حاضنة الناشر الإماراتي - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

راشد الكوس*

في قلب الشارقة، حيث تبني الكلمات جسوراً بين الثقافات، وتفتح الصفحات بوابات وعوالم جديدة، يقف المعرض منارةً للإنجاز الثقافي والمعرفي، وعلى مدار عقود من الزمان، لم يكن هذا الحدث الثقافي الرائد مجرد معرض، بل بوتقة يُصاغ فيها مستقبل النشر الإماراتي، وأرضية لتشكل الهوية الثقافية الوطنية، انطلاقا نحو المشهد الأدبي العالمي.
منذ انطلاقه، كان المعرض قوة تحويلية في عالم النشر الإماراتي.. قوةٌ وضع أسسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فتحولت صناعة النشر إلى مسرح نابض بالحياة لرواية القصص والتبادل الثقافي اليوم. هنا تُزرع بذور الخيال، وتغّذيها ورش العمل والتعاون العالمي والدعم الثابت من مؤسسات، مثل جمعية الناشرين الإماراتيين التي انطلقت برؤية مؤسِّستها ورئيستها الفخرية، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، من أجل الارتقاء بصناعة النشر في الإمارات إلى المراتب العالمية.
من خلال المعرض، لم يزدهر الناشرون الإماراتيون محلياً وحسب، بل حملوا جوهر ثقافتنا إلى شتى بقاع الأرض. وعلى مدى السنوات الماضية، لعب المعرض دوراً مهماً في سطوع نجم دور النشر الإماراتية. ففي 2009، مع تأسيس الجمعية، قفز العدد المتواضع للناشرين المحليين إلى أعداد مضاعفة من الناشرين والناشرات الذين أمسوا أعلاماً في مشهد النشر على مستوى المنطقة.
الفضل في ذلك، يعود جزئياً إلى منصات ثقافية، مثل المعرض الذي احتل المرتبة الأولى عالمياً في بيع وشراء حقوق النشر لثلاثة أعوام متتالية، بما وفره من فرص للتعاون والوصول إلى الأسواق الدولية للناشرين الإماراتيين، مسهماً في نضج أعمالهم وتعزيز تنافسيتها. اليوم، لا يقدِّم الناشرون الإبداعات المحلية للقراء في الإمارات فقط، بل يصدِّرون أيضاً أدباً يعكس تراثنا الثقافي إلى جمهور دولي بين دفات كتب جذابة تتمتع بجودة عالمية.
وقد امتد هذا التأثير الإيجابي للمعرض إلى الكتّاب الإماراتيين الذين عبروا عن مكنوناتهم من خلال الكتابة.
شكّل المعرض حاضنة لإبداعات المرأة الإماراتية في مجال النشر، ورسخ حضورها في المشهد الأدبي، كما وجدت في المعرض فضاءً رحباً، لإيصال كلماتها، وإثراء الصناعة وإلهام الأجيال المقبلة.
ولا ننسى أيضاً دور المعرض في تعزيز ثقافة القراءة في الإمارات، وخلق بيئة تجمع الناشرين والمؤلفين والقرّاء للاحتفاء بالمعارف والآداب، وهكذا، شكّل رافعةً للناشر الإماراتي وأعماله كما أثمر في توليد علاقة تكاملية بين مبدعينا الذين ينتجون أعمالاً عالية الجودة، وناشرينا الذين يأخذون بأيديهم إلى آفاق رحبة داخل حدود الإمارات وخارجها.
وبينما نمضي نحو مستقبل صناعة النشر الإماراتية بخطوات واثقة، سيظل إرث المعرض من الإبداع والإلهام نافذة للمشروع الثقافي والحضاري للشارقة والإمارات على المنطقة والعالم.

*المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين

أخبار ذات صلة

0 تعليق