عدي صافي - روى شاب أدمن على تعاطي مادة الكريستال المخدر المآسي التي طالته نتيجة إدمانه على هذا السم الذي يهدد الحياة.
وقال في مقطع صوتي نقلته مديرية الامن العام ورصدته رؤيا إن إدمان تعاطي المخدرات أودى به إلى براثن وتابوهات العالم المظلم، حيث اعتدى على والدته وقام ببيع أثاث المنزل في سبيل الحصول على المادة.
وأشار إلى أن رفاق السوء هم من دلوه على هذا السم، موضحا أنه بعد أن تعاطى جرعته الاولى من المادة المخدرة أصبح يقدم على فعل أي شيء مقابل شراء المزيد.
وذكر أنه فقد والدته عندما توفيت وهو مسجون خلف القضبان، معبرا عن ندمه وألمه الشديدين.
وأكد أنه لجأ بعد ذلك إلى مركز علاج الإدمان التابع لمديرية الامن العام لتلقي العلاج بشكل مجاني وسري.
وبين أن العاملين في المركز من مرتبات الأمن العام استقبوه أفضل استقبال كان وقدموا له ما يلزم للخلاص من السموم التي أغرقت عقله وجسده.
ومادة "الكريستال" تشبه (الكريستال الخاص بالزينة)، وهي مادة زجاجية بلورية غير منتظمة، كما أن جزءا منها يأتي مطحون على شكل حبيبات خشنة.
ومادة الكريستال تعد أخطر المواد المخدرة الموجودة في الأردن وتعتبر الأشد فتكا سواء بالإدمان أو الهلوسات أو تغير وظائف الدماغ، كما أن مادة الكريستال تؤدي في بعض الأحيان إلى الحالة الذهانية الشديدة أو الجنون المطبق، وفق تصريحات سابقة لرئيس قسم الإعلام في مركز مستشفى الرشيد أنس الطنطاوي في حديث لـ"رؤيا".
سلوكيات تدل على تعاطي الشخص للمخدرات
وتظهر على الشخص المتعاطي للمواد المخدرة أعراض وسلوكيات غريبة قد تكون ذات دلالة لأسرته والمقربين منه لمعرفة.
رئيس قسم الإعلام في مركز مستشفى الرشيد أنس بيك الطنطاوي قال إن هناك سلوكيات يجب التركيز عليها من قبل الأهل لمعرفة إن كان ابنهم يتعاطى المواد المخدرة، منوهاً أن وجود عرض أو عرضين سلوكيين لا يعني بالضرورة أن الشخص يتعاطى المادة المخدرة.
وبين لـ"رؤيا" أنه يجب التركيز من قبل الأهل على الأعراض السلوكية وترك الأعراض الجسدية للمتخصصين في مجال علاج الإدمان.
وأفاد أن أول الأعراض السلوكية التي قد تظهر على متعاطي المواد المخدرة لذويه تتمثل في عزلته عن الأسرة، ومحاولته الإبتعاد عن الجلوس مع عائلته؛ نظراً لقلقه وخوفه المستمر من انكشاف أمره، حيث يتزامن ذلك الإنعزال مع انفتاح على رفاقه خارج المنزل والذين يملكون في غالب الأمر جرعة المواد المخدرة التي يتعاطاها.
وأكد الطنطاوي أن متعاطي المادة المخدرة سيظهر عليه اضطراب في مواعيد النوم، موضحاً أن العائلة تكون على معرفة بطبيعة نوم أبنائهم إلا أنه مع بدء تعاطي الشخص للمادة المخدرة قد لا ينام أبدا وقد ينام لساعات طويلة بشكل متواصل، وهذا العرض يعتمد بشكل رئيسي على نوعية المادة المخدرة التي يتعاطاها وإن كانت مثبطة أم منشطة أم مهلوسة.
وبين لـ"رؤيا" أن المتعاطي للمادة المخدرة سيعاني من اضطراب في تناول الطعام كما أنه يبتعد عن تناول الطعام برفقة أسرته، مشيراً إلى أنه قد يأكل على دفعة واحدة وقد يعاني من القلق نتيجة عدم توفر الجرعة التي يتعاطاها مما يمنعه من تناول الطعام.
أما فيما يتعلق بالعرض السلوكي الرابع فقال الطنطاوي إن أصدقاء جدد سيظهرون وسيكونون في غالب الأمر غير معروفين للأسرة ومن محيط غريب، وحينما يطرح الأهل الأسئلة حول الرفاق سيحاول الشخص المتعاطي للمادة الدفاع عنهم بشكل مستميت.
وذكر الطنطاوي أن الرفاق الجدد سيكونون بالغالب هم مصدر المادة المخدرة التي يتعاطاها الشخص، داعيا الأسر إلى سؤال أصدقاء ابنهم القدامى عن هوية أصدقائه الجدد.
وأفاد خلال حديثه بأن الشخص المتعاطي للمادة المخدرة سيظهر عليه عرض سلوكي يتمثل بخروجه المفاجئ من المنزل بشكل غير معتاد ومن دون اخبار عائلته عن وجهته.
وتابع:"في حال حاول الأهل التواصل مع ابنهم بعد خروجه خلسة فإنه لن يجب بالغالب وفي حال أجاب سيختلق أعذار غير منطقية، كما أنه سيعود في ساعات متأخرة من الليل"، منوهاً أن تكرار هذا العرض يعد مؤشراً خطيراً.
وأضاف:"سيظهر عرض على الشخص المتعاطي للمادة المخدرة يتمثل في إهمال واجباته الأساسية كالدراسة والعمل وواجباته تجاه أسرته، كما أنه لا يستجيب للنصائح التي توجه له من قبل أسرته".
وقال الطنطاوي لـ"رؤيا"إن المتعاطي سيترك أدواته وغرفته بشكل غير مرتب، كما أن مظهره العام سيصبح غير لائق، ولا يسمح لأحد بلمس والبحث ضمن أدواته الخاصة؛ خوفاً من أن يجدوا شيئاً يدلل على تعاطيه المادة المخدرة.
علاج إدمان تعاطي المواد المخدرة
ونظراً لخطورة زيادة نسبة متعاطي المواد المخدرة ومدمنيها على المجتمعات، شرعت دول العالم لتوفير مراكز علاج من الإدمان بشكل مجاني وبسرية تامة للمريض الذي يتلقى العلاج.
يشار إلى أن المادة 9 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية في الأردن لسنة 2016 أعفى المدمن من العقوبة إذا اعترف بنفسه وطلب العلاج، ولا تقام دعوى الحق العام على المتعاطي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المدمن عليها إذا تقدم بنفسه أو بواسطة أحد أقاربه قبل أن يتم ضبطه من قبل الأجهزة الأمنية.
قال الخبير في مكافحة المخدرات ورئيس مركز علاج المدمنين السابق العقيد المتقاعد فواز المساعيد في حديث سابق لـ"رؤيا" إن هناك مراحل لمعالجة المدمن على المواد المخدرة وليس منهجية بحد ذاتها.
وبين المساعيد في حديث لـ"رؤيا" أن مراحل العمليات العلاجية تتمثل في تشخيص حالة المريض من قبل طبيب متخصص، ومن ثم مرحلة إزالة السمية ومن ثم مرحلة إعادة التأهيل.
ووفقاً للمساعيد يتبع مرحلة التشخيص أدوار عدة للمرشد الاجتماعي الذي يقوم بتصحيح مسار المريض وتوعيته بالمخاطر المحدقة به، عدا عن دعمه وتعزيز ايجابياته لغايات الاستمرار في تلقي العلاج، وتحسين علاقته في عائلته في حال كان هناك خلافات مسبقة.
وأضاف:"يتبع تلك المرحلة حضور للمرشد الديني الذي يؤدي دورا روحياً مهما مع المريض ويعيده إلى طريق الصواب، لا سيما وأن هناك عدد من مدمني المواد المخدرة ونتيجة لفقدانهم قدرات عقلية يتجهون نحو الإلحاد".
وتابع، "توفر مراكز العلاج من الإدمان جوانب رياضية مهمة تساعد في إزالة السموم من جسد المريض، إضافة إلى برامج ثقافية تعزز مواهب المريض، عدا عن توفير مركز علاج الإدمان التابع لوحدة مكافحة المخدرات مكتبة تضم أكثر من 2000 كتاب".
مدير مركز سواعد التغيير عبدالله حناتلة وهي مؤسسة تعنى بالحد من أضرار المخدرات، قال لـ"رؤيا" إن المنهجيات العلاجية في الأردن تتبع منهجية الفطام فقط، والتي تعني حجز الشخص حتى يتم التخلص من المادة المخدرة في جسده، أي بمعنى تنظيف الجسم والفطام عن المادة المخدرة حتى اختفائها من الدم.
كما أشار إلى عدم وجود مساحات تسمح بتنفيذ برامج أخرى مثل البرامج الزراعية وغيرها التي تعمل على تفريغ الطاقة السلبية لدى الشخص المدمن على المادة الأخرى.
وأوضح أنه لتحسين العلاج يجب استخدام بروتوكولات معممة يسير عليها الجميع وفقا لمراجع علمية.
ونوه إلى أن العملية العلاجية عملية متكاملة من توعية المريض وصولا إلى الرعاية اللاحقة، حيث يجب أن يكون هناك تعزيز من قبل المعنيين لإقناعه بالعلاج لأن العلاج من اللازم أن يكون طوعيا مبنيا على رغبة المريض بالتعافي.
ووفقا لخبراء وعاملون في مراكز العلاج فإن المراكز تضم في جنباتها قصصا شتى لأفراد وقعوا ضحية لهذا السم وفقدوا القدرة على أنفسهم، مما تسبب لهم بأضرار نفسية ومجتمعية ومشاكل على مختلف الأصعدة.
وقالوا إن الوقوع ضحية لهذا السم غير محصور ضمن فئة اجتماعية معينة دونا عن غيرها، أو ضمن حملة الشهادات الجامعية، بل يشمل الجميع، والمراكز تشهد على ذلك.
نجاعة العلاج من إدمان المواد المخدرة
"درهم وقاية، خير من قنطار علاج"، لعلها جملة تصف واقع الدخول إلى عالم تعاطي المخدرات؛ فالإقدام على تعاطي المادة المخدرة ليس كالإقلاع عنه، وتشير الأرقام العالمية أن 85 في المئة من عمليات علاج الإقلاع عن الإدمان تفشل، حيث أن نسبة النجاح في أفضل مراكز العلاج العالمية وصلت إلى 15 في المئة.
ولا يوجد أرقام دقيقة حول نسبة نجاح العلاج المقدم في المملكة؛ نظراً لغياب مرحلة "الرعاية اللاحقة" للمرضى، وهي المعنية بمتابعة حالة المريض بعد مغادرته لمركز العلاج، بحسب المساعيد وحناتلة.
فيما قال مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العقيد حسان القضاة في تصريحات سابقة إن قضايا المخدرات زادت في الأردن خلال العام الماضي بنسبة 24 في المئة، مقارنة مع العام 2022.
وأشار إلى أن التعاطي والترويج وتجارة المخدرات مشكلة عالمية وهي في زيادة مستمرة.
وأكد القضاة تركيز الإدارة على قضايا الإتجار والمروجين بشكل كبير نظرا لخطورتها المضاعفة، ما أدى إلى ضبط ما يزيد على 7 آلاف قضية اتجار وترويج ما نسبته 33 في المئة من العدد الكلي للقضايا.
وفي ذات السياق أكد العقيد المتقاعد فواز المساعيد لـ"رؤيا" أن هناك نجاح في عمليات علاج مرضى الإدمان في الأردن إلا أنها تعد ضئيلة جداً؛ نظراً لظروف مختلفة.
وأوضح أنه لا يوجد رعاية لاحقة للمريض من قبل جهات متخصصة، ولا يوجد زيارات ميدانية لمنازل المرضى بعد مغادرتهم مركز العلاج، كما تغيب برامج توظيف المرضى وتوفير رعاية نفسية لهم.
وأشار إلى أن المرضى يتحملون جزءاً من مسؤولية عودتهم إلى السلوك الإدماني حيث يعود البعض إلى الأصدقاء القدامى والأماكن التي حصلوا بها على المادة المادة المخدرة وهذا يؤدي إلى انتكاستهم.
ودعا إلى أهمية وجود جهات تتبنى الرعاية اللاحقة للمرضى وذويهم حتى يتم حل مشاكلهم ودمجهم بالمجتمع ليصبحوا عناصر فاعلة وإيجابية.
ما هي الانتكاسة؟
وتعرف الانتكاسة لمدمني المواد المخدرة بـ"العودة إلى السلوك الإدماني السابق بعد تلقي العلاج".
ويعزى أسباب انتكاسة مدمني المواد المخدرة إلى:
المجتمع وعدم توفير فرصة عمل للمريض بعد التعافي، حيث يشعر بالعزلة عن الآخرين.
0 تعليق