شؤون وشجون في الحب والحرب - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما رأيك في أن نفرّ من أهوال الأحوال، ونطير على أجنحة الذكريات، في رحلات حالمة إلى ديار الغزل العربي عبر العصور؟ الفرارَ الفرار، الفكاكَ الفكاك، الهروبَ الهروب، من كروب الحروب.
هل تفضّل الانطلاق من الجاهليّة إلى زماننا، أم الرجوع القهقرى، تناغماً مع مسيرة الأمّة، من رؤى التقدّميين إلى غايات المخططات التي لا تعرف هوادةً في إعادة الشعوب إلى العصر الحجري؟ ويحَ القلم، ما الذي أوقعنا ثانيةً في فخ الهيجاء؟ هيا بنا، إلى مضارب الغزل. لكن، مهلاً، هل أدباؤنا واثقون من الجذور اللغوية للغزل والتشبيب والنسيب؟ وما الفوارق بينها؟ هل صحيح أن الغزل في الشعر مشتقّ من الحديث اللطيف إلى النساء؟ كأنما المعنى: عندما تغزل البنات الصوف يناغيهن الفتيان، وبهذا التحليل الاجتماعي الأنثروبولوجيّ، فاضت القرائح بنمير الشعر. كان الأطرف، اشتقاق الغزَل من الصوف، بمعنى النسيب والتشبيب. الفارسية أطلقت اسم «الغزليات» على الأشعار الصوفية.
على أيّ حال، ليس هذا موضوعنا، فقد لذنا بالغزل اتقاءَ شرور الوغى. لكن الحل سيكون أدهى من المشكلة، فسوف نكتشف أن الحبّ ثعلبيّ المكر والدهاء، فهو أنكى من الحرب، لهذا أخفى الراء، بلعبة استراتيجية كأنه الجنرال الصيني «صن تزو» في خطط كتاب «فن الحرب». تعال تأمّل، بعيداً من الجاهلية، شاعراً ظريفاً رومانسياً، هو شهاب الدين الأعزازي، ابن بلدة أعزاز من محافظة حلب، التي كان يحكمها في زمانه في القرن السابع الهجري، المماليك، واليوم يسيطر عليها أقرباؤهم الشيشانيون والأوكران ومعهم الأويغور، بغطاء جولاني، وراء أكمته آخرون وغيرهم.
ذلك الشاعر الرقيق الغزل، وليس المقصود الشعوب التي يراد تحويلها إلى رقيق، والبلدان إلى دقيق. غزله العذب ترسانة سلاح. هل بدأت تدرك المرمى والمرام؟«هربنا من القطرة، جئنا تحت الميزاب». يقول: «صاح في العاشقين يا لكنانهْ.. رشأٌ في الجفون منه كنانةْ... عربيٌّ بدت طلائع لحظيه فكانت فتّاكةً فتّانةْ... وغزانا بقامة وبعينٍ.. تلك سيّافةٌ وذي طعّانةْ».
ماذا عن الباشا المنعّم شوقي بك؟: «أحلّ سفك دمي في الأشهر الحُرُمِ». وماذا عن سهام اللحاظ التي تشك الأفئدة؟ الآن، الأسئلة المحرجة. منذ الجاهلية إلى زماننا، كان الشعر العربي ذا ترسانتين، إحداهما للدفاع عن السيادة والهوية والتصدي للأعداء، وحماية الهيبة والحمى والحميّة، والأخرى كانت تضمن منعة الحبيبة وتقيها المهانة والهوان: «ديار اللواتي دارهن عزيزةٌ.. بطول القنا يُحفظن، لا بالتمائمِ». لذلك استجاب المعتصم.
لزوم ما يلزم: النتيجة الجناسية: الشاعر القديم كان شاعر السيف، وشاعر «حبّيتك في الصيف». يقول مسلم بن الوليد: «نحن قوم تذيبنا الأعين النجل على أننا نذيب الحديدَا».

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق