أسلحة الليزر في مواجهة «المسيرات».. لمن الغلبة؟ - ستاد العرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
في الوقت الذي تبحث الجيوش الكبرى عن وسائل أكثر فاعلية لإسقاط الطائرات بدون طيار (المسيرات)، فقد برز استخدام أسلحة الليزر في هذا المجال، رغم رفضه منذ فترة طويلة، لكن ذلك لم يصل إلى مرحلة التغلب على المشاكل التقنية المتعلقة بهذه الأنواع من الأسلحة، والتي بدأ بالفعل استخدامها في ظل البحث عن تقنية أقل تكلفة لمواجهة المسيرات.
ولفترة طويلة كان الخبراء العسكريون ينظرون إلى أسلحة الليزر باعتبارها خيالاً علمياً أكثر من كونها واقعاً عملياً، وذلك على شاكلة سلسلة أفلام حرب النجوم، ولكن في وقت سابق من هذا العام، أعلن الجيش الأمريكي استخدام الليزر لإسقاط مسيرات مفخخة في الشرق الأوسط، وذلك بعد عقود من التطوير المكلف في هذا المجال.
ولم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة، بل تزايدت الدول التي تستخدم الليزر في هذا المجال ومن بينها بريطانيا، وكوريا الجنوبية التي أعلنت أنها سخرت هذه التكنولوجيا للاستخدام العسكري، وكذلك إسرائيل التي كشفت عن بعض تقنياتها في هذا المجال، لكنها قالت إنها لن تدخل إلى العمل حتى العام المقبل.
فعالية أسلحة الليزر
ورغم أنه من المرجح استخدام الليزر بشكل محدود في العمليات العسكرية في المستقبل المنظور؛ بسبب احتياجاته الكبيرة من الطاقة، ومداه المحدود، ومشاكل الطقس السيّئ، لكن الجيوش تقول إن الأسلحة الجديدة يمكن أن تكون وسيلة فعالة لإسقاط الطائرات بدون طيار، وهي مهمة رئيسية في الوقت الذي يبحثون فيه عن طرق أرخص لمواجهة انتشار المسيرات في القتال، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
وعن تقنية عمل هذه الأسلحة، يكشف الخبراء العسكريون أنها تطلق أشعة ضوئية عالية التركيز توفر حرارة شديدة لهدفها تنتقل بسرعة الضوء، لتدمير المحركات وخزانات الوقود والإلكترونيات والأجزاء الرئيسية الأخرى للهدف، وهو الطائرات المسيرة، أو يمكن استخدامها لتضليل أجهزة الاستشعار والكاميرات الخاصة بها أو تعميها.
ويقول مساعد وزير الجيش الأمريكي للمقتنيات واللوجستيات والتكنولوجيا دوج بوش: «إن القول المأثور القديم بأن الليزر كان على بعد سنوات من اعتباره مذهلاً بدأ يتغير»، ويوضح: «ربما تكون أجهزة الليزر المستخدمة في الحرب ضد الطائرات بدون طيار قد حققت لحظتها».
ويشير هذا التصريح إلى أن الولايات المتحدة نجحت في نشر أشعة الليزر في أماكن مختلفة في الشرق الأوسط لإسقاط الطائرات بدون طيار، وفقاً لبوش. رغم نفي الجيش الأمريكي الكشف عن تفاصيل هذه العمليات.
واكتسبت أسلحة الليزر العسكرية شعبية في السنوات الأخيرة؛ بسبب التقدم التكنولوجي، والحاجة المتزايدة للعثور على أسلحة أكثر فاعلية من حيث التكلفة وسط التهديد المتزايد من الطائرات بدون طيار.
وتأتي الحاجة إلى هذه التكولوجيا الجديدة، بالنظر إلى أنه عادة ما تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإسقاط طائرات بدون طيار منخفضة التكلفة بصواريخ يمكن أن تكلف مئات الآلاف من الدولارات للواحدة منها، لكن تشغيل الليزر أرخص، فالطاقة هي التكلفة الرئيسية، ولا تنفد ذخيرته بشرط وجود مصدر للطاقة.
وعلى سبيل المثال، فإن المملكة المتحدة تقول، إن تكلفة تشغيل ليزر سلاح DragonFire أقل من 13 دولاراً للطلقة، وذلك بعد كشفها عن هذا السلاح وسط ضجة كبيرة في وقت سابق من هذا العام؛ حيث أشادت بقدرته على إصابة هدف بحجم عملة معدنية من مسافة كيلومتر واحد.
خيارات إضافية
وتستكشف الجيوش أيضاً خيارات جديدة أخرى لمواجهة الطائرات بدون طيار، بما في ذلك أجهزة الموجات الدقيقة عالية الطاقة التي يمكنها تعطيل أو حتى تشويش الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالتهديدات الجوية.
ومنذ ابتكره الفيزيائيون في ستينيات القرن الماضي، بدأت جيوش متقدمة مثل الولايات المتحدة في تجربة استخدام الليزر لأغراض عسكرية. وعلى مدى العقدين الماضيين، كانت جربت البحرية الأمريكية مجموعة من الأنظمة المختلفة من دون استخدام أيٍّ منها في القتال العادي.
وفي أواخر التسعينيات، قامت القوات الجوية الأمريكية وشركة بوينغ ببناء ليزر يبلغ وزنه 12000 رطل، وتم تركيبه في طائرة 747. وكان الهدف ممّا يسمى بالليزر المحمول جواً هو إسقاط الطائرات والصواريخ التي تكون على بعد مئات الأميال، لكنه واجه مشاكل عديدة.
ويكشف سوبراتا غوشروي، الخبير في تكنولوجيا الليزر الذي قدّم في عام 1997 تقريراً نقدياً عن المشروع إلى لجنة بالكونجرس، أن أحد التحديات كان توليد الكمية الهائلة من الطاقة اللازمة لإنتاج شعاع قوي لمسافات طويلة. وقال، إن أيّ عيب في العدسات التي يمررها الليزر من شأنه أن يشوّه الشعاع أيضاً. وتمّ إلغاء مشروع Airborne Laser بعد عقد من الزمن بتكلفة بلغت حوالي 6 مليارات دولار. ومنذ ذلك الحين، تحسّنت تكنولوجيا الليزر، مما جعلها أكثر قابلية للتطبيق بالنسبة للجيوش.
ويقول بول جراي، المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في شركة QinetiQ، وهي شركة بريطانية ساعدت في تطوير سلاح DragonFire، إن أحد التطورات المهمة كان استخدام ليزر الألياف الذي طورته صناعة الاتصالات لأول مرة.
وتعمل «ليزرات الألياف» على تضخيم الضوء وتركيزه من مئات الخيوط إلى شعاع واحد. وغالباً ما اعتمدت الأنظمة السابقة على مواد كيميائية أو غازات لتوليد أشعة الليزر.
وأصبحت الأنظمة أيضاً أكثر إحكاماً، وفي مسابقة لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار نظمها الجيش الكندي في وقت سابق من هذا العام، قال المسؤولون، إنهم اندهشوا من صغر حجم أجهزة الليزر المعروضة.
وقال اللفتنانت كولونيل هانز بالجيش الكندي، إنه قبل عقد من الزمن، كان صانعو الليزر قد ظهروا بمولدات طاقة ضخمة، لكن الفائز في المسابقة هو جهاز ليزر من شركة AIM Defense الأسترالية، والذي استخدم مولداً بحجم خزانة الملفات.
وعلى الرغم من الإنجازات الحديثة، لا يزال الليزر يعاني من العديد من القيود نفسها، كما يقول خبراء، فإن بعض الدول تفاخرت بقدرات الليزر التي لم يتم نشرها بعد.
تجارب عملية
وروّجت إسرائيل منذ فترة طويلة لأسلحة الليزر ذات الشعاع الحديدي، لكن الشركة المصنعة تقول، إنه من غير المقرر أن يبدأ تشغيل النظام حتى نهاية عام 2025.
وعلى المدى القريب، من غير المرجّح أن تتمكن أسلحة الليزر من الدفاع ضد هذا النوع من الهجمات الصاروخية الإسرائيلية التي واجهتها مؤخراً، نظراً لأن الصواريخ تسير بسرعات عالية وأسلحة الليزر ذات مدى قصير.
كما قالت روسيا، إنها استخدمت نظام الليزر الخاص بها في أوكرانيا؛ لضرب أهداف على بعد 3 أميال. لكن أوكرانيا تقول، إنها لم ترَ دليلاً على ذلك.
وما زالت الولايات المتحدة تنفق حوالي مليار دولار سنوياً على تطوير أسلحة الليزر وغيرها من أسلحة الطاقة الموجهة، وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومية.
وقد نشرت البحرية الأمريكية بالفعل ليزراً من صنع شركة لوكهيد مارتن على مدمرة، بينما قالت البحرية الملكية البريطانية، إنها تخطط لاستخدام سلاح DragonFire في عام 2027، أي قبل خمس سنوات من الموعد المقرر في البداية. بينما يجري العمل على مجموعة من الأنظمة الأخرى، بما في ذلك الليزر الذي يمكنه توفير أكثر من 300 كيلووات من الطاقة.
كما قامت الولايات المتحدة بوضع اثنين يمكن تركيبهما على المركبات في الشرق الأوسط، أحدهما قادر على إطلاق حزم بقدرة 50 كيلووات، وتم تركيبه على مركبة ثقيلة، بينما يتم تجربة نظام آخر بقدرة 20 كيلووات على مركبات أخف وزناً.
ويعدّ إبقاء كميات كبيرة من الطاقة مركزة على هدف ما هو المشكلة منذ فترة طويلة، فعادة ما تبعث أنظمة الليزر الكثير من الحرارة، حيث تفقد بعض الأنظمة ما يصل إلى 75% من الطاقة التي تولّدها، ويؤدي امتصاص تلك الحرارة أو نقلها إلى جعل الليزر أقل قدرة على الحركة.
وكافح الجيش الأمريكي لدمج نظامه بقدرة 50 كيلووات في السيارة، وبغض النظر عن تبديد الحرارة، فإن المركبات المجهزة بالليزر تعاني من المزيد من التآكل عند التحرك، حسبما قال مسؤول للجنة الفرعية للقوات المسلحة بمجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا العام.
كما يتطلب ليزر DragonFire البريطاني مولداً كبيراً جداً بحيث يتم وضعه في حاوية بحجم 20 قدماً، ويجب وضعه على سفينة أو شاحنة. وفي حين أن شركة AIM Defense الأسترالية قامت بتصنيع سلاح ليزر مدمج، فإنه يطلق النار على مسافة أقل من ميل. ومثل هذا المدى القصير لن يترك هامشاً كبيراً للخطأ عند الدفاع ضد هجوم سريع بطائرة بدون طيار.
ومع ذلك، قد تكون المشكلة الأكبر التي يواجهها الليزر هي الطقس. ويقول الخبراء، إن أي مطر أو سحابة أو غبار أو رياح أو اضطراب يمكن أن يمتصّ الشعاع ويبعثره.
وعندما اختبرت كوريا الجنوبية الليزر ضد مجموعة من الطائرات بدون طيار في يوليو/تموز، فشل النظام في تحديد وتتبع أحد الأهداف على الفور عند ظهور السحب. وقال أحد المسؤولين في ذلك الوقت، إن أداء الليزر يتدهور في الأحوال الجوية السيئة. لكن شركة QinetiQ قالت، إن الطقس مثل الرياح القوية يمكن أن يؤثر أيضاً على دقة الأسلحة التقليدية، وإن تكنولوجيا الليزر ستستمر في التحسن، لافتة إلى أن: «الطائرات بدون طيار هي أداء مبدئي للتكنولوجيا».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق