الكويت: «الخليج»
أكد تقرير صادر عن «كامكو إنفست» حول أداء أسواق الغاز الطبيعي العالمية في العام 2024، أن إعادة هيكلة إمدادات الغاز الطبيعي العالمية الناتجة عن الصراع الروسي الأوكراني تواصل تأثيرها على سلاسل التوريد العالمية للغاز الطبيعي.
وفيما تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، شهدت الأسواق دخول موردين جدد للغاز الطبيعي المسال بريادة الولايات المتحدة. وتالياً نص التقرير:
الأسعار
كشفت البيانات الصادرة عن البنك الدولي عن ارتفاع متوسط أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في ديسمبر 2024 بنسبة 19.6% على أساس سنوي، ليصل إلى 3.02 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وفي أوروبا، سجلت الأسعار زيادة بنسبة 20.4% خلال نفس الفترة، لتصل الأسعار في المتوسط إلى 13.86 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. في المقابل، تراجعت أسعار الغاز الطبيعي المسال في اليابان بنسبة 11.6%، ليصل المتوسط إلى 12.76 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وأنهى مؤشر الغاز الطبيعي للبنك الدولي تداولات العام على ارتفاع بنسبة 16.9%، ليصل متوسط القراءة إلى 111.2 نقطة، مدفوعاً بارتفاع الطلب على غاز التدفئة نتيجة لموجات البرد الشديدة التي اجتاحت الولايات المتحدة وأوروبا، إلى جانب تعديل إمدادات السوق الأوروبي.
الاستهلاك العالمي
وتشير التقديرات إلى أن الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي شهد ارتفاعاً للعام الثاني على التوالي في العام 2024، مع تسجيل زيادة بنسبة 2.8% على أساس سنوي ليصل إلى 4,212 مليار متر مكعب، مقابل 4,097 مليار متر مكعب في العام 2023، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية.
في المقابل، حقق إنتاج الغاز الطبيعي العالمي نمواً أقل بنسبة 1.4%، ليبلغ 4,191 مليار متر مكعب، مقابل 4,134 مليار متر مكعب العام السابق.
وكانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ المحرك الرئيسي لنمو استهلاك الغاز الطبيعي في العام 2024، إذ استحوذت على نسبة 43.5% من إجمالي الزيادة البالغة 50 مليار متر مكعب في الاستهلاك العالمي، مع مساهمة ملحوظة من الصين التي شكلت وحدها ما نسبته 29% من هذه المكاسب. في المقابل، على الرغم من استقرار التوقعات الإجمالية لاستهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا، شهدت مستويات تخزين الغاز في المنطقة انخفاضاً بأسرع وتيرة منذ ثمانية أعوام قرابة نهاية العام 2024، نتيجة لتضافر عدد من العوامل من أبرزها الانخفاض الحاد في درجات الحرارة وتراجع سرعة الرياح.
إعادة هيكلة الإمدادات
وما زالت إعادة هيكلة إمدادات الغاز الطبيعي العالمية الناتجة عن الصراع الروسي الأوكراني تواصل تأثيرها على سلاسل التوريد العالمية للغاز الطبيعي. وفيما تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، شهدت الأسواق دخول موردين جدد للغاز الطبيعي المسال بريادة الولايات المتحدة. وتشير التقديرات إلى أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية حققت رقماً قياسياً جديداً بلغ 86.9 مليون طن متري في العام 2024 (بزيادة بلغت نسبتها 0.8% عن شحناتها في العام 2023).
ومن المتوقع أن يتم توجيه ما نسبته 50.4% من هذه الصادرات إلى الأسواق الأوروبية. وكانت الولايات المتحدة قد احتفظت بمركزها كأكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي المسال في العام 2023. إلا انه على الرغم من ذلك، استقرت مشتريات أوروبا من الغاز الطبيعي الأمريكي خلال العامين الماضي. وتشير توقعات شركة كبلر إلى إمكانية تراجع واردات اوروبا إلى 43.8 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في العام 2024، مقابل 56.5 مليون طن في العام 2023. وأدى هذا الانخفاض إلى دفع مصدري الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة إلى البحث عن أسواق جديدة.
وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، نما استهلاك الغاز الطبيعي بوتيرة معتدلة بنسبة 5.5% على أساس سنوي، ليصل إلى 956 مليار متر مكعب في العام 2024 مقابل 906 مليار متر مكعب في العام 2023، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. واستحوذت الصين على ما نسبته 45% من استهلاك الغاز الطبيعي في المنطقة، إذ بلغ استهلاكها 426 مليار متر مكعب مقابل 393 مليار متر مكعب في العام السابق. أما في أمريكا الشمالية، فقد ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي بمعدل هامشي بلغت نسبته 1.8% على أساس سنوي في العام 2024، ليبلغ 1,178 مليار متر مكعب مقابل 1,157 مليار متر مكعب في العام 2023. ووصل استهلاك الولايات المتحدة إلى 946 مليار متر مكعب في العام 2024، مقابل 928 مليار متر مكعب في العام 2023.
استهلاك الغاز الطبيعي
في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، شهد الطلب على الغاز الطبيعي نمواً ملحوظاً نتيجة للزيادة القوية لطلب كلا من الصين والهند، بتسجيلهما لمعدلات نمو قوية في العام 2024. وبصفة خاصة، ساهم الجمع بين النمو الاقتصادي السريع وانخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال خلال النصف الأول من العام، بالإضافة إلى موجات الحر واسعة النطاق في المنطقة، في تزايد استهلاك الغاز الطبيعي بصفة عامة. وقد ساهمت عدة عوامل في زيادة استهلاك قطاعي النقل والطاقة في الصين من ضمنها انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال المحلية مقارنة بأسعار الديزل، إلى جانب ارتفاع الطلب على الغاز بسبب موجات الحر طوال فصل الصيف. في المقابل، ظل استهلاك الغاز الطبيعي في اليابان مستقراً خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2024، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وعلى الرغم من تحسن استهلاك الغاز في قطاع توليد الطاقة نتيجة لبرودة الطقس في مارس 2024 وموجة الحر التي اجتاحت المنطقة في فصل الصيف، إلا أن هذا الارتفاع الطفيف تم تعويضه بانخفاض النشاط الصناعي في البلاد بنسبة 2%.
وشهد استهلاك الغاز الطبيعي في منطقة أمريكا الشمالية تحسناً هامشياً قدره 20 مليار متر مكعب في العام 2024، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى الزيادة التي شهدها قطاع تحويل الغاز إلى طاقة. من جهة أخرى، لم يشهد استهلاك الغاز في القطاعين السكني والتجاري تغيراً يذكر خلال العام. وفي الولايات المتحدة، كان الاستهلاك في العام 2024 مدفوعاً بصفة رئيسية بنمو قطاع الطاقة، نتيجة لزيادة استهلاك الكهرباء بسبب موجات الحر التي شهدتها البلاد.
وبالمثل، تحسن استهلاك الغاز الطبيعي في كندا بوتيرة معتدلة خلال العام 2024 بدعم من تزايد الطلب في قطاعي الصناعة والطاقة. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، يقدر استمرار استهلاك الغاز الطبيعي في منطقة أمريكا الشمالية قريباً من مستويات الاستهلاك السنوية الحالية، مدفوعاً بالتوازن بين الاستخدام المتوقع للغاز في القطاعين السكني والتجاري. إلا انه المتوقع أن يتأثر هذا التوازن جزئياً بالانخفاض المرتقب لاستهلاك الغاز في قطاع تحويل الغاز إلى طاقة في المنطقة.
وفي الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، استقر استهلاك الغاز الطبيعي، مسجلاً ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.5% (أي ما يعادل 2.5 مليار متر مكعب) خلال العام 2024. وقد شهد الربع الأول من العام انخفاض استهلاك المنطقة من الغاز نتيجة للظروف الجوية المعتدلة، مما قلل من الطلب على غاز التدفئة خلال تلك الفترة. إلا انه على الرغم من ذلك، تم تعويض هذا الانخفاض بصفة رئيسية من خلال الزيادة القوية التي شهدها الطلب خلال الربع الرابع من العام بدعم من برودة الطقس وتراجع إنتاج طاقة الرياح.
إنتاج الغاز الطبيعي
كان نمو إنتاج الغاز الطبيعي العالمي في العام 2024 مدفوعاً بشكل منفرد بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي الروسي. وبلغت الزيادة الإجمالية للإنتاج العالمي 57 مليار متر مكعب مقارنة بالعام 2023، من ضمنها 44 مليار متر مكعب جاءت من روسيا. إلا أن إنتاج الغاز الروسي ما يزال أقل من مستوياته التي سجلها قبل الحرب، إذ بلغ 762 مليار متر مكعب في العام 2021 مقابل 682 مليار متر مكعب في العام 2022. ويعزى هذا الانخفاض إلى العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية الصراع الروسي الأوكراني، الأمر الذي أدى إلى تراجع صادرات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا. ووفقاً لبيانات شركة الابحاث بروجل، تراجعت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي إلى 54.5 مليار متر مكعب في العام 2023 مقابل 157 مليار متر مكعب في العام 2021. في المقابل، ظل إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة مستقراً في العام 2024 عند 1,060 مليار متر مكعب، بانخفاض هامشي مقارنة بـمستويات العام 2023 البالغة 1,061 مليار متر مكعب. أما في منطقة الشرق الأوسط، فقد شهد إنتاج الغاز الطبيعي نمواً بنسبة 2.2% (16 مليار متر مكعب)، ليصل إلى 741 مليار متر مكعب مقابل 725 مليار متر مكعب في العام السابق.
الاستهلاك الأمريكي
وفي أحدث تقاريرها بعنوان توقعات الطاقة على المدى القصير، توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يشهد استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة زيادة بنسبة 1.1% في العام 2025 مقارنة بالعام 2024، ليصل إلى 91.0 مليار قدم مكعب يومياً (ما يعادل 2.57 مليار متر مكعب يومياً)، مما يعكس توقعات باستقرار مستويات الطلب. كما أشارت التقديرات إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي المسوق في الولايات المتحدة سيصل إلى 105.0 مليار قدم مكعب يومياً (ما يعادل 3.0 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2025، بزيادة بلغت نسبتها 1.9% عن مستويات العام 2024. وعلى صعيد القطاعات، من المتوقع أن تنخفض مساهمة الغاز الطبيعي نحو قطاع توليد الكهرباء الأمريكي من نسبة 43% في العام 2024 إلى نسبة 41% في العام 2025. أما فيما يتعلق بأسعار الغاز الطبيعي، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يصل متوسط سعر عقود هنري هاب الفورية للغاز الطبيعي إلى نحو 3.10 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في العام 2025، وإلى 4.0 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في العام 2026، على خلفية زيادة الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال.
ومن المتوقع أن تحقق صافي صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال نمواً ملحوظاً بنسبة 25% في العام 2025، لتصل إلى 15.0 مليار قدم مكعب يومياً (ما يعادل 0.42 مليار متر مكعب يومياً). ويعزى هذا النمو إلى دخول منشأتين جديدتين لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وهما لمنشأة بلاكماينز Plaquemines ومحطة كوربوس كريستي المرحلة الثالثة Corpus Christi Stage 3، حيز التشغيل في ديسمبر 2024.
كما أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية ستواصل نموها لتتجاوز 15 مليار قدم مكعب يومياً (0.42 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2025، وتصل إلى 16 مليار قدم مكعب يومياً (0.53 مليار متر مكعب يومياً) بحلول العام 2026. ومن المتوقع أن تساهم الطاقة الانتاجية لمنشأة جولدن باس، والتي من المقرر أن تبدأ التشغيل في منتصف العام 2026، في تعزيز القدرات التصديرية الإضافية للولايات المتحدة، مما يدعم استمرار نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال على المدى المتوسط.
دول مجلس التعاون الخليجي
في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، انخفض إنتاج الغاز الطبيعي في قطر بنسبة 2% على أساس سنوي خلال العام 2024، نتيجة لتراجع الاستهلاك المحلي بالتزامن مع التوسع السريع في استخدام الطاقة الشمسية الكهروضوئية. وكانت قطر قد أعلنت سابقاً خططها لإنتاج ما نسبته 30% من احتياجاتها من الطاقة عبر المصادر الشمسية بحلول العام 2030، كجزء من استراتيجيتها للتحول نحو الطاقة النظيفة.
وفي سياق التغيرات التي طرأت على إمدادات الغاز الطبيعي المسال عالمياً، عززت قطر تنويع قاعدة عملائها بتوقيع عقود طويلة الأجل مع شركاء جدد وقائمين. ففي الربع الثالث من العام 2024، أبرمت قطر اتفاقية طويلة الأجل مع الكويت تمتد إلى 15 عاماً، لتزويد الأخيرة بثلاثة مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى محطة الزور للغاز الطبيعي المسال.
ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يظل إنتاج الغاز الطبيعي في قطر ثابتاً خلال العام 2025، إذ لن يبدأ العمل في أي مشروع توسعة رئيسي قبل العام 2026. وعلى الجانب الآخر، نما إنتاج السعودية من الغاز الطبيعي بنسبة 2% في العام 2024، مدفوعاً بإضافة إنتاج من مشروع توسعة محطة الغاز في الحوية. ومن المتوقع أن يواصل إنتاج الغاز في المملكة نموه بنسبة 4% خلال العام 2025، مع بدء التشغيل الفعلي للمرحلة الأولى (من المرحلة الأولى من برنامج تطوير الجافورة ومشروع تناجيب).
0 تعليق