زمن الفلسفة - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

.. ينجح بيت الفلسفة في الفجيرة، وعلى مدى أربع دورات سنوية منتظمة في تعميق ثقافة الفلسفة ومفاهيمها ومصطلحاتها القديمة والجديدة، وربط هذه المفاهيم وهذه الثقافة الفلسفية بالمعطيات الفكرية المعاصرة التي تشكل العديد من الأسئلة الوجودية الكبرى والمعقّدة، أحياناً، في عالم متعدد القيم والأخلاقيات، سواء في الشرق أو في الغرب.
المؤتمر في دورته الرابعة، والتي جاءت تحت عنوان «النقد الفلسفي» جمع في حواراته ومداخلاته العلمية والفكرية نخبة من المثقفين والأكاديميين، إلى جانب فلاسفة أو مدرّسي الفلسفة في الجامعات، ومفكرين عرب وأجانب، وكل رمز ثقافي فلسفي من هذه النخبة له قراءاته وأفكاره و«نقده الفلسفي» الذي يتكون بالتراكم المعرفي، ورؤية العالم من خلال منظور الفلسفة، الذي، ربما يحتاج إليه العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى، كانت فيه الفلسفة علماً محدّداً في فئة مثقفة بعيدة وفق هذا التحديد عن المجتمعات وقضاياهم الحيوية اليومية التي هي في أشد الحاجة إلى التفلسف أو القراءة الفلسفية الاجتماعية إن جازت العبارة.
تحديد الفلسفة في قطاع نخبوي، وحصرها بين أسوار الجامعة، و«اقتطاع» الفلسفة من مناهج التعليم، وعدم إعطاء الفلسفة حقّها من الإعلام والصحافة.. كل هذا جعل هذا الحقل الفكري، التأمّلي والنقدي، بعيداً عن الثقافة العربية، وجعل الفلسفة موضوعاً هامشياً بالنسبة لطالب الثانوية، والجامعة، الأمر الذي وسّع من دائرة اغتراب هذا الفكر الإنساني العقلي والرّوحي في آن.. ولنا هنا، أن نلمس حساسية هذه الكلمة (الاغتراب).. والتي هي أحد مفاهيم الفلسفة، المفهوم الذي انشغل به المفكرون في فترة ماضية من ثقافتنا العربية، ولم ينته هذا الانشغال إلى نتائج معرفية أخيرة.
اليوم، ومن خلال بيت الفلسفة في الفجيرة كما لو أن الروح تعود إلى هذا الفكر الرفيع في تاريخ الإنسان. إنه الفكر الفلسفي، أو إنها الفلسفة، روح الأشياء، بل، وحتى إنها روح الكائنات.
في الشعر فلسفة، وفي الرواية فلسفة، وفي الموسيقى فلسفة، وفي العلوم فلسفة، وما من نظريات فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية مؤثرة في الثقافات والحضارات إلّا وقامت على فكر فلسفي.
كان الكثير من رموز الفلسفة العربية والإسلامية شعراء، وموسيقيين، وأطباء، وفلكيين، وعلماء رياضيات وبصريات، .. بل إذا أردت الاسترسال في هذا السياق، فإن في داخل كل كيميائي أو فيزيائي أو عالم أحياء.. هناك فيلسوف يرجع إليه هذا العالِمْ، ويستند إليه، ويتماهى به..
نقطة جديرة بالإشارة هنا، وهي أن المؤتمر في هذه الدورة ينعقد وسط موجة حركية عالمية عنوانها ثقافة الذكاء الاصطناعي، وهو حقل جديد للتفلسف من باب النقد الفلسفي الذي يمكن أن يحيط بكل ما هو فلسفي، وغير فلسفي، من التكنولوجيا إلى الإنسان، ومن الأدب إلى البيئة، ومن الموسيقى إلى المناخ.. حتى لو كانت بين هذه الحقول الكثير من المفارقات والتقاطعات..

[email protected]

أخبار ذات صلة

0 تعليق