أكد المدير السياسي في وزارة الخارجية الليتوانية، لايموناس كيلبشا «أننا نتشارك التاريخ والمصير نفسه مع الكويت، قائلا إننا كنا عام 1991 في القارب نفسه، نعاني عدوانا أجنبيا، ونحاول تحرير أنفسنا وبناء مستقبل ديموقراطي أفضل. وأضاف كيلبشا، خلال لقاء مع «الجريدة» في مكتبه بوزارة الخارجية في العاصمة الليتوانية فيلينيوس، أن بلاده مستعدة للتعاون الدفاعي مع الكويت «من خلال المعارض الدفاعية الإقليمية التي ننظمها، والكويت مُرحّب بها تماماً، وشركاتنا منفتحة دائمًا لاستكشاف إمكانات التعاون مع الكويت». ووجّه رسالة إلى المستثمرين الكويتيين قال فيها: «تعالوا إلى ليتوانيا الآن، حيث إن الاستثمار لدينا آمن، لأننا دولة تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، كما أن إجراءاتنا بسيطة وليس لدينا أي أمور معقّدة»، موضحاً أن «قيمة التبادل التجاري بين البلدين تتراوح بين 4 و40 مليون يورو، وفي منتجات مختلفة، وخصوصاً القمح»... وإلى تفاصيل اللقاء.
قال كيلبشا إنه فيما كانت ليتوانيا تستعيد استقلالها في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، كان تركيز الجميع في أوروبا على دول البلطيق»، مشددا على أن «ليتوانيا كانت مصممة على مغادرة الاتحاد السوفياتي واستعادة استقلالها، وكان هذا الصراع دبلوماسيًا وسياسيًا، وناضلنا من أجل الحرية، وحاولنا التخلص من 50 عامًا من الحكم السوفياتي.
وتابع: «وفي يناير 1991، وقعت أحداث مأساوية في ليتوانيا، عندما أرسل الاتحاد السوفياتي دباباته ليقمع تظاهرة سلمية، من مئات الآلاف من الناس الذين كانوا متجمّعين أمام البرلمان وبرج التلفزيون، ليحموا مؤسسات الدولة المستقلة حديثًا، وقُتل حينها 14 في تلك الليلة، وهي لحظة تحوّل في ذاكرة ليتوانيا التاريخية الحديثة».
واستطرد: «لكن يجب ألا ننسى ما حدث قبل أيام قليلة، حيث غزا العراق دولة الكويت وتغيّر المشهد الجيوسياسي بالكامل، واليوم، نرى ما يحدث في أوكرانيا، حيث العالم كله يركز بشدة على الغزو الروسي لأوكرانيا ويحاول دعم أوكرانيا بكل الطرق الممكنة».
وأردف: «لذلك، أقول إننا كنا عام 1991 في نفس القارب، بطريقة ما، نعاني عدوانا أجنبيا ونحاول تحرير أنفسنا وبناء مستقبل ديموقراطي أفضل، والآن احتفلنا بمرور 30 عامًا على علاقاتنا الثنائية».
نتمنى أن تكون علاقتنا الاقتصادية بالكويت أكثر نشاطاً... وقيمة التجارة تتراوح بين 4 و40 مليون يورو
دعم إنساني
وعن تقييمه للعلاقات بين بلاده والكويت، أكد أنها «لم تكن مكثفة للغاية، ولكننا نقدر تلك العلاقة التي بنتها الكويت مع حلف شمال الأطلسي، إضافة الى الدعم الموسع الذي تقدّمه الكويت لأوكرانيا، ليس فقط الدعم السياسي، ولكن أيضًا الدعم الإنساني العملي لشعب أوكرانيا، الذي يحتاج إليه ولا يزال بحاجة ماسة إلى هذا الدعم»، مشيراً إلى أن «هذا التعاون لديه العديد من السبل التي يجب استكشافها، ونتمنى أن تكون علاقتنا الاقتصادية أكثر نشاطاً مع الكويت، فنحن نرى كيف أن ديناميكية التجارة بين بلدينا تمرّ بمراحل مختلفة، تصعد أحياناً وتهبط أحياناً أخرى، ونحن نسعى لنجد منصة مستدامة للتجارة»، موضحاً أن «قيمة التبادل التجاري بين البلدين، تتراوح بين 4 و40 مليون يورو، في منتجات مختلفة، وخصوصاً القمح».
أدعو المستثمرين إلى الاستفادة من سوق بلادي المفتوحة بموجب لوائح الاتحاد الأوروبي
استثمار آمن
وفي شأن الاستثمار في بلاده، وما اذا كان آمناً، قال كيلبشا: «إنها سوق مفتوحة بموجب لوائح الاتحاد الأوروبي، والاستثناء الوحيد البسيط هو القطاعات الحساسة، مثل الطاقة والنقل، أما بالنسبة للضريبة، فنحن من الدول الأفضل من ناحية الضريبة للمستثمرين، حيث إنها 15 بالمئة ثابتة لضريبة الدخل للشركات، ثم لدينا مناطق صناعية محددة توفر إعفاءات ضريبية حسب المنطقة التي تختارها».
وأضاف: «رسالتي إلى الكويتيين: تعالوا إلى ليتوانيا الآن، إنها لحظة جيدة حقًا، ولا تزال بلادنا بسيطة في تعاملاتها، وليس لدينا أي أمور معقّدة، والاستثمار لدينا آمن، لأننا دولة تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، كما يمكن الاستثمار في كل تلك المجالات التي نسميها الاقتصاد الجديد، كالتكنولوجيا والمصارف والتكنولوجيا الحيوية، ومنها التعليم وكذلك في القطاع الدفاعي».
كيلبشا: ليس لأحد أن يملي علينا قرارات سياستنا الخارجية... فنحن دولة مستقلة والكويت تشاركنا نفس النهج
تعاون دفاعي
وفيما يتعلّق بالتعاون الدفاعي بين البلدين، قال: «نحن ننظم معارض دفاعية إقليمية مهمة، والشركات الكويتية مُرحّب بها للغاية، فمن المهم أن يسمح ذلك بالتطور التكنولوجي وجذب الاستثمارات، وشركاتنا منفتحة دائمًا لاستكشاف إمكانات التعاون مع الكويت»، موضحاً أن «آخر معرض أقيم كان في شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، وأعتقد أن المعرض المقبل سيكون خلال سنوات قليلة».
وعمّا اذا كنا سنشهد افتتاح سفارة لبلاده في الكويت، أجاب: «لدينا سفارة نشيطة جداً في أبوظبي تهتم بعدد من الدول، من بينها الكويت، وفي الواقع، ليست لدينا خطة في السنوات الأربع المقبلة لفتح سفارة في الكويت، لأن ليتوانيا استثمرت الكثير منذ السنوات الأربع الماضية في تعزيز وجودها بمنطقة المحيط الهادئ، وذلك لأسباب عدة، حيث افتتحنا 3 سفارات في أستراليا وسنغافورة وفي كوريا الجنوبية»، مشيراً إلى «أننا نواجه بعض الضغوط من الصين بسبب علاقتنا مع تايوان، لكن ليتوانيا لا تزال دولة مستقلة، ولا يمكن لأي أحد أن يقرر كيف نمضي قدماً في اتخاذ قراراتنا في سياستنا الخارجية، حتى لو كنا صغاراً أو أصغر من الصين بأضعاف، فنحن دولة مستقلة، والكويت تشاركنا نفس النهج كثيراً».
صناعات قوية
وأوضح كيلبشا، الذي عمل أيضاً سفيرا لبلاده لدى الهند وتشيكيا، أن «نحو 70 بالمئة من تجارتنا هي مع دول الاتحاد الأوروبي، وهذا تطوّر طبيعي، لأن هذه سوق واحدة نعمل فيها، كما أن لدينا صناعات قوية مع أسواق متنوعة للغاية. لدينا الزراعة، ولكن ليس لدينا نفط، وليس لدينا غاز، وليس لدينا معادن، ومواردنا الطبيعية الوحيدة هي العنصر البشري الذي عليك أن تستثمر في تعليمهم والاستفادة من مواهبهم وخلق بيئة يستطيعون فيها الإنتاج».
إذا سقطت أوكرانيا... فأي دولة عليها الدور؟
رداً على سؤال ما اذا كانت ليتوانيا تتخوف من امتداد الصراع الروسي مع أوكرانيا إلى أراضيها، قال كيلبشا: «بالنسبة للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في الوقت الراهن، هذه مشكلة كبيرة تواجهها ليتوانيا، وهذه تهديدات وجودية لأوكرانيا، ويمكن أن تصبح نفس الشيء لبلدي أيضاً، لأن ما حدث في الصباح الباكر من يوم 24 فبراير 2022 قد غيّر العالم.
وتابع: «لذلك نحن متفقون على أنه مهما كانت حدودنا اليوم، فإننا لن نغيّرها، وقد ظل هذا المبدأ قائمًا حتى عام 2014 في الواقع، عندما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دخول شبه جزيرة القرم وجعلها جزءًا من روسيا». وذكر أن «روسيا تتعمد استهداف البنية التحتية للطاقة الكهربائية في أوكرانيا وكذلك محطات الطاقة النووية، إلا أننا معجبون بالشعب الأوكراني الذي يواصل الصمود، أعني على مدى 1000 يوم يواصلون الصمود ويواصلون القتال، ونحن نحاول مساعدتهم بكل الطرق الممكنة، والآن أوكرانيا تدافع عنّا بالفعل، والسؤال هنا: إذا سقطت أوكرانيا، فمن ستكون الدولة التالية»؟
أعضاء في «الناتو» يوسعون وجودهم في ليتوانيا
قال المدير السياسي في وزارة الخارجية الليتوانية، رداً على سؤال بشأن ما إذا كانوا مستعدين لأي هجوم روسي، إنه «لطالما كانت ليتوانيا حذرة جداً مما قد يحدث، وكانت هذه هي القوة الدافعة لكيفية بناء سياساتنا الخارجية منذ أن أعدنا بناء استقلالنا منذ أكثر من 30 عامًا، وكان هذا هو سبب سعي ليتوانيا إلى الأمن والتعاون داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي». وأضاف: «منذ أن بدأت روسيا غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا، ونحن نستعد بنشاط كبير جدًا لإعادة تقويم دفاعنا الوطني ببناء قوات جديدة وتطوير قدرات جديدة، وربما سمعتم أيضًا أن بعض الأعضاء داخل «الناتو» قرروا أيضًا توسيع وجودهم هنا في ليتوانيا، على غرار ألمانيا التي قررت زيادة حجم قواتها من كتيبة، أي بضع مئات من الجنود، إلى حجم لواء، أي بضعة آلاف».
0 تعليق