نوايا نتنياهو - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس، اللعب على حبل الأقليات في سوريا في مسعى للتدخل في الوضع السوري الذي يواجه حالة انتقالية بعد سقوط النظام السابق ومجيء نظام بديل لم يزل يتلمس طريقه وسط عقبات وتحديات أمنية وسياسية غير هينة، من بينها الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان، وتمدده الأخير باتجاه سفوح جبل الشيخ ودرعا وأرياف دمشق الجنوبية.
دعوة نتنياهو وكاتس الجيش الإسرائيلي لمراقبة الوضع في مدينة جرمانا السورية «والاستعداد لحماية الدروز» بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة يوم الجمعة الماضي، أثارت موجة عارمة من الرفض والاستنكار من جانب الموحدين الدروز في سوريا وخارجها باعتبارها تدخلاً فظاً في شؤون سوريا الداخلية، وفي شؤون شريحة من الشعب السوري عرفت بأصالتها وارتباطها بعروبتها، وأسهمت بشرف الدفاع عن سوريا في كل مراحل النضال ضد الاستعمار التركي والفرنسي والصراع ضد إسرائيل، ولا يزال الزعيم الدرزي سلطان باشا الأطرش الذي قاد الثورة العربية في جبل العرب عام 1925 يمثل أسطورة ثورية، ورمزاً وحدوياً، كما أن كل محاولات إسرائيل «لإسرلة» دروز الجولان فشلت منذ عام 1967، وظلوا متمسكين بعروبتهم وانتمائهم إلى سوريا.
وكان نتنياهو قال قبل ذلك إنه «لن يسمح للجيش السوري بدخول الأراضي السورية الواقعة جنوب دمشق، وإن إسرائيل لن تتوانى عن حماية دروز سوريا من أي تهديد». إنه تهديد سافر بالتدخل، وفيه انتهاك فاضح لسيادة دولة مستقلة مؤسسة للأمم المتحدة، ومحاولة خبيثة لشق النسيج الاجتماعي السوري وإثارة النعرات الطائفية، بما يؤدي إلى التقسيم والفدرلة.
كل الموحدين الدروز في جبل العرب وجرمانا والجولان ولبنان وقفوا صفاً واحداً ضد دعوات نتنياهو المشبوهة واعتبروها إهانة واستفزازاً لهم، ونظموا تظاهرات على مدى الأيام الماضية شاركت فيها جماهير غفيرة ومختلف الاتحادات المهنية والنقابية، رفعوا فيها لافتات تقول «من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب تسقط كل مشاريع التقسيم»، و«لا بديل عن الوطن السوري»، و«صوتنا واحد.. هدفنا واحد.. مصيرنا واحد»، و«كل الاحتلالات مرفوضة على الوطن السوري».
دعوة نتنياهو فيها الكثير من الخبث ومحاولة للاصطياد في المياه العكرة لتحقيق هدف قديم يسعى إليه وهو تقسيم سوريا بين طوائفها، بما يعنيه ذلك من القضاء على سوريا كدولة ودور وكدرع في حماية الأمن القومي العربي.
إن استخدام ورقة حماية الموحدين الدروز في السويداء أو جرمانا أو الجولان أو لبنان تبدو ذريعة فاشلة للتدخل، لأن الدروز مثلهم مثل بقية مكونات الأمة العربية ليسوا أقلية يمكن التلاعب بها، بل هم جزء أصيل من هذه الأمة يشاركونها آمالها وآلامها وأحلامها. إنهم عرب لا يحتاجون إلى براءة ذمة من نتنياهو وغيره، ولا إلى حماية منه ومن غيره.
ما أشبه اليوم بالبارحة.. إن رد الموحدين الدروز على نتنياهو يشبه رد رئيس الوزراء ووزير الأوقاف السوري الأسبق فارس الخوري عام 1944، عندما أبلغه الجنرال غورو أن فرنسا «جاءت إلى سوريا لحماية مسيحيي الشرق» فقصد الجامع الأموي في دمشق في يوم جمعة، واعتلى منبره وقال: «إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين، فأنا كمسيحيّ من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله».. فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وطافوا به في شوارع دمشق القديمة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق