«فرسان الأغنية اليمنية».. الشعر يحاور القلب - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الشارقة: عثمان حسن

الناشر: معهد الشارقة للتراث
«من فرسان شعر الأغنية اليمنية» هو كتاب للدكتور شهاب غانم، يضم مقالات تعرف ببعض شعراء الأغنية اليمنية المهمين، وقصائدهم في الشعر النبطي.
سبق ونشر الكتاب في 2006 في السعودية بعنوان «من شعراء الأغنية اليمنية» مع مقدمة للكاتب والصحفي السعودي الراحل أحمد المهندس، أما الطبعة التي بين أيدينا، فنشرت مع مقدمة لشهاب غانم أبقت على فصول الكتاب كما هي، ما عدا الفصل الأخير، الذي حرص د. غانم فيه على تضمين تجربته الشخصية في موضوع الكتاب مع إفاضة في أنواع الشعر الغنائي اليمني وأنواعه المختلفة، صدر الكتاب الذي جاء في 221 صفحة عن معهد الشارقة للتراث.
قسم المؤلف الكتاب إلى خمسة أجزاء: الأول يتناول ثلاثة من فرسان شعر الأغنية الصنعانية بحسب الأقدمية وهم: محمد بن عبد الله شرف الدين، وأحمد الآنسي، وأحمد المفتي.
في القسم الثاني يتناول د.غانم شاعرين من أهم مؤسسي الأغنية اللحجية هما الأمير أحمد العبدلي (القمندان) وعبد الله هادي سبيت، والثالث يتناول عدداً من أهم مؤسسي الأغنية العدنية التي تلت زمنياً الأغنية اللحجية، وهم: الدكتور محمد عبده غانم (والد المؤلف)، وخاله محمد لقمان وأيضاً أستاذ غانم في المدرسة لطفي أمان، وعلي أمان.
أما القسم الرابع فيقتصر على نجم كلمات الأغنية الحضرمية حسين أبو بكر المحضار.
والخامس يحتوي على ملحق يتضمن نبذة عن التجربة الشخصية للدكتور شهاب غانم في مجال الأغنية، وهي التجربة التي بدأت محدودة ولكنها اتسعت بعد أن غنى من قصائده وترجماته عدد من الفنانين الإماراتيين والعرب والأجانب.
* غزل وقصة
في القسم الأول من الكتاب يضيء د.غانم على مجموعة من القصائد التي كتبها 3 شعراء مخضرمين مبتدئا بمحمد بن عبد الله شرف الدين، الذي يقرأ له مجموعة من القصائد ويستهلها بـ(عليك سموني وسمسموني) وتقول كلماتها: عليك سموني وسمسموني/ وبالملامة فيك عذبوني/ وجروا المصحف وحلفوني/ وقصدهم بالنار يحرقوني / حلفت ما أحبك فكذبوني/ وقبل ذا كانوا يصدقوني/ هم يحسبوني أضمرت في يميني/ فقلت الله بينهم وبيني.
وتقف وراء هذه القصيدة الغزلية لمحمد بن عبد الله قصة طريفة - كما ورد في الكتاب: تنسب لأول شاعر زيدي، حيث يقول د. عبد العزيز المقالح عن هذه القصيدة: «وقد روت زوجته أنه كان كلفاً بغادة من ذوات الجمال، وكان يود أن يتزوجها، لكنه لم يتمكن، لأنها كانت لا تزال صغيرة السن، قالت زوجته: فرأيت من شواهد حاله أن قلبه متعلق بها، وكنت أرى ذلك في صفحات وجهه وفلتات لسانه، فلما غلب عليّ الظن، أخذت المصحف واستحلفته فحلف، ونظم بعد ذلك هذه القصيدة».
من جهته يرى د. شهاب غانم أن الشعر الحميني (هو الشعر الشعبي المغنى في جنوب الجزيرة العربية واليمن) أسهم به ابن شرف الدين في الغناء الصنعاني، هو بالغ الأهمية من حيث الكم، وتنبع أهمية هذا الشعر في المقام الأول من ناحية الكيف والجودة التي يحلق بها الشاعر فوق معظم شعراء الحميني في الغناء الصنعاني، إن لم يكن فوقهم كلهم، وبعض الشعراء المجيدين الذين أتوا بعده مثل حيدر آغا، إنما جاؤوا بشعر ممتاز، لأنهم استوحوا أسلوبهم منه، فقد كان يجمع بين اختيار المفردات وصياغة العبارة.
ومن الشعراء الذين يرد ذكرهم في هذا الباب أحمد المفتي، حيث يضيء عليه د.غانم باختيار نماذج من قصائده المغناة مع التركيز على قصيدتين للشاعر، أما الأولى فهي من غناء إبراهيم الماس ومن كلماتها: من ذاق طعم الهوى هانت عليه العظائم/ وذل له واحتكم/ ومن توقع بحب الناهدات النواعم/ صير وجوده عدم/ كيف الخلاص من عيون العين والحب حاكم.. إلى أن يقول: ومن سواد المقل تلك النقوش الطلاسم/ اخطاطها والرقم/ إذا مشت فوق نسج الخز أثر علايم/ فيها وحست ألم.
* نماذج
في مجال الشعر المغنى اللحجي يواصل د.غانم سرد نماذج آسرة من هذا هذا الشعر، ونتوقف عند أحد فرسانه وهو الأمير أحمد فضل العبدلي (القمندان)، ويختار قصيدة له بعنوان (يا حمام الحسيني) ومن كلماتها:
إن هذا الهوى/ في الحشا كم كوى/ ما لقينا دوا/ في ليالي السعود/ يا حمام الحسيني/ حبكم في الشوى / الهجر مش يوا/ في ليالي السعود.
ويسرد غانم قصة هذا الشاعر الذي كان قائدا لجيش لحج، وقد ولد في آواخر القرن التاسع عشر حيث كان القمندان رجلاً شعبياً يخالط الفلاحين، ويقدم لهم الرعاية ويدفع عنهم المظالم، وكان شاعراً وملحناً، أثنى عليه كثير من الملحنين والفنانين، والأغنية التي ذكرت للشاعر هي من أشهر الأغاني كما يؤكد غانم، ولا تزال تطرب الألوف في اليمن وغناها الكثيرون، ومنهم: فضل محمد اللحجي الذي يذكره القمندان في كلمات أغنيته «صادت عيون المها» التي غناها محمد مرشد ناجي المعروف بالمرشدي، فيما بعد ومن كلماتها:
هل أعجبك يوم في شعري غزير المعاني/ وذقت ترتيل آياتي وشاقك بياني/ وهل تأملت يا لحجي كتاب الأغاني/ ولا أنا قط صنعاني ولا أصفهاني.
ويختار د.غانم في مجال القصيدة العدنية المغناة شاعراً مبرزاً هو الدكتور محمد عبده غانم، ومن قصائده «محلا السمر جنبك» وتقول بعض كلماتها:
حرام عليك تقفل الشباك/ والقلب يا صاحبي يهواك/ والعين تنظر وتتمناك/ حرام عليك تقفل الشباك/ إن قلت باصبر عليك يا زين/ ما أقدر على فرقتك يومين/ الصبر ذا سيف أبو حدين/ حرام هليك تقفل الشباك.
وعن هذه القصيدة يقول شهاب غانم: «هذه هي الأبيات الأولى من أول قصيدة باللهجة العدنية للشاعر الدكتور محمد عبده غانم، كتبها لتكون كلمات أغنية لحنها الفنان خليل محمد خليل نحو عام 1949، وعزفها بمشاركة عبده أحمد ميسري (عازف كمان الفرقة) وياسين شوالة، وعبد الله حامد خليفة، ووديع حميدان، وعلي سالم علي ومحمد معتوق مكاوي، وآخرين».. ويسرد المؤلف السيرة العلمية والأدبية لمحمد عبده غانم، الذي اهتم بتطوير الأغنية الأغنية العدنية.
* كلمات
ويختار د. غانم أبرز نموذج للأغنية اليمنية الحضرمية ممثلاً بشاعرها حسين أبوبكر المحضار، صاحب الكلمات الرقيقة الذي انطلق في دنيا الأغنية على أنغام وصوت الفنان الكبير أبو بكر سالم، وتًعد قصيدته (يا رسولي توجه بالسلامة) نموذجاً في هذا الإطار، ونقتطف منها: يا رسولي توجه بالسلامة/ زر صحابي وبلغهم سلامي/ قلهم عاد شي في الوصل حيلة/ ليه إن أوعد وخلفوا المواعيد/ بعدهم ما هني طرفي منامه/ بات ليلي يزعل في منامي.

* اقتباسات
* ابتدع القمندان عدداً كبيراً من الأغاني اللحجية الشهيرة.
* لطفي جعفر أمان هو أشهر من كتب الأغنية العدنية الملحنة.
* أسهم محمد شرف الدين بقسط وافر من الغناء الصنعاني بالغ الأهمية.
* قبل تطور الأغنية العدنية كان إيقاعها يدور في إطار أغنيات الصيادين.
* ظل محمد عبده غانم قريباً في أغنياته من اللغة الفصيحة.
* كان الشاعر لطفي أمان قريباً إلى الشعر التفعيلي منذ بداياته.

أخبار ذات صلة

0 تعليق