تفرض الممثلة جوليا قصار وجودها في أي عمل تشارك فيه وهي تُعتبر من أبرز الوجوه اللامعة على الساحة اللبنانية التي يحرص المُنْتِجون على وجودها في أعمالهم.
قصار التي انتهت من تصوير المسلسل الرمضاني «بالدم»، تحدّثتْ عبر «الراي» عن وضع الدراما اللبنانية وأبدت تفاؤلاً وإيجابية بالنسبة إلى مستقبلها في حال توافرت لها الظروف المناسبة.
منذ يومين
31 ديسمبر 2024
• هل تؤمنين بعودة الدراما اللبنانية إلى قواعدها بعدما تعرّضت للانتقادات خلال الأعوام الماضية، بل حتى للسخرية بسبب الانتاجات الضعيفة؟
- لا يمكن تعميم هذا الكلام على كل الأعمال، بل الأمر يرتبط بالإنتاج. وعندما يكون الإنتاج جيداً يَبرز العمل، وعندما لا يكون كافياً لا يمكن أن نؤمّن له كل مقوّمات النجاح، لأن كل شيء يحتاج إلى المال. وهناك أعمال قُدمت من «حلاوة الروح» وهي تعرّضت للانتقادات بسبب الإنتاج الضئيل الذي رُصد لها والذي لم يكن يسمح لها بأن تكون على المستوى المطلوب.
ما ينقصنا بعد مرور كل هذه السنوات هو الإيمان بالدراما اللبنانية وتقديم الدعم لها، بل هذا أكثر ما تحتاج إليه. وعندما يتوافر المال ويتم التخطيط للأعمال بشكل جيد، تَفرض النوعيةُ نفسَها ولا يمكن أن يحصل العكس وأن تُصرف الأموال على أعمالٍ دون المستوى. صحيح أن بعض الأعمال كانت فريسة السخرية، ولكن بالرغم من ذلك فإن المُشاهِد اللبناني كان مُتابِعاً جيداً للدراما اللبنانية حتى تلك التي كانت تشكو ضعف الإنتاج أو خللاً في بعض التفاصيل. حتى ان مَن كانوا ينتظرون ويتابعون المسلسلات اللبنانية أكثر من الذين كانوا ينتقدونها.
• وكيف تردّين على مَن يتهم غالبية الممثلين الجيدين بالتخلّي عن الدراما اللبنانية بحيث اقتصر الوجود فيها على الوجوه الجديدة والجميلة من ملوك وملكات جمال وعارضي وعارضات أزياء ومذيعين ومذيعات؟
- أنا لم أتخل عن الدراما اللبنانية، لكنني أوزّع وقتي بينها وبين السينما والتدريس. ولكن لا بد أن يكون هناك طلب أكبر على بعض الممثلين والممثلات وأن يتواجدوا على الساحة بشكل أكبر، خصوصاً أن المُنْتِجين صاروا يعرفون أنه لا يمكن الاعتماد في أعمالهم فقط على الشكل الجميل من خلال الاستعانة بوجوه جميلة من مجالات أخرى، بل يجب أن يَخضعوا لتدريب وأن يتحمّلوا مسؤولية الدور الذي يقدّمونه، وذلك بصرف النظر عما إذا كانت لديهم خلفية تمثيلية أم لا، كي يكونوا على قدر المهمة التي يحملونها. وهناك الكثير من الوجوه التي برزتْ ثم اختفتْ لأنها لا تستحقّ، ومَن يستحقّ لا يزال مستمراً، والغربلة تبقى موجودة.
• وماذا تقولين للذين يَعتبرون أن الدراما اللبنانية لا تُحاكي واقعَها؟
- في 2018 استطاع مسلسل «انتي مين» أن ينجح ويكتسح لأنه كان واقعياً. وأتكلم هنا عن الأعمال التي شاركتُ فيها. ولا شك أنه توجد أعمال أخرى غيرها تناولتْ قصصاً من الواقع اللبناني.
يحب أن يكون هناك سعي حثيث لتقديم أعمال من الواقع اللبناني، لأنه كلما كانت الدراما قريبة منه كلما نجحتْ أكثر وصدّقها الناس وأَحَبّوها. الناس يحبون مشاهدة الأعمال التي تشبههم، وهذا ما يجب أن يحرص عليه الكتّاب في الأعمال التي يكتبونها، سواء كانت كوميدية أو تراجيدية، أي أن تكون قصصهم من صميم الواقع اللبناني.
• وهذا الأمر ينطبق على مسلسل «بالدم»؟
- لا يمكن أن أضيء على قصة المسلسل وأعتقد أن الكاتبة نادين جابر، أثبتت وجودها، وقصة «بالدم» الواقعية هي التي شجّعتْني على القبول بالمشاركة فيه.
• برأيك، كيف يمكن أن تُحلّ مشكلة الممثل اللبناني الذي يعيش حالة من القلق الدائم إما بسبب استبعاده أو بسبب قلة الأعمال أو لأسباب أخرى مختلفة؟
- مشكلة الممثل اللبناني يمكن أن تُحل عندما تُحل مشكلة لبنان ويعود الوضع إلى حاله. وفي الأعوام الأخيرة وَجَدَ الممثل نفسه مضطراً للسفر والعمل خارج لبنان بسبب قلة الإنتاجات فيه والتي لا يمكن أن تستوعب كل الممثلين.
• هل الممثل اللبناني مظلوم؟
- لا أحب أن أقول هذا الكلام، بل أفضّل أن أكون إيجابية دائماً. أعرف جيداً أن هناك عدداً كبيراً من الممثلين اللبنانيين الموهوبين الذين فَرَضوا أنفسهم ولكن الحظ لم يحالفهم نتيجة الظروف الحالية، وكل ما نحتاج إليه في لبنان هو الأمان. وفي حال استقرت الأوضاع، لا بد وأن يزيد الطلب عليهم لأن المُنْتِجين يبحثون عن الممثلين الجيدين وهم يعرفون أهميتهم في أعمالهم.
في المقابل، هناك ضآلة في عدد الإنتاجات، ونحن خاطرنا وصوّرنا مسلسل «بالدم» أثناء الحرب، علماً أنه في دولة أخرى وفي ظروف مماثلة قد يتوقف التصوير. ما عشناه وما مررنا به في لبنان في الفترة الأخيرة كان الأقسى والأصعب مقارنةً مع كل ما عشناه خلال الأعوام الماضية. لكننا لم نتوقف بل وَقَفْنا وصَمَدْنا وتَمَسَّكْنا بإنتاج أعمال جديدة، ولذلك يجب أن ننظر إلى الناحية الإيجابية دائماً. الحرب الأخيرة كانت قاسية جداً وكل القطاعات في لبنان تأثّرت وليس القطاع الفني وحده، ولا بد أن ننهض جميعاً مجدداً وأن نسعى وأن نصمد ونستمرّ ولا بد من أن تصطلح الأمور مع الوقت، مع التمني بأن تستقر الأوضاع لأننا بحاجة للسلام.
• صحيح أن بعض المشاكل تفرضها الظروف لكن هناك مشاكل أخرى تفرضها الجهات الإنتاجية والصداقات والعلاقات. فكيف تنظرين إلى مشكلة تكرار الوجوه والإصرار على الخيار الواحد من عملٍ إلى آخَر، وكيف يمكن تجاوزها؟
- مَن ينجح لا بد وأن يستثمر نجاحه في أعمال أخرى، والأمر نفسه ينطبق على خيار المُنْتِجين، وفي هذا الأمر استمرارية للممثلين الجيدين الذين أثبتوا وجودَهم. وإذا لم ينل البعض فرصته للأسباب التي أشرنا إليها، فلا شك أن من حقه التواجد على الساحة بقوة، وهذا الأمر يمكن أن يتحقق عندما يزدهر الإنتاج ويزيد عدد الانتاجات، وعندها سيُضطر المُنْتِجون للتعامل مع المزيد من الممثلين الجيدين الآخَرين.
• ولكن ظاهرة احتكار الوجوه موجودة حتى في مصر؟
- لا يمكن أن نقارن لبنان بمصر كونها تنعم بالاستقرار، كما أن هناك وجوهاً جديدة تَبرز بين فترة وأخرى، فضلاً عن أن الإنتاجات المصرية لا تتأثّر بالسوق العربية بل لديها نوع من الاكتفاء الذاتي.
• المقصود هو تكرار أسماء النجوم في أدوار البطولة الأولى؟
- هذا أمر طبيعي، ولكن إلى جانبهم تَبرز أسماء جديدة لا يلبث أصحابها أن يتحوّلوا في مرحلة لاحقة إلى أبطال، لأنه يوجد في مصر استقرار ووفرة في الإنتاج واستمرارية في العمل. لكن الاحتكار موجود دائماً. وعندما يَلمع اسم فنان معيّن، يتم التركيز على التعامل معه لأنه يكون في مرحلة الذروة المهنية والفنية.
0 تعليق