الشارقة: «الخليج»
في جلسة أدبية حوارية ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي، تحدّث الروائي الكيني بيتر كيماني عن عوالم روايته الملحمية «رقصة الجاكاراندا» التي تصدرتْ قوائم النيويورك تايمز في 2017، وحازت إعجابَ النقاد والمحررين داخل أمريكا وبريطانيا، وصدرت طبعتها العربية عن دار «روايات» التابعة لمجموعة كلمات من الشارقة، وقال: «الرواية وسيلة التعبير الحرة الوحيدة في العالم الآن».
واستهل كيماني الجلسة بالتعبير عن شكره العميق ومحبته للقائمين على المهرجان، ووصفه بأنه جسر للتفاهم بين الثقافات، قائلاً: «الشارقة صديقة مضيافة وحاضنة بكرم للمجتمع الإفريقي الموجود بها».
وتحدث كيماني عن الفكرة المحورية التي بنى عليها روايته «رقصة الجاكاراندا»، موضحاً أنها جاءت كإعادة تقييم لتاريخ الاحتلال البريطاني لكينيا، وفهم ماضي القارة، بهدف التعمق في حاضرها واستشراف مستقبلها، عبر قصة إنشاء السكك الحديدية، والدور الذي لعبه القطار في الربط بين مختلف مناطق كينيا، وكيف أصبح أداة محورية للاستعمار، مكّنته من استغلال الموارد والهيمنة، الأمر الذي انعكس بطبيعة الحال على تاريخ البلاد الاقتصادي والاجتماعي.
وعن دافعه لكتابة هذه الرواية قال كيماني: «أردتُ كتابة رواية أفهم من خلالها أسباب الأزمات السياسية والاجتماعية التي تشهدها بلادي دائماً، مثل النزاعات التي أعقبت الانتخابات المتنازع عليها في عام 2007، وألهمني أيضاً أن العرافين الكينين القدامى تنبأوا بوجود القطار قبل سنوات بعيدة من انطلاقه، وصوروه على هيئة ثعبان ضخم يبتلع كل ما تنتجه الأرض، وهذا ما فعله القطار الإنجليزي بالفعل، نقل خيرات مناطق كينيا المنتجة لساحل المحيط الهندي لتصديرها».
وتطرق بيتر كيماني بصفته أستاذاً للممارسات الصحفية في كلية الدراسات العليا والإعلام في العاصمة نيروبي عن اختياره للرواية كوسيلة للتعبير بدلاً من الصحافة، حيث أوضح كيماني أن الصحافة تخضع لقيود سياسية وتجارية تجعل من الصعب سرد الحقيقة الكاملة، بينما تمنح الرواية حرية إبداعية لا مثيل لها. وقال: «أفضل الحقائق يمكن التعبير عنها من خلال الخيال، لأنه يمنح الكاتب مساحة لا حدود لها لتجسيد رؤيته للعالم، والرواية هي الحرية الوحيدة المتبقية في العالم».
وأشار كيماني إلى أهمية سرد القصة الإفريقية للعالم، موضحاً أن القارة السمراء لا يمكن اختزالها في قصة أو صورة واحدة، وقال: «في إفريقيا 2000 لغة، ما يعني أن هناك آلاف القصص التي يمكن بناء رواية عليها، وروايتي مجرد تفسير شخصي واحد لإحدى القصص التي حدثت في بلادي».
في ختام الجلسة أعرب بيتر كيماني عن امتنانه الكبير للاهتمام العالمي الذي حظيت به روايته من قبل وسائل الإعلام ودور النشر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الأمر الذي جعله يعيد التفكير -كما يقول- في دوره ككاتب إفريقي يحاول مواجهة إرث الاستعمار من خلال الأدب.
0 تعليق