وفي خضم ذلك التدفق العظيم تنشأ الأسئلة باحثةً عن الإجابات قد يكون أقربها:
كيف يمكن لتلك الجموع القادمة من أصقاع المعمورة أن تجد الراحة والطمأنينة في رحلة يتخللها التحدي والمشقة؟
هنا يأتي الابتكار، ليس كأداة تقنية صماء، بل كجسر حقيقي بين تطلعات الحاج وواقع الخدمات المقدمة. وعلى سبيل المثال لذلك استيعاب إثراء الضيافة هذه الحقيقة، التي انطلقت في رحلة الابتكار لتعيد صياغة تجربة الحاج بروح حديثة ومتجددة. ومن خلال إقامة مؤتمر ومعرض الحج 2025، ظهرت رؤيتها واضحة كوضوح الشمس لما سيحدث في صعيد عرفات من تقديم خدمات تُصمم بقلب يفهم احتياجات الحاج، وعقل يقف على الحلول الراضية المرضية للحاج، فعلى سبيل المثال مشروع إثراء الفاخر، الذي يتجاوز كونه مجموعة من الخيام إلى كونه منظومة متكاملة تسهم في إحداث الراحة والعناية معاً، بحيث لا تكون خياماً للإقامة كما كان يحدث خلال السنوات الماضية، بل تحولت إلى منظومة يستشعر فيها الحاج القيمة الروحية والمكانية له، وبأنه ضيف مُكرّم، فالمكان تم تصميمه تصميماً عصريّاً لم يخل بالجوانب الروحية للمكان، أما عن الابتكار البيئي، فتمثلها مبادرة مليون عبوة، التي تُعبّر بصدق عن التزام الشركة بالمساهمة في الحفاظ على الأرض الطاهرة. وتمكّن الحاج من استيعاب أن كل عبوة يتناولها ما هي إلا خطوة إضافية نحو تقليل الأثر البيئي. فهي ليست مجرد عبوة، بل رمز لرؤية شاملة تُكرّس الاستدامة كجزء من تجربة الحج، وهو الوعي الذي يجب أن يغرس في ذهنية القادمين إلى المشاعر المقدسة.
إن رحلة تحسين تجربة الحاج ليست هدفاً بعيد المنال، بل مسؤولية تستمر في تطورها مع كل موسم. وبلادنا برؤيتها الطموحة تُثبت أن الابتكار ليس رفاهية، بل وسيلة لتقديم تجربة حج تجعل كل لحظة فيها درباً من الطمأنينة والسلام.
وليس غريباً القول: إن الابتكار في خدمات الحجاج هو رسالة إنسانية تقدمها المملكة بجميع إمكاناتها؛ لتأكيد أن رحلة الحج ليست مجرد عبادة، بل تجربة حياة كاملة، تعبّر فيها المملكة عن احترامها لضيوف الرحمن واهتمامها بجميع تفاصيل احتياجاتهم.
0 تعليق