الشارقة: عثمان حسن
تنطلق بين 13 و17 ديسمبر / كانون الأول الحالي، في منطقة الكهيف فعاليات الدورة الـ 8 من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هذا المهرجان الذي يشكل حلقة جديدة في منظومة الأنشطة التي تنظمها دائرة الثقافة، ترجمةً لرؤى صاحب السموّ حاكم الشارقة، والهادفة إلى تعزيز مكانة فن المسرح، وترسيخ تداخلاته مع الناس والمجتمع، في كل زمان ومكان، وها هو المهرجان يدشن في هذا العام مسيرة 9 سنوات من النشاط الفني الذي يتخذ من فضاء البادية والصحراء، وسيلة للتطوير الثقافي والمسرحي، حيث الصحراء هنا، تشكل منبعاً لتوالد الحكايات والقصص التي تلبس ثوب القيم والحكمة التي منبعها عباءة التراث والأصالة، حيث التراث هنا، قيمة بحد ذاتها وجزء لا يتجزأ من البعد الثقافي والحضاري لأي أمة من الأمم.
لقد كانت انطلاقة هذا المهرجان في عام 2015 شرارة لإبداعات فنية ومسرحية جديدة غير معهودة في الثقافة المسرحية العربية، وقد شكلت متنفساً خصباً لإبداعات عربية من فضاءات صحراوية خليجية وعربية، متنوعة في أشكالها وأساليبها بعيداً عن الأطر التقليدية للمسرح، أو ما يعرف بـ «العلبة الإيطالية» وأرسى المهرجان عبر هذه السنوات القليلة ما يمكن اعتباره شكلاً جديداً وفريداً من نوعه في الشغل الفني، لم يعهده المشتغلون في المسرح العربي من قبل.
بدأ المهرجان بـ 6 دول عربية، وبدأت وتيرته في التصاعد مع كل دورة جديدة، خاصة مع بدء المهرجان في إرساء قواعد أساسية لتطوير أدواته، خاصة مع حرص إدارة المسرح التابعة لدائرة الثقافة بالشارقة على تنظيم ندوات نقدية، تعقب العروض المسرحية، حرصاً منها على إثراء المهرجان بما يليق به من التمكين المسرحي، مع تنوع المناخات التعبيرية والأدائية التي تمتاز بها عروض الدول المشاركة في دوراته المتعاقبة.
مضامين
حرص القائمون على تنظيم «الشارقة الصحراوي» على تأصيله بما يليق به من النقاشات الفكرية، سعياً لتقديم تجربة مبتكرة تضيف إلى تظاهرة المسرح العربي بمجموعة من الندوات والحوارات التي تناقش مفاهيم عديدة في صلب آليات هذا المسرح الجديد الذي يعتمد -كما أشرنا سابقاً- على فضاء الصحراء، وما يزخر به من أثر ثقافي ملهم، خاصة وأنه فضاء مفتوح على الحكايات والأساطير والأشعار والروايات الشعبية غير المدونة، ناهيك عمّا تختزنه هذه الحكايات والأساطير من مخزون ثقافي يشكل نموذجاً فريداً في رحلة «أبو الفنون» نحو تشكيل هوية عربية ترتكز على التراث الذي هو الأصل، وذلك من خلال فضاء مؤثث بالحركة والاستعراضات والأهازيج والأشعار المقدمة في رداء فني جذاب ومعاصر.
تحرص الشارقة على المشاركة بفعالية في مهرجان الشارقة الصحراوي، ففي الدورة السادسة مــن المهرجان في 2022 افتتحت العروض المسرحية الإماراتية «سلوم العرب» من تأليف سلطان النيادي وإخراج محمد العامري، وقدمتها فرقة مسرح الشارقة الوطني، وفي النسخة الـ 7 منه شاركت فرقة المسرح الوطني بعرضها الافتتاحي «الناموس» تأليف سلطان النيادي وإخراج محمد العامري كذلك، و«الناموس» مفردة دارجة في اللهجة المحلية وتعني الشرف والمكانة الرفيعة التي ينالها الشخص الذي يقوم بعمل استثنائي، وجسدت المسرحية البيئة البدوية الإماراتية وأهمية الدفاع عن الأرض والعرض، من أجل عيش حياة كريمة ومجتمع شعاره العزة والكرامة والفخر، وفي السياق ذاته فقد قدمت العديد من الدول العربية نماذج مسرحية من فضاءات مسرحية متنوعة وهي تجارب شكلت زاداً ثقافياً وفنياً في رصيد المهرجان، وكانت هذه الأعمال مشغولة بعناية من حيث الفضاء المسرحي، وما طرحته من موضوعات وأساليب على صعيدي الشكل والمضمون.
ثراء
وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان يمزج بين مختلف فنون الأداء كالسرد والشعر والاستعراض ومشاركة الخيول، إضافة إلى استخدام مجموعة من العناصر الجمالية أسهمت في توفير فضاء مسرحي مميز وهادف، كما أن هذه التظاهرة الفريدة من نوعها، نجحت وبقوة في تقديم نماذج مهمة وملهمة من ثراء وغنى البيئة الصحراوية العربية على امتداد رقعة لا يستهان بها في آسيا وإفريقيا وصحراء الجزيرة العربية.
تجدر الإشارة إلى أن إدارة المسرح في دائرة الثقافة بالشارقة تعقد في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الأربعاء في قصر الثقافة مؤتمراً صحفياً للإعلان عن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الشارقة الصحراوي.
0 تعليق