بيروت: «الخليج»، وكالات
اشتعلت المواجهات والمعارك الضارية عند الحدود الجنوبية للبنان، أمس الأربعاء، وسط محاولات إسرائيلية متكررة للتوغل البري دون أن تنجح في إحداث خرق في العمق الجنوبي، وتحدثت التقارير عن اشتباكات دارت وجهاً لوجه، مشيرة إلى تكبد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة، فيما تجددت الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد توقف لأسبوع بطلب أمريكي، وتكثفت هذه الغارات في مختلف أنحاء الجنوب والبقاع، واقترفت خلالها إسرائيل مجزرة في مدينة النبطية، ما دفع لبنان إلى تقديم شكوى جديدة ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي. وبموازاة ذلك، دعا القادة الروحيون للطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان، خلال قمة عقدوها في مقر البطريرك الماروني في بكركي، مجلس الأمن للانعقاد «فوراً» من أجل اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، ووقف المجزرة الإنسانية بحق لبنان، فيما دعت دول الاتحاد الأوروبي المشاركة في يونيفيل إلى ممارسة «أقصى ضغط» على إسرائيل لتجنب حوادث جديدة، في وقت شددت فيه مصر على أن انقسام الموقف الأوروبي بشأن غزة ولبنان يبعث برسائل خاطئة لإسرائيل والمنطقة.
وكثّفت إسرائيل ضرباتها على لبنان، أمس الأربعاء، مستهدفة مجدداً ضاحية بيروت الجنوبية بعد أيام من تحييدها، ومدينة النبطية في جنوب لبنان. واستهدفت غارة جوية صباحاً منطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية بعيد توجيه الجيش الإسرائيلي نداء لإخلائها، وزعم لاحقاً أنه ضرب مخزن «أسلحة استراتيجية» تابعاً ل«حزب الله». وفي جنوب لبنان، نفّذت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على مدينة النبطية، استهدفت إحداها مبنيين تابعين لبلدية النبطية واتحاد بلديات محافظة النبطية، ما تسبّب في مقتل 16 شخصا، بينهم رئيس البلدية أحمد كحيل. وقالت محافظة النبطية هويدا الترك «طالت 11 غارة إسرائيلية بشكل رئيسي مدينة النبطية، مشكّلة ما يشبه حزاماً نارياً»، مشيرة إلى مقتل رئيس بلدية المدينة مع عدد من فريق عمله. وأدعى الجيش الإسرائيلي أن قواته البحرية ضربت عشرات الأهداف الأخرى «بالتنسيق مع القوات البرية».
وندّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بالغارات الإسرائيلية التي قال إنها استهدفت عن «قصد» اجتماعاً للمجلس البلدي في المدينة. وقال ميقاتي في بيان إنه يدين «العدوان الإسرائيلي الجديد على المدنيين في مدينة النبطية والذي استهدف قصداً اجتماعاً للمجلس البلدي للبحث في وضع المدينة الخدمي والإغاثي». كما قتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب 54 بجروح في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة قانا في جنوب لبنان، كما ذكرت وزارة الصحة اللبنانية.
وأعلن «حزب الله» أن مقاتليه يخوضون اشتباكات عنيفة مع قوات إسرائيلية في محيط بلدة القوزح من مسافة صفر بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة، وأدت المواجهة إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية، مضيفا أنه «ما زالت الاشتباكات مستمرة». كما أعلن الحزب استهداف دبابة إسرائيلية في محيط بلدة راميا الحدودية اللبنانية «بصاروخ موجه»، بعدما أكد خلال الليل الماضي أنه قصف مدينة صفد الواقعة في شمال إسرائيل برشقة صاروخية. وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أن اثنين من مسعفيه أصيبا بجروح، أمس الأربعاء، أثناء مهمة إنقاذ منسقة مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، في منطقة جويا التي كانت تتعرض لغارات إسرائيلية.
ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 50 مقذوفاً أطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل فجر الأربعاء، وسط تقارير عن إصابة أربعة إسرائيليين في بلدة مجد الكروم القريبة من كرمئيل شمال إسرائيل.
في غضون ذلك، تقدم لبنان بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان خلال الفترة من 3 حتى 14 الجاري، طالب فيها بإدانة العدوان الإسرائيلي، والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 من خلال الوقف الفوري للأعمال العدائية، والانسحاب فوراً من الأراضي اللبنانية كافة.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة الإيطالية، أمس الأربعاء، أن الدول ال16 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المشاركة في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل» تريد «ممارسة أقصى قدر من الضغط على المستويين السياسي والدبلوماسي على إسرائيل» لتجنب «حوادث جديدة». وفي ختام مؤتمر عبر الفيديو ضم وزراء دفاع هذه الدول، نشرت وزارة الدفاع الإيطالية بياناً أكدت فيه «رغبتهم المشتركة في ممارسة أقصى قدر من الضغط على المستويين السياسي والدبلوماسي على إسرائيل لتجنب وقوع حوادث جديدة». ومن المقرر أن تجتمع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني يوم الجمعة مع عاهل الأردن في العقبة ومع رئيس الوزراء اللبناني في بيروت.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أمس الأربعاء إن الانقسام في مواقف الدول الأوروبية بشأن الصراع في غزة ولبنان يبعث برسائل خاطئة إلى إسرائيل والمنطقة، مضيفاً أنه من غير المقبول أن تستمر الانقسامات.