على مدى العقود الأخيرة، أصبح العنف في مباريات كرة القدم ظاهرة منتشرة نسبيا تتطلب تدخلا عاجلا، وفق نتائج دراسة حول “التدبير الأمني للعنف وأحداث الشغب بالملاعب الرياضية بالمغرب: من أجل مقاربة شاملة”.
وأفادت الدراسة، التي أعدها كل من مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، وجرى تقديمها الخميس 19 دجنبر 2024 بالرباط، بأن أرقام المديرية العامة للأمن الوطني للفترة من 2019 إلى 2023 تشير إلى متابعة حوالي 686 قاصرا، في إطار الشغب الرياضي، منهم 113 في حالة احتجاز، وهو ما يمثل حوالي ثلث عدد البالغين المتابعين في حالة سراح أو احتجاز.
أبرز المصدر ذاته أن معطيات أدلى بها عدد من المصرحين حول مدى انتشار العنف والعوامل الحاسمة المسؤولة عن السلوك العنيف في مباريات كرة القدم المغربية أظهرت أن أغلبية أشكال العنف كانت حاضرة وتتباين بشكل واضح حسب الخصائص السوسيوديمغرافية للمعنيين.
وأظهرت الدراسة أن هناك علاقة بين السن والمستوى السوسيواقتصادي لهؤلاء والعنف في مباريات كرة القدم، إضافة إلى وجود فرق شاسع بين انتشار العنف وسط مستهلكي المخدرات وغير مستهلكيها.
وأبرزت نتائج البحث أن غالبية حالات العنف قد تم تسجيلها بين المشجعين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاما، كما أوضحت أن العنف يحضر بشكل أكبر بين الأشخاص غير المتزوجين.
وأشارت إلى أن أغلب الأشخاص العدوانيين لديهم مستوى تعليمي ابتدائي أو ثانوي، يليهم مشجعون أميون. وتؤكد النتائج انتشار العنف دون عنف جسدي لدى نصف العينة، و21% يكسرون أشياء ومعدات، و15% يتعاركون أو يصطدمون بمشجعين آخرين، و9% يعتدون جسديا على قوات حفظ النظام، في حين يحتل 4% أرضية الملعب.
وتعود أسباب السلوكيات العدوانية لدى الشباب خلال مباريات كرة القدم، وفق الدراسة، إلى سوء إدارة الأندية ونقص البنية التحتية الرياضية، ثم يأتي التحكيم الذي يُشار إليه كأهم سبب يؤدي إلى العنف خلال مباريات كرة القدم.
وترجع أسباب العنف (سلوك الهوليغانز؛ وهو شخص أو مجموعة أشخاص يقومون بعنف يتسبب في أضرار للممتلكات العامة) أساسا إلى المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، بالإضافة إلى البطالة، ونقص وسائل الترفيه والتسلية، حيث يُعتبر لعب كرة القدم الوحيد الذي يستطيع فيه الشباب التعبير عن معاناتهم والتنفيس عنها.
وفقا لهذه النتائج أشارت الدراسة إلى ضرورة تبني استراتيجيات جديدة، مثل تعبئة جميع التنظيمات الرياضية والشبابية في مختلف أحياء المدينة لتوعية الشباب بظاهرة العنف والشغب في الملاعب، ونشر الثقافة الرياضية من خلال وسائل الإعلام، وإشراك الجامعات والأندية لتحمل مسؤولياتها التربوية والتقنية تجاه اللاعبين، والفرق، والجمهور.
كما يتعين، حسب المصدر ذاته، تعزيز التربية البدنية في المدارس والفضاءات المحلية في الأحياء الشعبية والاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال.
وأكدت الدراسة أن الحد من شغب الملاعب وضمان بيئة رياضية آمنة، يتطلب اتباع استراتيجية شاملة تستند إلى حكامة جيدة في ما يتعلق بالترتيبات الواجب اتخاذها لتدبير المنشآت الرياضية ومحيطها، وكذا الاستراتيجيات الأمنية ذات الصلة، وخضوع هذه الاستراتيجية لمبدأ الشرعية واحترام حقوق الإنسان ومراعاة مختلف الأبعاد الاجتماعية والثقافية لهذه الظاهرة المعقدة.
0 تعليق