التغيرات المناخية تحدي رئيسي في القرن الحادي والعشرين - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشكل التغيرات المناخية تحديا رئيسيا للقرن الحادي والعشرين، مع عواقب مقلقة، لاسيما ارتفاع درجات الحرارة وتضاعف مواسم الجفاف، وهي ظواهر أضحت أكثر تواترا خلال السنوات الأخيرة في بلدان مثل المغرب.

وفي هذا الصدد، قال رئيس المركز الوطني للمناخ، التابع للمديرية العامة للأرصاد الجوية، رشيد الصباري، إن مواجهة الواقع المناخي الجديد تحتم على المغرب تعزيز قدرة المجتمع على الصمود أمام مظاهر تغير المناخ وتحسين أنظمة الإنذار المبكر.

وأكد الصباري، عقب إصدار المديرية العامة للأرصاد الجوية لتقريرها السنوي عن حالة المناخ بالمغرب لسنة 2023، أنه “وفقا لأحدث المعطيات والتوقعات المقدمة من طرف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من شبه المؤكد أن الفترة 2023-2027 ستكون الأكثر سخونة على وجه الأرض، بفعل التأثير المشترك للغازات الدفيئة التي يسببها الإنسان وظاهرة النينيو المناخية”.

وأضاف أن “هناك احتمالا بأكثر من 60 في المئة أن يتجاوز معدل درجة الحرارة السنوية على سطح الأرض مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية بمقدار 1.5 درجة مئوية لواحدة على الأقل من هذه السنوات الخمس”، موضحا أنه “على مستوى المغرب، سجلنا معدل درجة حرارة قياسيا في سنة 2022 تم تحطيمه في سنة 2023، ومن غير المستبعد أن يتم تحطيم أرقام قياسية جديدة خلال السنوات المقبلة”.

وعلاوة على ذلك، “تم تحديد المغرب في منشور علمي حديث كواحد من البلدان الخمسة في العالم التي ستكون الأكثر تضررا من الجفاف في المستقبل بسبب التغير المناخي”.

ولمواجهة هذه الوضعية، دعا الصباري إلى “تسريع تنفيذ استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية، لتعزيز قدرة المجتمع عموما على الصمود أمام هذه الظاهرة”.

ويتعلق الأمر كذلك، وفقا للصباري، بـ “مواصلة رصد التغير المناخي وتأثيراته لتحسيس جميع الفاعلين وإرساء نظام فعال للإنذار المبكر للأحداث الجوية الخطيرة، لضمان سلامة الساكنة”.

عموما، وبما أن التغير المناخي ظاهرة تتطلب اتخاذ إجراء عالمي ومتشاور بشأنه، سيتعين على الدول ضمان احترامها للالتزامات التي تعهدت بها بموجب اتفاق باريس، “لاسيما، خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 50 في المئة بحلول سنة 2030 مقارنة بسنة 2019، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول سنة 2050 للحفاظ على الاحترار إلى 1.5 أو 2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن”.

وفقا لتقرير المناخ الصادر عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، فإن “سنة 2023 تعتبر الأكثر حرارة منذ بداية القرن العشرين، حيث تعدى معدل درجة الحرارة المعدل المعتاد للفترة 2010-1981 بحوالي 1,77 درجة مئوية”.

وفي هذا الصدد، قال الصباري إن “ما نعيشه اليوم هو ما تم تصوره منذ عدة سنوات. وهذا يعني مظاهر الاحترار العالمي”.

وتابع “ما يهم بالنسبة لعلماء المناخ هو معدل درجة الحرارة، الذي يزداد حتما بسبب الزيادة في الغازات الدفيئة والتي، على المستوى العالمي، اقتربت من 1.5 درجة مئوية فوق معدل ما قبل الثورة الصناعية في سنة 2023، وهو الحد الرمزي إلى حد ما لاتفاقية باريس”.

وأكد الصباري أن “المنطقة المتوسطية هي نقطة ساخنة بالنسبة للتغير المناخي. إنها تسخن بشكل أسرع من بقية الكوكب، ومن المتوقع أن تشتد حلقات الجفاف وتصبح أكثر تواترا”.

وفي معرض استعراضه للظواهر المناخية الرئيسية بالمغرب في سنة 2023 المشار إليها في تقرير المناخ، تطرق السيد الصباري إلى موجات الحر التي كانت شديدة بشكل خاص. “مررنا بموجة حر مبكرة بشكل استثنائي خلال الربيع أثرت أيضا على جنوب أوروبا (…). كما شهدنا موجة حر في غشت، مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل خاص وتسجيل رقم قياسي جديد للحرارة على المستوى الوطني مع درجة حرارة قصوى بلغت 50.4 درجة مئوية في أكادير يوم 11 غشت 2023”.

وهناك ظاهرة خطيرة أخرى، إذ “شهد المغرب للسنة الخامسة على التوالي فترة الجفاف الذي تفاقم بسبب موجات الحر الصيفية. وشك لت 2023 السنة الأكثر جفافا منذ الستينات على الأقل، حيث أثر عجز هطول الأمطار الذي يقترب من 50 في المئة بشكل خاص على قطاع الموارد المائية للبلاد”.

وفي تقريره عن المناخ، جددت المديرية العامة للأرصاد الجوية التأكيد على التزامها بتوفير معلومات وخدمات مناخية ذات جودة لمختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية من أجل دعم التنمية المقاومة للتغير المناخي، والسماح باتخاذ القرار المتعلق بالمناخ وتحسيس الجمهور بقضايا المناخ.

وبخصوص هذه النقطة، أشار السيد الصباري إلى أن “المديرية حددت رؤيتها في أفق سنة 2035 وأعدت مخططها الاستراتيجي 2024-2027، الذي يهدف إلى وضعها كفاعل رئيسي في مجال الأرصاد الجوية والمناخ، والاستجابة للقضايا المستجدة، لاسيما تحدي التغير المناخي وعودة الظواهر الخطيرة”.

وأشار، في هذا الصدد، إلى تعزيز قدرات الرصد والتنبؤ، والمشاركة الفعالة للمديرية العامة للأرصاد الجوية بوصفها فاعلا رئيسيا في مبادرة “الإنذار المبكر للجميع”، وتوفير معلومات مناخية أفضل وأدق.

وبالنسبة للقطاع الفلاحي، على سبيل المثال، أوضح الصباري أن المديرية العامة للأرصاد الجوية عملت، مؤخرا، على تحسين أدوات تتبع الموسم الفلاحي بفضل نظام CGMS-Morocco، وخطط إدماج التنبؤات الموسمية وداخل المواسم في هذا النظام، من أجل تحسين التحذيرات المناخية التي تؤثر على الموسم الفلاحي.

أخبار ذات صلة

0 تعليق