هيمنت زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إلى دمشق، في أول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى العاصمة السورية منذ عام 2010، واجتماعه مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، على الحراك السياسي، الذي يشهده البلدان، حيث أكد الطرفان حرصهما على علاقات استراتيجية طويلة الأمد بين لبنان وسوريا تقوم على الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية، بعد عقود من العلاقة الملتبسة بين الطرفين، كما جرى بحث ضبط وتأمين الحدود البرية ومتابعة ترسيم الحدود البرية والبحرية، إلى جانب عدد كبير من الملفات العالقة بين الدولتين، في حين تستضيف السعودية اجتماعاً لوزراء خارجية من الشرق الأوسط وأوروبا، اليوم الأحد، لإجراء محادثات بشأن العملية الانتقالية في سوريا.
أعرب الشرع، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ميقاتي إثر اجتماع موسع، عن تطلع إدارته إلى بناء علاقات «استراتيجية طويلة الأمد» على وقع «مصالح مشتركة كبيرة جداً» بين البلدين، معتبراً أن انتخاب جوزيف عون رئيساً سيخلق «حالة مستقرة في لبنان». ودعا إلى نسيان «ذهنية العلاقة السابقة» بين البلدين وأن «نعطي فرصة للشعبين السوري واللبناني لأن يبنيا علاقة إيجابية في المراحل المقبلة، مبنية على احترام وسيادة» الدولتين، مؤكداً أن بلاده «ستقف على مسافة واحدة من الجميع هناك وسنحاول أن نعالج كل المشاكل من خلال التشاور والحوار».
وقال ميقاتي من جهته إن «ما يجمع بلدينا من روابط تاريخية وحسن جوار وعلاقات وطيدة ندية بين الشعبين هو الأساس الذي يحكم طبيعة التعاون المطلوب من البلدين على الصعد كافة». وأضاف: «من واجبنا أن نفعّل هذه العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والندية والسيادة الوطنية»، مضيفاً أن «سوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وطالما هي بخير، فإن لبنان بخير». واعتبر ميقاتي أن عودة اللاجئين إلى سوريا باتت أمراً «ملحاً لمصلحة البلدين»، مشيراً إلى أنه لمس من الشرع «استعداداً لمعالجة الملف بشكل حاسم وترحيبه بعودة كل مواطن سوري إلى وطنه». وعلى «سلم الأولويات»، وفق ما قال ميقاتي: «ترسيم الحدود البرية والبحرية» بين البلدين، مشيراً إلى توجه لتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الملف في وقت لاحق، بموازاة الاتفاق على المباشرة ب«ضبط كامل للحدود وخاصة النقاط الحدودية غير الشرعية لضبط التهريب».
وقال الشرع من جهته: «هناك الكثير من الأمور العالقة» التي «تحتاج إلى وقت كافٍ حتى ندخل في علاجها» بينها ترسيم الحدود، في حين أن أولوية إدارته في الوقت الراهن منصبة على الوضع الداخلي وفرض الأمن. وذكرت تقارير محلية أن الاجتماع تناول ملفات اللاجئين السوريين في لبنان وعملية دخول المواطنين بين البلدين بعد إيقاف سوريا إجراءات دخول اللبنانيين، إضافة إلى موضوع الأموال السورية المجمدة في لبنان. وكان الوفد اللبناني برئاسة ميقاتي قد ضم كلاً من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.
وفي ختام المباحثات، أعلنت وزارة الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، في بيان، التوصل إلى اتفاق مع بيروت حول استرداد كافة المعتقلين السوريين بالسجون اللبنانية خلال زيارة وفد لبناني لدمشق برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.
وقالت الخارجية: «استقبلنا رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وكان اللقاء إيجابياً تناولنا فيه مواضيع مهمة تصب في صالح البلدين». وأشارت إلى أن «هذه الزيارة تأتي تتويجاً للدور العربي الداعم للشعب السوري على كل الصعد، وتعزيزاً للعلاقات الاستراتيجية بين بلدينا، فسوريا ولبنان جاران، وتربط بينهما أواصر ثقافية واجتماعية، وإن استقرار سوريا سينعكس إيجاباً على لبنان وكذلك الحال بالنسبة للوضع في سوريا». وأكدت أنه «تم الاتفاق على استرداد كافة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، وتأمين الحدود من الجانبين، والتعاون في ملف مكافحة المخدرات. إضافة إلى متابعة قضية العهد المالية المفقودة للسوريين في البنوك اللبنانية، وتشكيل لجان مشتركة على كافة المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية».
من جهة أخرى، وفي لقاء مع قائد الإدارة الانتقالية السورية أحمد الشرع، أكد السفير المتجول بالخارجية العمانية عبد العزيز الهنائي حرص بلاده على تطوير العلاقات مع سوريا ودعمها لخيارات الشعب السوري. وأفادت وكالة «سانا» السورية الرسمية بأن الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني استقبلا، أمس السبت، وفداً عمانياً برئاسة المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان الشيخ عبد العزيز الهنائي في العاصمة دمشق. وحسب بيان للخارجية العمانية، فقد نقل السفير المتجول خلال اللقاء الذي جرى في قصر الشعب بالعاصمة السورية، تحيات السلطان هيثم بن طارق إلى القيادة والشعب السوري، مؤكداً حرص سلطنة عمان على تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين. وجدد السفير «موقف سلطنة عمان الثابت في احترام إرادة الشعب السوري وخياراته الوطنية، ودعم الجهود الدولية والإقليمية التي تساند تطلعات الشعب السوري وتحافظ على وحدة سوريا وسيادتها».
إلى ذلك، قال مسؤول سعودي، أمس السبت: «سيكون هناك اجتماعان اليوم الأحد. الأول بين الدول العربية. والثاني سيشمل الدول العربية ودولاً أخرى» بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وإسبانيا. وقال المسؤول إن المحادثات ستركز «على سوريا بشكل عام» بما في ذلك دعم الإدارة الجديدة ورفع محتمل للعقوبات.
(وكالات)
0 تعليق