ثقافة «اكسبوجر» الرفيعة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

استقطبت الدورة التاسعة من المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر» في الشارقة أكثر من 30 ألف زائر تفاعلوا على مدى سبعة أيام مع ثقافة المهرجان التخصصية، وهي باختصار ثقافة الصورة الفوتوغرافية الملتقطة بالكاميرا والعين البشرية، والصورة الرقمية الملتقطة بتقنيات التصوير الصناعي، ثم الصور المتحركة، وأقصد بها الصور الفيلمية الوثائقية، والصور السينمائية. وباختصار، نحن في قلب مهرجان الصورة، أو مهرجان ثقافة الصورة، أي الصورة التي يصنعها الإنسان بطاقته الإبداعية خارج مفهوم التصوير بمعناه التشكيلي: أي الرسم.
«اكسبوجر»، إلى جانب كل ذلك، هو ملتقى أفكار ورؤى ومفاهيم معاصرة قريبة من الفلسفة والعلم، ومن خلال الفعاليات في المهرجان نجد أنفسنا في محيط رحب من الدلالات والإحالات الفكرية التي تتوالد من قلب ثقافة التصوير مثل: الصورة بوصفها تاريخاً للأشياء والكائنات، والصورة بوصفها وثيقة، والصورة بوصفها قصة أو بوصفها حكاية وذاكرة.
لقد عدت في أثناء أيام «اكسبوجر» إلى قراءة تأملات ماكس بيكارد الفكرية والفلسفية في كتابه الجميل «الإنسان واللغة» ترجمة: عبدالوهاب المقالح، وهو في هذا الكتاب يقارب فكرياً وفلسفياً بين اللغة والصوت، اللغة والضوء، اللغة والحقيقة، اللغة والشعر، ثم يقارب في هذه السياقات بين اللغة والصورة.
الصورة التي يتخذ منها بيكارد حقلاً لمقاربته التأملية «الشعرية» مع اللغة تتمثل في الصورة المرسومة، أي الصورة التشكيلية، لكن حقيقة الفكر الشعري أو الفلسفي الذي يذهب إليه بيكارد يتجاوز محدودية الصورة المرسومة إلى أي صورة في الحياة والوجود والفن.
هنا نقرأ بيكارد من جديد في هذا الكتاب «الشعري التأملي»، وذلك في ضوء المعطيات الثقافية ل«اكسبوجر» 2025، المهرجان الذي يدخل عقده الأول في دورته القادمة 2026 ليكرّس بذلك نوعاً من الثقافة الجمالية الجديدة في المنطقة.
يقول بيكارد إن الإنسان يقف عادة صامتاً أمام الصور، ذلك أن «الصورة الصامتة تمنح صمتها للغة. إنها تسترد اللغة من اضطراب مفرط وتحجر اللغة للفحص». ويرى أن الصورة تتحدث إلى الصورة، ويقول إن الصور كلمات الأحلام، ويعطي بيكارد رأياً مدهشاً حقاً يتصل بالعلاقة بين الصورة والأرق النفسي الذي يمكن أن يؤطر في ما هو وجودي، أي الوجود بوصفه أرقاً.
وأخيراً، يقرر بيكارد أن الصور لها تأثير شفائي يأتي من القوة الشافية للصورة الأصلية التي تنتمي إليها الصورة الحقة.
ثقافة نخبوية رفيعة المستوى الفكري والجمالي أوجدها اكسبوجر، ثقافة محورها الصور والفلسفة التي يمكن أن تقترحها عين الإنسان المبدعة، التي تبحث عبر عدسة الكاميرا عن التاريخ الهارب من التدوين باللغة، لتصبح الصورة في حدّ ذاتها لغة.
[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق