قصة حلم ثقافي - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

هل صحيح أن الأحلام تتأثر بالواقع والوقائع؟ هو ذا ما جرى. أمس تناول العمود شركات الإنتاج، التي جعلت ليالي رمضان مهرجاناً سنوياً للمسلسلات. قال القلم: رأيت سيول حشود، لا تحدّها حدود، ولا تصدّها سدود، فهمس الخاطر: ما نحن في كأس العالم، حتى يتدفق المشجّعون. وهمهم آخر: لعل سيل استهلاك احتدم. كلا، فذلك الجمهور يقصد منتدًى عربيّاً عنوانه «الإنتاج التلفزيوني في الميزان».
من حقك السؤال: كيف حدثت المعجزة فهبّت جحافل المثقفين العرب لتبعث الحياة في الفنون؟ من قال: إن صفحة المبدعين طواها الزمن إلى الأبد؟ لكن، كيف فاتك أعجب ما في المشهد؟ ألم ترَ أن كل أعلام القرون الماضية العربية الإسلامية كانوا حاضرين بقاماتهم وهاماتهم؟ أم أنك انطلت عليك الفِرية الكبرى، وهي أن الخالدين أموات؟ لقد حضروا ليصدحوا ويصدعوا بأنهم لن يسمحوا بتدنّي الإبداع الأسلوبي والمعرفة الموسيقية باللغة وغثاء سيل المضامين. بعضهم صاحوا وصَحّوا وصحّحوا: المثقفون هم المسؤولون، فلو كانت لعرب العصر ثقافة أصدق إنباءً من الكتب ولا تختلط عليهم بِيض الصفائح بسود الصحائف، لكانوا أدركوا أن هوية الأوطان لا تكفي لحمايتها أفعال شجب وندّد واستنكر.
تكهرب الجو حين انبرى أحد فطاحل الثقافة الراحلين الأحياء: هل يُعقل أن تُقفر فراديس الشعر إلى حدّ الافتقار إلى قطاف باقة كلمات عابقة، لتلحينها في أغنية تتحف الأذواق المرهفة؟ أليس غريباً أن تتوارى روائع أناشيد الدنيا، وبدائع الإنشاد الديني؟
دعك من كل ذلك فالمشهد المشهود أعجب من بلاد العجائب. أنت سمعت أو قرأت، ولا شك، ما حسبته أساطير الأولين، وما هو كذلك، فقامات الخالدين لا تقاس بالمتر والسنتيمتر، أولئك عمالقة عماليق، فإذا خانك الحظ ورأيت نفسك بين جبلين فقد اختارتك المقادير لدعابة الكاريكاتور. للزمان حكمة وعِبر، من بينها، كما ترى، دروس الأحلام.
تأخذك غفوة، تظن أنك نضوت عنك ثوب الهموم، فإذا أنت في قلب التيار، تميد بك أرض الثقافة، تارةً على رمال متحركة، وأخرى على أمواج متلاطمة. عليك أن تعيد كل شيء على بِنًى علمية ينصهر فيها الماضي والحاضر والمستقبل، لكي تشرق هوية واحدة، لها امتداد حضاري شامخ واحد.
لزوم ما يلزم: النتيجة السباقيّة: العمليّة الإنقاذيّة للثقافة العربيّة، هي أن يشعر أهل الساحات الإبداعيّة بأنهم في تنافس خلاق مع كلّ روائع تاريخهم منذ ألوف السنين. عندئذ لن تشعر الشعوب بأن الأمّهات لا يلدن بعدُ عظماء.
[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق