الحروف تضيء بنور الإيمان - ستاد العرب

0 تعليق 0 ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: عثمان حسن

التجريب في أنواع الخط العربي هو إحدى الركائز الأساسية التي عملت على تجديد هذا الخط، وفق رؤى مبتكرة ومعاصرة، لكن، مع الحفاظ على الهوية والمكون الثقافي والتراثي والعلمي للأمة العربية والإسلامية.
ومع هذا السعي الدؤوب لاستمرار وهج فن الخط العربي حاضراً في الملتقيات الخاصة بهذا الفن في العديد من الدول، نتجت الكثير من التجارب الخطية التي يمكن الوقوف عندها وقراءة ما فيها من عمق ورؤية جمالية وبصرية، ومن ذلك اللوحة التي أمامنا للخطاط المصري طه عبد الناصر أحمد التي استخدم فيها الآية القرآنية «قل إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ»، حيث كتب هذه الآية بخط التعليق الجلي.
ولعل من أولى الملاحظات التي يمكن التوقف عندها في هذه التجربة الخطية، هي تلك البراعة في استثمار طاقة الخيال والقدرة على الخلق الإبداعي عند الخطاط والتي أتاحت له فسحة من الحرية في توزيع كلمات الآية القرآنية على مساحة اللوحة، بحيث بدت الآية القرآنية للمشاهد والمتأمل، وكأنها قطعة من الجمال المتجسد في أنوار الكلمات بحثاً عن تلك المعاني الروحانية التي يمكن استقراؤها من خلال الآية التي تكرر فيها لفظ الجلالة مرتين، فضلاً عن تلك المعاني الظاهرة التي تضيء بحب الله ورضاه عن عبده، بعد أن يركن هذا العبد إلى صفاء نفسه ويرسخ من خلال معاني الآية الكريمة.
*تكوين
حرص عبد الناصر على ترجمة الكثير من الميزات الجمالية لخط التعليق الجلي في هذه الآية الكريمة، وهو الخط الذي يدعى «ملك الخطوط» بصفته من الخطوط القديمة التي كانت حاضرة بقوة في كثير من المخطوطات من قصائد وملاحم شعرية وأدبية، ومن هذه الميزات كثرة انحناءات حروفه، وهي ميزة تكاد تقتصر على هذا الخط أكثر من غيره ومثال ذلك ما نلاحظه في حرف (الكاف) في كلمة (كنتم) وحرف (الباء) في (يحبكم)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يمكن التوقف عند ميزة المرونة التي يتمتع بها التعليق الجلي، وهي مرونة أتاحت للخطاط أن يتجاوز مسألة توزيع كلمات الآية على سطح اللوحة الخطية، إلى مرونة أكثر مكنته من التصرف ببعض الحروف على النحو الذي ظهرت فيه (نقطتا) التاء في كلمة (كنتم) بعيدة عن مكانها الحقيقي لتستقر في نهاية الكلمة، وبجانب رأس حرف الميم في الكلمة ذاتها، وهناك كلمة (فاتبعوني) التي خطها وبدت وكأنها مؤلفة من كلمتين، ومن خلال هذا التركيب المرن استطاع الخطاط أن يعيد تشكيل بعض الكلمات على نحو جمال بصري ملحوظ ويسجل له.
استخدم الخطاط في هذه اللوحة تدرجات الخط البني، فقد بدأ بخلفية من اللون البني الرقيق، كتب عليها نصه الديني بلون بني واضح، عاكساً دلالات اللون في المفهوم الإسلامي، وهي دلالات تعبيرية ورمزية وحسية وجمالية، لها علاقة مباشرة بجوهر وفلسفة النور، بوصف هذا النور قادماً من السماء وهو مقترن بالخالق عز وجل، فهو (نور الله) سبحانه و(نور القلوب) بما يعكسه الإيمان في داخل النفس المظلمة.
*إضاءة
حصل الخطاط طه عبد الناصر أحمد، على دبلوم الخط العربي من القاهرة وعلى جائزة لجنة التحكيم بمسابقة الخط العربي في السعودية 2013.
شارك في أكثر من 80 معرضاً محلياً ودولياً وفي العديد من المسابقات الدولية، ونال مجموعة من الجوائز وشهادات التقدير في مجال الخط العربي، له أعمال مقتناة في مختلف الدول منها: هولندا والصين واليونان وألمانيا والسعودية والإمارات، قام بعمل معرض فردي في مصر يضم أكثر من 50 عملاً فنياً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق