ليست قمة غزة - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

وليد عثمان

لا شك أن غزة، بكل ما شهدته خلال قرابة عام ونصف العام، وما ينتظرها في المستقبل الغائم المحفوف بالصعاب، هي أبرز كلمة في ملفات القمة العربية التي تلتئم في القاهرة اليوم الثلاثاء.
ورغم ذلك، فإن القمة التي تأجلت من 27 فبراير/ شباط الماضي إلى اليوم أكبر من كونها طارئة، كما توصف في أدبيات العمل العربي المشترك وتقسيماته للاجتماعات حسب دواعيها، وهي أيضاً لا يمكن اختزالها في سبب انعقادها الأقرب، وهو تقديم خطة عربية تتصدى للسيناريوهات الأمريكية - الإسرائيلية الساعية إلى تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول في الجوار أو خارجه.
هذه القمة قد تكون منعطفاً في مسار العمل العربي المشترك، ومن ثمّ في وجود كتلة عربية صلبة قادرة على البقاء حية على خريطة العالم، والإسهام الفاعل في تطوراته، وقبل ذلك في تقرير مصيرها والتعامل مع الأخطار المحيطة بها.
غزة السبب والعنوان في القمة، لكنّ جوهرها دفاع هذه المنطقة عن وجودها الآن، وفي المستقبل، واختبار نوايا الأطراف الإقليمية والدولية وشعاراتها عن العيش المشترك، وبناء المستقبل المتسع للجميع بلا جور، أو تغييب طرف للآخر، أو هضم حقوق تاريخية مستقرة لصنع خرائط محفوفة بالعنف والرغبة الدائمة في الانتقام.
لحظات خطر كثيرة فرضت التنادي إلى قمم عربية معظمها انشغل بتطورات الصراع العربي الإسرائيلي وآثاره ومخططاته، وتقديم صيغ لرسم مسارات تعايش. ونحن الآن أمام واحدة من هذه اللحظات، بل هي أشد خطورة، ليس فقط لأنها تتطلب التصدي لمحاولات عبث بجغرافية المنطقة وتاريخها، والحفاظ على حقوق أصيلة في الأرض والوجود، وإنما أيضاً لأنها لحظة تمتحن معاني الشرعية في العالم وما تبقى من رغبة في الاحتكام إلى القوانين الدولية المنظّمة للعلاقات بين الدول والأقاليم.
إنها أيضاً لحظة اختبار للجسد العربي المصاب في أكثر من عضو، ليقول إن قلبه سليم لا تشغله ساعة الخطر الكبير خلافات بينية أو اختلافات في الرؤى والأولويات، أو الشكليات.
في الحد الأدنى، لا يزال للعرب بيت يأوون إليه، ولو متأخرين، ومهما كانت حاجته إلى الإصلاح، ليخرجوا، تحت مظلته، بموقف معبّر عن الرفض للعبث بالمستقر من أوضاع هذه المنطقة والسعي إلى تفجيرها.
يذهب المشاركون إلى القمة، بينما هناك من يجرّد ملف غزة من مكاسب التهدئة ويجعل منها ورقة ضغط أو مساومة على القرار العربي بالعودة إلى تجويع أهلها وحصارهم. وغزة هنا، مرة أخرى، العنوان لما هو أبعد، أي تفتيت القرار العربي الذي لا يزال، رغم كل الإحباطات ومواطن الضعف في الخريطة، أملاً خاصة في المنعطفات.
القمة الطارئة تأخرت، لكن ذلك قد يبرره الحرص على صياغة موقف متماسك قابل للتسويق، والأهم الإعلان عنه في قمة عربية سببها وعنوانها غزة، لكن العرب جميعاً في قلب التفاصيل والمخاوف.

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق