رواية «الساحرة في رواق الزاوية» للكاتب الأردني مصعب البدور هي متتالية روائية تجمع بين الفانتازيا وروح الصوفية عبر شهود ثلاثة وكأنها فصول منفصلة متصلة.
ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 160 صفحة من القطع المتوسط، ويبدأ مصعب البدور روايته متتبّعاً أثر الكلمات في حياة الإنسان، ودورها في تغيير مصيره، كما يوازي بين الرسم المُلهَم الذي يعرض مشاهد من أحداث ستدور في المستقبل من خلال أحد الأبطال الرئيسيين في الرواية. يقول مصعب البدور في مقدمة الشهود الأول: «بعض الكاميرات تشوِّه الحقيقة، وبعض الأصوات تكون مزيَّفة، ربما الكلمات وحدها القادرة على المرور من كل الحُجُب، واصفة الحقيقة، فلو عرضتُ لك صورة فتاة صغيرة تعبث بهرة، فلا أعتقد أنك ستصدِّق أنها تسحبها بخيط خفي، تشدُّها من أي مكان كانت فيه، فتاة تستطيع جمع الكائنات والأشباح، والذباب البشري، ثم تبهرك وهي تنثُّ سحرها متطايراً في الهواء، براءة وجهها معقَّدة، فصورتها ستغرُّك بين لذة الطبيعة وبراءة النظرة وبين هالة الحجاب، والحركة الهادئة السريعة».
في الفصل المعنون «علامات» يقول مصعب البدور: «ويسألونك عن فتى تتيه فيه كلمات، فإن قلْتَ: عجيب فهو أعجب، وإن قلتَ: لامع فهو ألمع، إن قلتَ: درويش فهو مريد حدَّ الانجذاب، وإن سألوك عن شعوره فقل فيزياء.
وحدها الفيزياء تحتلُّ مساحة الإيجابية فلا تعترف بالبرودة، وتصرُّ على الحرارة معاندة لغات العالم، وحدها الفيزياء تكرِّس الترند القديم «كل شيء فوق الصفر إنجاز أرأيت مسألة فيزيائية واحدة تقيس قِصَراً!». وفي الشهود الثالث يقول مصعب البدور بنكهة صوفية بادية: «قدح في ذهني كلام شيخي يوم حملوا عبير إلى مرسى سفينتها: يا درويش لكل شيء ظاهر وباطن، ربما يكون الظاهر شرّاً والباطن خيراً، وربما يكون الظاهر خيراً والباطن شرّاً، ألم ترَ الخير في خرق السفينة، والرحمة في قتل الغلام والغنى في إخفاء كنز الأيتام؟ كل ما عليك أن تثق بما اختاره الله».
وقرب النهاية يقول مصعب البدور في لغة مرنة حمَّالة أوجه: «الاستقامة أقصر الطرق إلى كلِّ شيء، والمنحنيات تأخذك بعيداً، وحدها المنعطفات حافلة بالانقلابات، هل سمعت عن مستقيم أخطأ نقطة؟ لكن الدائرة تطوف حول نقطة المركز ولا تدركها، فإن هي قرَّرت أن تلمس المركز خرجت عن كونها دائرة».
صدر لمصعب البدور: «خبت أضواؤها»، مجموعة قصصية، «نقوش في جدران الذاكرة»، مجموعة قصصية.
0 تعليق