الشارقة: عثمان حسن
تتأكد أصالة الخط العربي بأنواعه المختلفة من خلال تجارب مميزة في الملتقيات الخاصة بالخط في كثير من الدول، ومنها الإمارات، واليوم لدينا تجربة متميز للخطاط السوري محمد رضا بلال الذي شارك في عام 2024 في الدورة الحادية عشرة من ملتقى الشارقة للخط وكانت له لوحة استخدم فيها جماليات الخط الكوفي، حيث اجتزأ عبارة (احفظ الله يحفظك) من حديث نبوي شريف.
ظهرت أهمية هذه اللوحة الخطية المزخرفة لمحمد رضا بلال، من خلال تلك الحرفية التي أبرزت خصائص ومميزات الكوفي، لجهة أشكال حروفه المتشابهة، وتزيين التنقيط لحروفه، وأيضاً حدة زوايا حروف الكوفي واستقامتها، وكذلك من تلك اللمسة البصرية والجمالية التي تميز هذا الخط بوصفه خطاً هندسياً حيث حرص بلال على إظهار تلك الجماليات من خلال ما نشاهده في اللوحة من تناسق الحروف وتلك الاستقامات والانثناءات التي تميز معظم حروف هذا النوع من الخطوط.
* تكوين
اختار محمد رضا بلال الشكل الثماني في تنفيذ هذه اللوحة، من خلال المثلث قائم الزاوية (كوحدة زخرفية) لتحتضن العبارة، وقد تكررت هذه الوحدة الزخرفية ثماني مرات وبشكل جميل ومتناسق، أظهر براعة عند الخطاط في إبراز أهم جماليات الكوفي، ومن ذلك تصدر لفظ الجلالة (الله) الحديث الشريف داخل الوحدة الزخرفية أو الهندسية، بشكل يؤكد المعاني الروحية في اللوحة، فظهر الشكل الثماني الذي اختاره محمد رضا متناسقاً وجميلاً.
ومن الملاحظات الأخرى في اللوحة، هو طول قاعدة المثلث التي برزت في كلمة (يحفظك) وزاد في جمالها ظهورها في أجزاء مختلفة في اللوحة على أشكال متعددة (أفقية وعمودية ومائلة) فقد ظهرت تلك القاعدة، وقد شكلت ركيزة أساسية لترجمة عناصر الجمال في اللوحة، بشكل مائل 4 مرات، وظهرت متعامدة على سطح اللوحة مرتين، وأفقية مرتين كذلك.
من جهة ثانية، فقد اعتنى بلال بفن التنقيط في هذه اللوحة، والتنقيط هو جزء من الزخرفة، وينفذ عن طريق وضع نقاط قريبة من بعضها بعضاً حيث أضفت لمسة جمالية خاصة وظهرت باللون الأحمر موزعة في مساحات متفرقة ومنتظمة على سطح اللوحة.
* اللون
يبرع الخطاطون في استثمار طاقة اللون في لوحاتهم الفنية، لما له من دلالات نفسية تنعكس إيجاباً في نظر المشاهد، واللون في اللوحات الخطية، كما في هذه اللوحة التي أمامنا ليس محايداً، بل هو جزء لا يتجزأ من تكوين اللوحة، فهو يؤثر في مشاعر الناس، وهو أداة قوية لدى الفنانين والخطاطين لاستثماره في نجاح اللوحة، بما يترجمه كل لون على حدة من قوة وفاعلية شكلية ووجدانية على حد سواء.
أما اللون الأحمر هنا، فيعتبر لوناً قوياً يرتبط مع دلالات إيجابية فهو يدل في أحد جوانبه على الثقة التي تجلب راحة البال، وقد استخدم الخطاط هذا اللون، كما هو اللون الأسود لتأكيد القوة التعبيرية التي تتضمنها اللوحة، اللون الأسود هو اللون الأساسي في كتابة حروف الحديث الشريف، وقد اختاره الخطاط بوصفه لون القوة، وفي اللوحة التي أمامنا يضيف هذا اللون (من الناحية الشكلية الصرفة) نوعاً من الجاذبية البصرية للوحة، كما أنه من ناحية المضمون يؤكد روحانية الحديث الشريف، الذي يدعو العبد المسلم للحفاظ على دينه، وأن يستقيم على شريعة الله وأوامره عز وجل.
الأسود بهذا المعنى، هو لون القوة والجاذبية، وكذلك اللون الأحمر في النقاط التي وزعها الخطاط على سطح اللوحة، فالأحمر لون مشرق ودافئ يعمل على إثارة مشاعر قوية لدى الشخص، وهو يكتسب رمزية خاصة في اللوحة الخطية، بما يعكسه من تلك القوة الوجدانية التي تجلب الراحة الداخلية لدى المتفرج.
* إضاءة
رضا بلال خطاط ومصور فوتوغرافي سوري ولد عام 1954، عمل مدرساً للخط الكوفي والزخرفة الإسلامية في المعهد المتوسط للفنون التطبيقية في سوريا 1997 - 1998، كما شارك في ملتقيات ومعارض دولية عدة للخط منها: مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة عام 2019، ومعرض مشترك بعنوان (الخط الكوفي: عراقة وحداثة) في ندوة الثقافة والعلوم في دبي 2014، حازالكثير من شهادات التقدير في الخط الكوفي والتصوير الفوتوغرافي.
0 تعليق