خاص – (بنا)
المنامة في 08 ديسمبر /بنا/ اختتمت، اليوم الأحد، فعاليات منتدى حوار المنامة 2024، قمة الأمن الإقليمي في نسختها العشرين، بعقد الجلسة الختامية، والتي كانت بعنوان "إلى أين يتجه التعاون الاستراتيجي الإقليمي"، بمشاركة سعادة الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، والدكتور سوبرامانيام جاي شانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي، والسيد توماس بوجار، مستشار الأمن القومي في جمهورية التشيك، وأدار الجلسة الدكتور باستيان غيغرج، المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وبحضور شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية وأكاديمية.
واستهل الحديث في الجلسة الدكتور سوبرامانيام جاي شانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي، والذي أكد على أهمية تعزيز التعاون الاستراتيجي الإقليمي مع دول الخليج والشرق الأوسط، مشيرًا إلى الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تجمع الهند مع دول المنطقة، والتي تضم نحو 60 مليون نسمة يعيشون في منطقة الخليج، إلى جانب الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للشرق الأوسط.
وأوضح وزير الشؤون الخارجية الهندي أن المنطقة، التي شكلت عبر التاريخ جسرًا بين أوروبا وآسيا، تلعب دورًا حيويًا في رسم ملامح المستقبل، خاصة فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، مثل الهيدروجين الأخضر، الذي يمكن أن يشكل جزءًا رئيسيًا من المبادرات البيئية العالمية.
وأشار إلى أن العلاقات بين الهند ودول مجلس التعاون تتجاوز مجرد التجارة والطاقة لتشمل الاستثمار والتكنولوجيا والزراعة، موضحًا أن حجم التجارة بين الجانبين يبلغ 80 مليار دولار سنويًا، فيما يعيش نحو 9 ملايين هندي في دول الخليج، مما يعكس أهمية الشراكة المتبادلة.
وأضاف أن المنطقة العربية والبحر الأبيض المتوسط تتمتع أيضًا بأهمية استراتيجية كبيرة للهند، حيث تشمل التعاون في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا والصناعات العسكرية. ولفت إلى أن نصف مليون هندي يعملون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مع وجود شركات هندية رائدة تعمل في مشاريع كبيرة مثل بناء المطارات.
وفيما يتعلق بالتعاون السياسي والدبلوماسي، شدد الدكتور سوبرامانيام جاي شانكار على ضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية. وأكد دعم الهند للاتفاقيات الإبراهيمية، معرباً عن أمله في تعزيز الشراكات الجديدة مثل مجموعة I2U2 التي تضم الهند والإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة.
كما أشار إلى أهمية تعزيز الأمن الإقليمي، حيث تعمل الهند مع الشركاء الدوليين لمواجهة التحديات الأمنية وحماية مسارات التجارة البحرية، مشيدًا بالدور الذي تلعبه القوات البحرية الهندية في هذا الصدد.
واختتم وزير الشؤون الخارجية بجمهورية الهند كلمته بالتأكيد على ضرورة تعزيز الترابط الاقتصادي العالمي من خلال مبادرات مثل الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، مما يعكس أهمية الابتكار في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
وفي كلمته، أكد السيد توماس بوجار، مستشار الأمن القومي في جمهورية التشيك، على أهمية التصدي الجاد لحالة الفوضى التي يشهدها العالم اليوم، مشددًا على ضرورة العمل الموحد لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار العالمي.
وأشار بوجار إلى أن أوروبا تواجه حاليًا واحدة من أكبر الأزمات منذ الحرب العالمية الثانية، والمتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، مع استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، غزة، لبنان، اليمن، والسودان، بالإضافة إلى التوترات التي تشهدها مناطق أخرى في العالم، وإن لم تتحول بعضها إلى صراعات مسلحة. وأكد أن هذا الوضع يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق الأمن والاستقرار.
وشدد مستشار الأمن القومي التشيكي على أهمية تحديد المسؤوليات في الصراعات العالمية، مشيرًا إلى ضرورة التمييز بين المعتدي والضحية، ومحاسبة من يساهمون في دعم الإرهاب وتمكينه من السيطرة، باعتبار أن الإرهاب يشكل عائقًا أمام ازدهار أي منطقة أو دولة.
وفيما يتعلق بمبادرات وقف إطلاق النار، أشار بوجار إلى أهمية ضمان أن تؤدي هذه الخطوات إلى تحقيق سلام مستدام، مع ضرورة ربطها بتوفير المساعدات الإنسانية بشكل عادل، بحيث تصل إلى المدنيين دون أن تستغلها الجماعات المسلحة أو الأنظمة المستبدة، مما يزيد من معاناة المتضررين.
وتطرق السيد بوجار إلى مساهمات جمهورية التشيك في تعزيز الأمن العالمي، مشيدًا بدورها في تحرير الكويت واستقبال آلاف اللاجئين من دول البلقان، إلى جانب مشاركتها في قوات حفظ السلام في مختلف المناطق. كما أوضح أن بلاده استقبلت أكثر من 400 ألف لاجئ أوكراني منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، مشيرًا إلى الأعباء الكبيرة التي تحملتها بلاده دون دعم دولي كافٍ.
وأكد استعداد جمهورية التشيك للمشاركة في إعادة إعمار غزة ولبنان، داعيًا إلى تبني نهج دولي مشترك لتوزيع المسؤوليات وضمان تحقيق التنمية.
وفي ختام كلمته، أعرب مستشار الأمن القومي التشيكي عن تفاؤله بالمستقبل، مشيرًا إلى أن الأزمات قد تفتح فرصًا لتحقيق السلام، بشرط أن يتحلى الجميع بالصراحة والواقعية في الحوار، والعمل المشترك لتحقيق تطلعات الشعوب في الأمن والاستقرار.
وفي كلمته بالجلسة الختامية؛ أكد سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، على أن التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تعميق التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار، بما ينعكس إيجابًا على جودة حياة شعوب المنطقة. وشدد على أن هذه القضايا تعد محورية لرسم مسار مستقبل المنطقة، متسائلًا عما إذا كانت ستصبح أكثر استقرارًا وقدرة على تجاوز الصراعات والأزمات.
وأشار الوزير إلى أن العالم العربي أرسى قواعد التعاون الإقليمي منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ أكثر من أربعين عامًا. وأضاف أن التعاون العربي والدولي أثمر العديد من المبادرات البناءة، مثل مبادرة السلام العربية لعام 2002، والجهود الخليجية لحل الأزمة اليمنية، والاتفاقيات الإبراهيمية، التي عكست التزام المنطقة بإرساء السلام والتنمية المستدامة.
وأوضح الزياني أن الجهود الأكثر حداثة، هي تلك المبادرات التي اقترحتها مملكة البحرين بصفتها الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية، وتعاون المملكة العربية السعودية مع الاتحاد الأوروبي والنرويج من أجل تأسيس التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين. وأكد أهمية المبادرات الابتكارية، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل بين البحرين والولايات المتحدة، التي تعكس نموذجًا للتعاون الذي يعزز الاستقرار والتنمية.
وأضاف وزير الخارجية أن المشاريع الجديدة، مثل "الممر الهندي"، ستعزز موقع المنطقة ضمن الاقتصاد والأمن العالميين، مما يعكس تحولًا عربيًا نحو تحقيق التكامل الإقليمي والدولي. وأكد أن التركيز لا يقتصر على التعاون الإقليمي بل يتجه نحو وضع الشرق الأوسط في سياق عالمي أوسع، بهدف بناء استدامة السلام والتنمية عبر شراكات استراتيجية مستدامة.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، شدد وزير الخارجية على ضرورة التوصل إلى حل الدولتين باعتباره القضية المحورية للأمن والاستقرار في المنطقة، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم المبادرات العربية التي تعزز الحوار وتدفع نحو حلول شاملة ودائمة.
وأضاف أن المنطقة تزخر بإمكانات التعاون الإقليمي، على الرغم من التحديات المعقدة. وأشار إلى أهمية التعامل مع الأمن بمفهومه الشامل، الذي يشمل الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية، لمواجهة التهديدات المستجدة.
كما أكد الزياني أهمية دعم التعاون الإقليمي ضمن الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، مشيرًا إلى دور مجلس التعاون الخليجي في حل النزاعات الإقليمية مثل الأزمة اليمنية. وأوضح أن الأمم المتحدة يمكنها تعزيز هذه الجهود عبر دعم المنظمات الإقليمية، مما يسهم في تحقيق السلام العالمي.
وختم وزير الخارجية بالتأكيد على أهمية المرونة في العمل المشترك، مشيرًا إلى أن نماذج التعاون المصغرة يمكن أن تتوسع تدريجيًا وفقًا للظروف. ودعا إلى استغلال الفرص لتحقيق شراكات استراتيجية أعمق، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل، التي تتوسع بمشاركة شركاء جدد لتعزيز الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط وخارجه.
من: موسى عساف
ت.و, M.B
0 تعليق