دون شك أن التطور التكنولوجي والتقدم التقني الذي يشهده عالم اليوم، أضاف للبشرية الكثير من عوامل الرفاه والتطور والتقدم، وأسهمت هذه التقنيات والمعلومات، في المزيد من التطورات المهمة في مجالات الطب والثقافة والنمو الاقتصادي، ونحوها، وفي اللحظة نفسها كان لتلك التطورات عثراتها في جوانب أخرى نحتاج فيها إلى الوقت للتغلب عليها، مثل دخول التقنية وما يعرف بالذكاء الاصطناعي، في بعض مجالات الوظائف، وبسببها تم الاستغناء عن اليد البشرية العاملة، واستبدالها بالآلة التي تعمل على مدار أربع وعشرين ساعة، وطوال أيام الأسبوع وأيضاً أثرها في مجالات أخرى، لا تقل أهمية، مثل تربية الأطفال، فتربية الأطفال في هذا العصر تتطلب توازناً دقيقاً بين الاستفادة من التكنولوجيا والتطور التقني، والحفاظ على القيم الإنسانية والتفاعل الشخصي.
التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات، وتطورها باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة البشرية، والأطفال ليسوا في معزل عن مثل هذه التطورات وتأثيراتها. لذا، يجب على كل أم وأب، والمربين، فهم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا بشكل إيجابي، لتحقيق فوائدها في الوصول إلى المعلومات والتعلم الذاتي.
لذا يظهر مفهوم، ما يسمى: وقت الشاشة، وهو يعني وضع حدود زمنية لاستخدام الأطفال لأجهزتهم الإلكترونية، وهذا ما أوصت به الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، حول أهمية تحديد استخدام الشاشة، لأقل من ساعتين يومياً للأطفال الأكبر سناً. فضلاً عن أهمية اختيار المحتوى التعليمي والترفيهي، الذي يتناسب مع أعمار الأطفال ويسهم في تطوير مهاراتهم.
في عام 2020 نشرت دراسة بعنوان «تأثير التكنولوجيا في تنمية الأطفال» من قبل فريق من الباحثين في جامعة هارفارد. تناولت كيفية تأثير استخدام التكنولوجيا في النمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال، وخلصت إلى أن الاستخدام المفرط للتقنية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في التواصل والعلاقات الاجتماعية. وقالت: «إن الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلا أمام الشاشات يميلون إلى تطوير مهارات تواصل أقل موازنة بأقرانهم. وإن استخدام التكنولوجيا بشكل مفرط يمكن أن يؤثر سلباً في قدرة الأطفال على التعاطف وفهم مشاعر الآخرين». وقد أوصت الدراسة: «بضرورة تحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا والأنشطة الاجتماعية التقليدية لتعزيز النمو الشامل للأطفال. ووضع حدود زمنية لاستخدام الأجهزة. وتشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة البدنية والاجتماعية».
الواقع الذي نعيشه، وما يرفده من دراسات علمية متعددة، تبين الحاجة إلى أهمية التوازن، في منح الأطفال مساحة لاستخدام التكنولوجيا، وفق مرحلتهم العمرية، وبإشراف صارم، وفي دمجهم بحياتهم الاجتماعية...
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
0 تعليق