سوريون يبلّغون عن مواقع محتملة لـ «مقابر جماعية» - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعدما فقد الأمل بالعثور على شقيقيه في عداد الأحياء إثر إخراج المعتقلين من السجون، بدأ زياد عليوي رحلة بحث مضنية عنهما في مقابر جماعية محتملة، يبلغ سكان عن مواقعها، وسط ضعف الخبرات المحلية في التعاطي مع ملفات مماثلة.

ويشكل مصير عشرات آلاف المفقودين والمعتقلين، والمقابر الجماعية التي يُعتقد أن النظام السوري أقدم على دفن معتقلين فيها قضوا تحت التعذيب، يشكل أحد أبرز وجوه المأساة السورية بعد أكثر من 13 عاماً من نزاع مدمر تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص.

نتنياهو

منذ ساعة

مجلس الدوما الروسي

منذ ساعة

قرب بلدة نجهة الواقعة جنوب شرق دمشق، يشير عليوي (55 عاماً) إلى خندق عميق محفور بعناية في أرض قاحلة يزنّرها سور مرتفع وتحيط بها غرف مراقبة عسكرية. ويقول وسكان آخرون في المكان: إن الخندق الذي يتجاوز عمقه الخمسة أمتار، وهو واحد من ثلاثة خنادق على الأقل، يضم رفات معتقلين اعتاد الأمن العسكري على نقلها في برادات بين الحين والآخر ودفنها، فيما كان يُمنع على المدنيين الاقتراب من المكان.

ويتابع الرجل المقيم في ريف دمشق ويعمل سائقاً لـ«فرانس برس»، أنه بعد الإطاحة بالأسد «بحثت عن شقيقيّ في كل السجون، بحثنا عن خبر، عن ورقة، عن هوية تدل على أنهما كانا هناك ولم نجد شيئاً».

ويضيف «نريد أن نعرف أين أولادنا وإخوتنا... هل قتلوهم وهم مدفنون هنا»؟

اعتُقل شقيقا عليوي بين العامين 2012 و2014، إضافة إلى أربعة من أولاد عمه، من دون أن يعلموا شيئاً عن مصيرهم على غرار عائلات كثيرة ما زالت تنتظر خبراً يبلسم جراح الفقد.

ويشرح «ربما إذا كشف أطباء متخصصون عن المكان، يمكن لكل منا أن يرتاح باله، ويكف عن الاحتفاظ بالأمل أن ابنه ما زال حياً».

مئة بلاغ

ويقول عليوي «نبحث عن آلاف من الناس، لا عن واحد أو اثنين أو ثلاثة»، مضيفاً «الناس في صدمة، فعندما يموت ابنك وتتسلمه، تعرف أنه مات ودفنته، لكنك الآن لا تعلم أين هو ولا دليل لديك» على مصيره.

ومع افتقاد سورية لفرق متخصصة في التعاطي مع ملف المقابر الجماعية وكيفية نبشها والحفاظ على الأدلة، يطالب عليوي المنظمات الدولية والحقوقية بأن «تأتي وتفتح هذه المقابر حتى نعرف أين أولادنا».

وأعرب سوريون التقى بهم مراسلو «فرانس برس» خلال الأسبوع الأخير في سجون ومستشفيات في دمشق ومحيطها عن خيبة أملهم بعد فتح السجون من دون أن يعثروا على أقربائهم.

ويتوجه كثير منهم إلى مواقع أمنية في مناطق نائية يعتقدون أنها قد تضم رفات معتقلين قضوا تحت التعذيب، في ما يرقى إلى «جرائم ضد الإنسانية» وفق منظمات حقوقية.

على بعد كيلومترات عدة من «نجهة»، استجاب فريق من الدفاع المدني السوري لاتصالات عدة وردتهم من سكان أفادوا عن مشاهدتهم سيارة رمت في جنح الظلام أكياساً بداخلها عظام متعددة الأحجام، من دون أن يعرفوا مصدرها.

وكان طاقم مكون من قرابة عشرة أشخاص، يرتدي عدد منهم زياً أبيض من رأسهم حتى أخمص قدميهم، ينقلون أكياساً بيضاء صغيرة ويجمعونها داخل أكياس سوداء كبيرة مع ترقيمها.

ويشرح عمر السلمو (40 عاماً) وهو عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني «منذ سقوط النظام، تلقينا أكثر من مئة بلاغ عن وجود مقابر جماعية، إذ يعتقد الناس أنه في كل نقطة عسكرية توجد مقابر جماعية، بالنظر إلى أن عدد الذين خرجوا من السجون قليل جداً وعدد المفقودين كبير جداً».

ورغم أنه لا تقديرات رسمية عن العدد الإجمالي لمن خرجوا من السجون، إلا أنه لا يقارن بعدد المعتقلين منذ العام 2011.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية منذ بدء النزاع.

«حماية» المواقع

وتعمل فرق الدفاع المدني حالياً على أخذ عينات من المواقع المحتملة بهدف إجراء فحوص الحمض النووي ومطابقتها مع عائلات أبلغت عن وجود مفقودين لديها.

ومن بين أعضاء الفريق الذي تواجد الإثنين في الموقع، تلقى اثنان فقط «تدريباً بسيطاً» في وقت سابق للتعامل مع حالات مماثلة، وفق السلمو، الذي يقول «نحاول العمل بخبراتنا المتواضعة»، لافتاً إلى ضرورة الحصول على دعم من المنظمات الدولية المتخصصة التي «حتى اللحظة لم تبذل أي جهد لمساعدتنا» في حفظ الأدلة وتحليل العينات.

ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير، السلطات الانتقالية إلى «تأمين الأدلة وجمعها وحفظها، بما فيها تلك الموجودة في مواقع المقابر الجماعية والسجلات والأرشيفات الحكومية» وإلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «التي يمكنها أن تقدم الخبرة والدعم الأساسيَّيْن لحماية هذه السجلات».

ودعت إلى ضرورة «حماية» مقبرة جماعية في حي التضامن في دمشق، حيث عاين فريقها الأسبوع الماضي «أعداداً كبيرة من الرفات البشرية في موقع مجزرة وقعت في أبريل 2013».

وكان مقطع فيديو تم تسريبه قبل سنوات، أظهر 11 شخصاً معصوبي الأعين بينما يتم إطلاق الرصاص عليهم من قبل مجموعات موالية للنظام السابق عن قرب، ثم دفعهم إلى حفرة، إلى جانب جثث 13 شخصاً آخرين.

واعتبرت المنظمة أن هذه «المجزرة ليست سوى حادثة مروعة واحدة في نمط العنف الذي مارسته الدولة وجرائم الحرب المفترضة».

على بعد سبعين كيلومتراً جنوب دمشق، استعاد محمّد خالد الأسبوع الماضي مزرعته في بلدة إزرع في محافظة درعا، بعدما كان الأمن العسكري قد وضع يده عليها قبل سنوات طويلة.

ويقول لـ«فرانس برس»، «جئت بعدما خرجوا لاستثمارها من جديد وفوجئت بها منطقة موحشة وأرضها متعرجة. شككت في الأمر وأبلغت الجهات المختصة».

وحضر فريق ضم رئيس النيابة العامة في إزرع وطبيباً شرعياً ووجهاء من البلدة إلى الموقع.

وبعد حضور طبيب شرعي من المحافظة، وعملية «تنقيب بدائية»، يقول خالد «فوجئنا بوجود جثة ثم اثنتين وثلاث». وتم في مرحلة أولى، الإثنين، «انتشال 22 جثة».

ونبّهت الباحثة لدى «هيومان رايتس» هبة زيادين إلى أنه «من دون جهود سورية ودولية فورية لتأمين المواقع المحتملة للجرائم الجماعية وحفظها من أجل عمليات منسّقة لاستخراج الجثث وإجراء تحقيقات جنائية، هناك خطر يتمثل في ضياع الأدلة الأساسية للمساءلة».

وتابعت «يستحق أحباء الأشخاص الذين قُتلوا بوحشية هنا أن يعرفوا ما حدث لهم. الضحايا يستحقون المساءلة».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق