الدروس الخصوصية في المغرب: بين الحاجة التربوية والتجارة المقنّعة” - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتزايد بشكل ملحوظ ظاهرة الإقبال على الدروس الخصوصية في المغرب، ما يثير تساؤلات حول دوافع هذه الظاهرة وأثرها على التحصيل الدراسي للتلاميذ. فبينما يراها البعض حلاً لتدعيم قدرات التلاميذ، يرى آخرون أنها أصبحت تجارة مقنّعة تهدد جودة التعليم.

وفي هذا الصدد، أوضح نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، أن الدروس الخصوصية أصبحت ضرورة لعدد كبير من التلاميذ في مختلف الأسلاك التعليمية، ابتداء من الابتدائي وصولاً إلى الثانوي.

ويُرجع عكوري هذا الاتجاه، حسب ما أورده موقع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، إلى صعوبة متابعة المناهج الدراسية في الحصص العادية، مما دفع التلاميذ والأسر إلى البحث عن حلول إضافية لتعزيز التحصيل الأكاديمي. ومن أبرز الأسباب التي تساهم في تفشي الظاهرة هو الضغط الذي يواجهه التلاميذ من أجل الحصول على معدلات مرتفعة، خصوصًا في المواد العلمية، استعدادًا لاجتياز امتحانات الباكالوريا، خاصة في التخصصات التي تتطلب معدلات عالية للالتحاق بالكليات ذات الاستقطاب المحدود ككليات الطب والهندسة.

هذه الظاهرة لا تقتصر على التلاميذ في المدارس العمومية فقط، بل تشمل أيضًا طلاب التعليم الخاص، حيث يلجأ الكثيرون منهم إلى الدروس الخصوصية، سواء عبر أساتذة خصوصيين أو من خلال مراكز تعليمية. هذه المراكز أصبحت تروج لخدماتها بشكل متزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع اقتراب الامتحانات. وأدى ذلك إلى ازدهار سوق الدروس الخصوصية، ما خلق حالة من الضغط على الأسر التي تجد نفسها مضطرة لدفع مبالغ مرتفعة للحصول على هذه الخدمات.

من جانبه، لفت عبد الناصر ناجي، الخبير التربوي ورئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التعليم، إلى أن تراجع قدرة المدرسة على تحقيق الأهداف التعليمية المنصوص عليها في المناهج الدراسية هو من أبرز الأسباب التي تدفع الأسر إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية.

وفي حديثه للموقع ذاته، أكد ناجي أن منظومة التعليم المغربية تركز بشكل كبير على معدلات الفروض والامتحانات، مما يعزز من الإقبال على هذه الدروس التي تهدف في الغالب إلى تحسين درجات التلاميذ.

وتعتبر الأسعار المرتفعة للدروس الخصوصية، التي قد تصل إلى 600 درهم للحصة في المواد العلمية خلال فترة الامتحانات، عبئًا إضافيًا على الأسر. وهذا الوضع يعكس تحول الدروس الخصوصية إلى تجارة حقيقية، حيث أصبحت بعض المراكز التعليمية تروج لنفسها كحلول سريعة لرفع معدلات النجاح، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الخدمات على المدى الطويل.

وحذر ناجي من أن ظاهرة الدروس الخصوصية قد تؤدي إلى تحصيل دراسي سطحي، حيث أن التركيز الكبير على اجتياز الامتحانات قد يغيب معه الاهتمام بالتعلم الفعلي وفهم المفاهيم. وأكد أن هذا الأسلوب يساهم في تهيئة “محترفي امتحانات”، أي تلاميذ يتدربون على حلول ونماذج معينة من الاختبارات، وهو ما يضعف من قدرة النظام التعليمي على تقديم تعليم ذي جودة عالية.

وبينما يرى البعض في الدروس الخصوصية حلاً مؤقتًا لتعزيز التحصيل الدراسي، فإن انتشار هذه الظاهرة يثير مخاوف من تحولها إلى تجارة مقنّعة تستنزف موارد الأسر دون أن تسهم بالضرورة في تحسين مستوى التعليم بشكل حقيقي. قد يكون من الضروري إعادة النظر في المنظومة التعليمية من أجل توفير تعليم شامل يعزز من قدرة التلاميذ على فهم واستيعاب المناهج الدراسية، ويقلل من اعتمادهم على الدروس الخصوصية كحل أساسي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق