لماذا نقول: «مجد البوكر»؟ ذلك لأن العبارة تحمل معناها بلا مبالغة، فالرواية الفائزة تتوجه إليها بالضرورة أضواء الإعلام الثقافي والصحافة الثقافية، وتتوجه إليها استثمارات النشر والترجمة، وربما احتكار الروائي نفسه لمصلحة دار نشر بعينها وذلك للتعاقد معه على نشر نصّ روائي لم يكتب بعد.
في «البوكر» العربية شكل من أشكال التعويض عن عقدة النقص «النوبلية»، والجائزة أيضاً تحية معنوية كبيرة لفن الرواية العربي الذي كبر كثيراً من عام 1988 حتى الآن.
[email protected]
0 تعليق